إزالة الصور والشعارات الحزبية والدينية بدأت بنجاح

لبنان يتقدّم على خط «التطبيع السياسي» وسط قلق أمني

1 يناير 1970 05:34 ص
بدأت، امس، في المدن الثلاث الرئيسية في لبنان بيروت وطرابلس وصيدا حملة واسعة لإزالة الملصقات والشعارات الدينية والحزبية وصور القادة السياسيين والدينيين، في تجربةٍ يراد لها ان تشكل عاملاً دافعاً للتخفيف من الاحتكاكات والاحتقانات ذات الطابع المذهبي.

وانطلقت هذه الحملة بدفْع من المناخ الذي أرساه الحوار الجاري بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» والذي عُقدت جولته الخامسة قبل ثلاثة أيام، مُثْبتةً ان القرار السياسي للفريقيْن باستمرار الحوار، تجاوز أخطر «قطوع» مرّ به منذ بدئه، اذ كانت هناك مخاوف من إمكان توقّفه بعد تطورات الاسبوعين الاخيرين والتداعيات التي أثارها خطاب الأمين العام لـ «الحزب الله» السيد حسن نصرالله قبل أسبوع عن سقوط «قواعد الاشتباك» مع اسرائيل وما رافق اطلالته من إطلاق رصاص وقذائف صاروخية أرعبت سكان بيروت.

ووضعت أوساط مواكبة للحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» عبر «الراي» حملة ازالة الشعارات والصور، في إطار خطوات العمل على تطبيع الاستقرار وإسقاط ما أمكن من عوامل الاحتكاكات التي غالباً ما كانت تتسبب بمشكلات تتخذ بسرعة طابع النزاع المذهبي، علماً ان هذه الحملة لن تكفي وحدها بطبيعة الحال لتحقيق الأهداف التي يجمع عليها فريقا الحوار، مع حركة «أمل» ايضاً، ولكنها ستشكل رسالة حسية الى صدقية السعي المشترك الى تحصين الاستقرار الداخلي.

وبدت هذه الأوساط على اقتناع بأن صلابة القرار السياسي في اعتماد خطوات، قد تبدو لكثيرين متواضعة، أمام حجم التحديات الأمنية التي تواجه البلاد، سيؤدي تباعاً الى إشاعة مناخ من الثقة التدريجية، ما يسمح بالدفع لاحقاً نحو تنفيذ الخطة الأمنية وتوسيعها في مناطق أثير حولها جدل واسع، مثل البقاع الشمالي تحديداً، التي تقول المصادر نفسها انها موضوعة على نار هادئة ومدروسة.

وفي أي حال، تشير المعطيات التي أعقبت جولة الحوار الخامسة الى ان الواقع الداخلي يُقبِل على مزيد من الانشداد الى الناحية الأمنية خصوصاً، في ظل وقائع ميدانية تجري في مناطق سورية متاخمة للحدود اللبنانية، ما يستوجب مزيداً من التحسب العسكري والسياسي، لإمكان تعرُّض مناطق لبنانية لمحاولات اختراق او تسلّل من جانب التنظيمات الارهابية.

واستوقفت أوساط معنية بهذا الأمر مجموعة تطورات حصلت اخيراً ومن أبرزها نشوب معارك عنيفة في منطقة الزبداني بين قوات النظام السوري والتنظيمات والفصائل المعارضة، الأمر الذي يشكل نذير خطر وتحسُّب للبنان نظراً الى ما يثار من احتمالاتٍ في حال تفاقم الوضع هناك، باعتبار ان اي تغيير ميداني لمصلحة ايّ من الفريقين، سيضع الجبهة الواسعة الممتدة من الزبداني الى الجولان، امام وقائع خطيرة بالنسبة الى المناطق اللبنانية المتاخمة على الحدود الشرقية، وتحديداً مناطق البقاع الاوسط، وكذلك منطقة شبعا.

وبدا لافتاً ان الجيش اللبناني طلب إزالة مخيمات النازحين في مناطق معينة من البقاع الاوسط، خشية استخدامها ملاذاً للتنظيمات الارهابية في محاولاتٍ متصلة بسعي هؤلاء الى فتح جبهة جديدة لوصْل القلمون بالزبداني، ما يشكل حصاراً للنظام يضيّق على دمشق، وهو الامر الذي يشكل خطراً على مناطق في البقاع الاوسط حيث اتخذ الجيش احتياطات مشددة.

ولفتت المصادر نفسها الى ان ما أدلى به احد القادة العسكريين الأميركيين امام لجنة فرعية في الكونغرس الاميركي، اول من امس، من رصد الاستخبارات الاميركية لزيادة نشاط جبهة «النصرة» في لبنان، شكّل بدوره دليلاً على تركيز عيون الأميركيين على الجبهة اللبنانية، نظراً لخطورة التطورات التي حصلت اخيراً بين اسرائيل و«حزب الله» من جهة، وتزايُد التحركات الارهابية في الداخل اللبناني من جهة اخرى.

وتقول المصادر ان احتدام الغضب العالمي حيال الجريمة الوحشية التي ارتكبها تنظيم «داعش» بحرْق الطيار الأردني معاذ الكساسبة أدى الى واقع جديد يحمل في وجه منه ملامح ايجابية، وفي وجه آخر مخاطر إضافية بالنسبة الى دول الجوار لسورية ومن بينها لبنان. فمن الناحية الإيجابية ثمة معطيات تؤكد ان الدول الكبرى المعنية بالحملة العسكرية على تنظيم «داعش»، ستضاعف جهودها، وضغوطها المتنوعة لمنع التنظيم من أي توسيع لسيطرته على اي بلد آخر من بينها الاْردن ولبنان. اما في الوجه السلبي فان الحرب المستعرة والمرشحة لمزيد من الاحتدام سترسم ظلال أخطار اضافية على مجمل دول المنطقة، ما لم تقترن بخطط سريعة لاحتواء خطر «داعش».

وفي كلا الحالين يجد لبنان نفسه معنياً بالتحسب لكل الاحتمالات عند مطالع مرحلة شديدة التوهج من الحرب مع الإرهاب، نظراً الى انخراطه القسري فيها، سواء عبر المتغيرات الميدانية المحتملة على الحدود الشرقية، او عبر أزمة مخطوفيه العسكريين لدى «داعش» و«جبهة النصرة» والتي لم يُسجَّل فيها اي تقدم يُذكَر منذ مدة طويلة.

الموفد الفرنسي يبحث في بيروت الملف الرئاسي مع «حزب الله» وآخرين



| بيروت - «الراي» |

لم تحمل زيارة مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية جان - فرنسوا جيرو لبيروت ايّ اشارات تَبدُّل في مناخ الجمود الذي يسود ملف الانتخابات الرئاسية التي تدور منذ 25 مايو الماضي في «حلقة مفرغة».

وعلمت «الراي» ان مداولات الموفد الفرنسي مع المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم بدت «تذكيرية» في ما خصّ الملف الرئاسي، ومحاولة من باريس للقول ان لبنان «غير متروك»، وهو ما تجلى في ان جيرو لم يحمل معه اي مبادرة لكسْر المراوحة في دائرة المأزق، بل لفت حرْصه على تأكيد اولوية الاستقرار في لبنان في انتظار نضوج الظروف الملائمة لتحقيق اختراق في الانتخابات الرئاسية.

وقد حرص الموفد الفرنسي على إبلاغ مَن التقاهم بوجوب العمل لإنجاز الانتخابات الرئاسية عبر توافُق داخلي لأن لا اجواء اقليمية مساعِدة حتى الساعة، في اشارة الى ان الأفق الخارجي ما زال مسدوداً وان وحدها «معجزة» لبنانية يمكن ان تفصل هذه الأزمة عن «الاشتباك» في المنطقة.

وعكست محادثات جيرو، الذي التقى العديد من الشخصيات السياسية على مقلبيْ 8 و 14 آذار بينها مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» عمار الموسوي، وجود محاولة للبناء على الحوار المسيحي - المسيحي بين «التيار الوطني الحر» بقيادة العماد ميشال عون وحزب «القوات اللبنانية» برئاسة الدكتور سمير جعجع الى جانب حوار «المستقبل» - «حزب الله»، وذلك في اطار السعي الى ايجاد دينامية داخلية تسمح بالإفراج عن الاستحقاق الرئاسي، وسط اقتناع اوساط مطلعة ان دون ذلك صعوبات جمة تبدأ بتمسك عون بالوصول الى سدة الرئاسة ورفْض البحث عن مرشح توافقي ووصولاً الى استحالة قفْز الافرقاء المسلمين فوق المكوّن المسيحي، اولاً لاعتبارات «الشراكة الوطنية»، وثانياً لاستفادة أطراف اقليميين من هذا المناخ «الانتظاري» لتوظيف الورقة اللبنانية في لعبة الصراع الكبير في المنطقة على النفوذ و... النووي.