توازن الحياة

كلنا نعلم أننا لم نُخلق في هذه الدنيا عبثاً، بل وُجدنا لتحقيق هدفين أساسين أولهما عبادة الخالق عز وجل وثانيهما عمارة الأرض التي نعيش عليها وننهل من خيراتها، وهذان المسعيان قد لا يتحققان على الصورة الصحيحة اللازمة إلا بسد الحاجات الضرورية عند كل إنسان، فالحاجات الضرورية تتمثل في مجالات محددة هي الحاجات الروحية والنفسية والعقلية والاجتماعية والمالية والصحية، إذاً سدك لحاجتك الروحية يعني أن تصلح علاقتك مع خالقك وتتم العبادات بنوعيها القلبي والجارحي، فتخاف من ربك.. تحبه.. تطلب منه المعونة.. تصلي.. تتصدق.. وتحسن في عباداتك.

والحاجة النفسية عند الإنسان هي اهتمامه بنفسه ومهاراته وتطويرها ومن ثم تؤدي لتوازن أفعاله وتصرفاته، فتكون له القدرة على ضبط أعصابه والتحكم في قلقه وتوتره، إن تلك الضرورة الأخيرة لا تنفك عن الضرورة العقلية التي تعني ازدياد الفرد في العلم والمعرفة، وذلك يتحقق عن طريق العديد من الوسائل إما بالقراءة أو الحوار مع مجموعة في موضوع ما أو الانضمام لدورات تدريبية بالإضافة إلى مشاهدة البرامج الثقافية والاستماع لها، أما حاجتنا الاجتماعية فهي أن يكون للإنسان عدد من العلاقات بمختلف المستويات، وإلا كيف سيعيش كلٌ منا بمعزل عن الآخر؟!، بالنسبة للحاجتين المالية والصحية فباعتقادي أنهما لا تخفيان على أحد، فاهتمامنا بالمال هو حسن تدبير المدخول الشهري والمدخرات الحياتية، والعناية بالصحة هي الاهتمام بالعافية والصحة الجسدية من تنظيم نوعية الأكل والاكتراث بالمشاكل العضوية.

إن الحاجات لا تقتصر على تلك السابقة فحسب بل تتوسع دائرتها وتشمل الحاجات التحسينية، فنحتاج لأمور تكمل حاجاتنا الضرورية لنرفه عن أنفسنا بالضحك والفكاهة المعقولتين أو بالسفر والحفلات العائلية وتجمع الأصدقاء.. إلى آخره من الوسائل المباحة شرعاً والمقبولة عرفاً، كما حصل في موقف المجتمع الكويتي مع انقطاع الكهرباء فتارة كنا نضحك على الحدث ونخفف من قوة وطأته علينا وتارة أخرى كنا متأملين لما وراءه مستشعرين حقيقة النعم.

عندما يسد كل منا حاجاته يكون قد حقق التوازن فيها، فبهذا التوازن الذاتي نحرز الإحسان للنفس وللغير، وبالتالي سيسهل علينا التعامل مع مستجدات الحياة أو مع الأشخاص المزعجين، لأنك ستكون ثابتاً عند المحكات والمواقف الحرجة، فلا تقلل من أهمية حاجاتك، ولا تهتم بإحداها دون الأخرى، لأن توازنها يعني نجاحك.

jasmine_m_alj @