تعليق عضوية الضاهر في كتلة «المستقبل» عكس الاعتدال الحاسم للحريري
انطلاق الخطة الأمنية للبقاع اللبناني بجدّية مشوبة بفرار «الرؤوس الكبيرة»
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
05:39 ص
أشاع بدء تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع الشمالي، بعد طول كلام وتوقّعات في شأنها، أجواء ارتياح في لبنان الى جدية الاتجاه نحو ضبط هذه المنطقة الشديدة الحساسيات أمنياً واجتماعياً والتي غالباً ما كانت فوضى العوامل المتداخلة فيها تؤثر تأثيراً خطيراً على المواجهة التي يخوضها الجيش اللبناني مع التنظيمات الإرهابية في جرود هذه المنطقة الواسعة والمعقدة جغرافياً.
واكتسب انطلاق الخطة فجر أمس، طابعاً جدياً للغاية، وبدا الإصرار على هذا التوقيت بمثابة رسالة عسكرية واضحة الى سائر الجهات بأن عوامل الطقس الرديء لم تبدّل الساعة الصفر التي حُددت لانطلاق الخطة التي بدأت وسط تراكم الثلوج واستمرار العاصفة القوية التي تضرب لبنان منذ يومين. كما ان عامل الجدية الذي يشير الى متانة القرار السياسي الذي تحظى به الخطة، برز من خلال بدء تنفيذها بمحاصرة بلدتيْ بريتال وحورتعلا والشروع في عمليات دهم فيهما بحثاً عن مطلوبين للعدالة من كبار رؤوس المهرّبين او المتهَمين بعمليات خطف أشخاص بقصد الحصول على فدية او متورّطين في أعمال ارهابية.
ومع ذلك، فان هذا الجانب من الخطة والنتائج التي قد تفضي اليها، بدا عرضة للشكوك في ظل حديث عن ان تأخير انطلاق الخطة أتاح للكثير من المطلوبين الكبار الفرار قبل بدء تنفيذها، حتى ان بعض المعطيات التي جرى تداولها في الساعات التي سبقت بدء الانتشار العسكري والأمني للوحدات المشتركة فيها، ذهب الى التلميح بأن كلاً من «حزب الله» وحركة «أمل»، وهما القوتان المعنيتان بالمنطقة، قد يكونان ساهما في دفع مطلوبين الى التواري نظراً الى الإحراج والإشكالات التي يرتّبها عليهما تسليم عدد من المطلوبين الى القوى الشرعية بفعل تَداخُل نفوذ كل
منهما مع العشائر والعائلات التي ينتمي اليها هؤلاء المطلوبون.
ولكن مجمل هذه العوامل أضحت امام اختبار جديد في المنطقة البقاعية التي يفترض ان تشهد خطة مختلفة عن سوابق عدة، حصلت في الماضي البعيد والقريب. اذ ان الفارق هذه المرّة يتمثل بخطورة تداخُل الواقع الأمني الداخلي والاجتماعي للبقاع الشمالي مع الواقع العسكري على حدود المنطقة مع سورية.
وذكرت مصادر وزارية معنية بتنفيذ الخطة الأمنية لـ «الراي» ان «ثمة أجواء في المنطقة المشمولة بهذه الخطة تشجّع على تفهُّم أكبر وأوسع للحزم الذي ستتسم به في ظلّ ما تعرضت له المنطقة من محاولات اختراق على أيدي التنظيمات الارهابية في الأشهر الأخيرة بدءاً من جرود عرسال ومروراً بجرود بريتال وصولاً الى جرود رأس بعلبك والتي كان الجيش يتكبد معها في كل معركة عدداً من الشهداء، كما كانت المنطقة تقف عند حدود خطر كبير لاختراقها من جانب الارهابيين».
وأشارت المصادر الى ان «ما يمكن تأكيده الآن هو ان ثمة قراراً سياسياً كبيراً من جانب الحكومة مجتمعة بالدرجة الأولى وفريقيْ الحوار اي «تيار المستقبل» و»حزب الله» بالدرجة الثانية حيال وضع حدّ نهائي للفوضى الأمنية في منطقة البقاع الشمالي بما سيفتح الطريق عاجلاً ام آجلاً نحو توسيع إطار الخطة الى مناطق أخرى حيوية مثل الضاحية الجنوبية لبيروت».
ولفتت المصادر نفسها الى «أهمية توقيت الخطة من زاويتين أمنية وسياسية. فمن الناحية الأمنية سيشكل انتشار الوحدات المشتركة من الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام نموذجاً متقدماً عن انخراط سائر القوى المسلحة الشرعية في هذه التجربة بما يساعد الجيش على التفرغ أكثر للمواجهة مع الارهاب بعد تمتين الجبهة الداخلية وأخذ القوى الأمنية الأخرى حيزاً مهماً من أعباء حماية هذه الجبهة، ولو ان الإمرة الأساسية ستبقى للجيش. اما من الناحية السياسية، فان انطلاق الخطة امس، سيترك أجواء مريحة على المستوى الوطني العام عشية إحياء الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري غدا، اذ تعطي الخطة الأمنية في البقاع الانطباع الحسي عن توازن الخطوات التي تتصل بتنفيس الاحتقانات المذهبية فلا تبقى مقتصرة على مناطق ذات غالبية سنية. وهو امر يكتسب دلالة بارزة وخصوصاً بعد إقدام (كتلة المستقبل) البرلمانية مرة جديدة على إثبات جدية حازمة في رفض التطرف من خلال خروج النائب خالد الضاهر من صفوفها تحت عنوان تعليق عضويته
بسبب إصرار الرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة عليه بوجوب الاعتذار عن تصريحاته
التي استفزّت المسيحيين بخصوص إزالة تمثال يسوع الملك في حال رفع لفظة (الجلالة) من مستديرة النور في طرابلس». علماً ان تقارير اشارت امس، الى ان الضاهر سلّم الى «المستقبل» سيارتين مصفحتين ورجال أمن كان التيار خصصهم له.
وتفيد المصادر ان «الأيام القليلة المقبلة سترسم معالم المشهد السياسي الذي يواكب هذه الخطوات وذلك من خلال الكلمة التي سيلقيها الرئيس سعد الحريري في الاحتفال الذي يقيمه (تيار المستقبل) غداً في مجمع البيال اولاً، ومن ثم الكلمة المرتقبة ايضاً للامين العام لـ (حزب الله) السيد حسن نصرالله، في ذكرى قادة الحزب، الإثنين المقبل».
ولفتت المصادر في هذا السياق، الى انه «يصعب الجزم سلباً او ايجاباً بإمكان حضور الرئيس الحريري الى لبنان كما يتردد، اذ ان هذا القرار يخضع لقرار الحريري وحده في اللحظة الأخيرة، ولا يتبلغه حتى أقرب المقرّبين منه».