بعد 6 سنوات من النقاش في الفكرة محلياً!

الإمارات تطلق أول «صانع سوق» ... والكويت تبحث في «جنس الملائكة»!

1 يناير 1970 05:56 ص
• الحوطي: السوق الكويتي فقد ريادته الخليجية... والجهات الرقابية لا تراعي أهمية الوقت

• المكتوم: «صانع السوق» يحد من الاعتماد على السيولة المضاربية ويبرز الأسهم التشغيلية

• «الأوبشن» والسندات والصكوك وغيرها من المشتقات المالية قادرة على استقطاب السيولة

• «ناسداك» قدّمت إلى هيئة الأسواق دراسة شاملة عن «مزوّد السيولة» ولم يتضح موقفها بعد
بعد ست سنوات من طرح فكرة «صانع السوق» أو «مزوّد السيولة» في بورصة الكويت، أطلقت الإمارات أول صانع سوق رسمي في بورصة أبوظبي، فيما لا تزال الكويت تبحث في «جنس الملائكة»!

وأعلن بنك أبوظبي الوطني رسمياً أمس البدء بممارسة نشاط صانع السوق على عدد من الأسهم في سوق أبوظبي للأوراق المالية، ليصبح أول صانع رسمي للسوق في منطقة الخليج عامة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي يخضع فيه مقترح «ناسداك» المُقدم الى هيئة أسواق المال الكويتية قبل فترة للبحث والنقاش، من دون مؤشرات إلى قرب اتخاذ قرار في هذا الشأن.

وسبق أن طُرحت الفكرة في الكويت منذ سنوات، وتقدّمت أكثر من مجموعة استثماريّة بتصوراتها، وأبدى بعضها استعداداً للقيام بهذا الدور، كما ساهم اتحاد الشركات الاستثمارية بإبداء الرأي، وقُدّمت تصورات أخرى كثيرة في الموضوع نفسه من العديد من اللجان والجهات المعنية بمعالجة أزمة السيولة في السوق الكويتي، وليس آخرها لجنة التحوّل الكلّي.

وبحسب البطء الواضح في اتخاذ القرار يبدو ان سوق الكويت للاوراق المالية سيظل يُعاني «آفة التأخر» في إصدار التوجيهات الداعمة للبيئة الاستثمارية لزمن طويل، إلا أن جانباً لا يُستهان به من الاوساط الاستثمارية لا يزال يستبشر خيراً بالتشكيلة الحالية لمجلس مفوضي هيئة أسواق المال برئاسة الدكتور نايف الحجرف لتغيير هذه النظرة، لاسيما في ظل الانفتاح الذي يعمل به.

وكانت الدراسة المرفوعة من «ناسداك» إلى هيئة أسواق المال قد تناولت إمكانية عمل صناع السوق او مزودي السيولة من خلال رخص تخضع للمراقبة الدائمة من قبل الجهات المعنية، فيما اقترحت حزمة من الشروط والاستثناءات التي تنظم عملها لمواجهة الهبوطات الحادة التي تُعاني منها المؤشرات العامة للبورصة إضافة الى التأثير المبالغ فيه للمضاربات العشوائية.

وعلق الخبير الاستثماري وليد الحوطي على الخطوة الجيدة لسوق أبو ظبي بالقول: «نحن بحاجة الى مثل هذه الادوات لدعم السوق الكويتي، نأسف لما آلت إليه التحركات الرقابية على سوق المال، إنهم لا يراعون عنصر الوقت وأهميته».

واضاف الحوطي: «إن القطاع الخاص هو من سيتحمل التكلفة في النهاية، سواء كانت تلك التكلفة مالية أو معنوية، وذلك في ظل ما آلت إليه اوضاع البورصة، لافتاً الى أن السوق الكويتي فقد قيادته لمنطقة الخليج، كما كان، ولا بد أن نعي ذلك جيداً ونعترف به، من أجل الوقوف على الأسباب التي دعت إلى ذلك ومن ثم مواجهتها».

واوضح ان الكويت بها خبرات مالية واستثمارية كبيرة، إلا انها تحتاج الى قواعد ومعايير واقعية تخدم السوق وقطاعاته، من الصعب أن نخلط بين الدور الرقابي والمهمة التنظيمية، نحن بحاجة الى بحث متجرد من أي تأثيرات أخرى لتصب نتائجه في سوق المال.

وأشار الحوطي الى أن صناع السوق وُجدت خلال فترات سابقة، إلا أنها كانت تقتصر على أسهم المجموعات، واليوم بات السوق بحاجة الى مثل هذه الأدوات التي تساعد القطاعات والأسهم التشغيلية على النهوض من جديد، مبيناً أن البورصة الكويتية بحاجة الى صانع السوق أكثر من سوق أبو ظبي وغيره من الاسواق، لكن الامر يتوقف على القرار وسرعته!

واكد أن عنصر السيولة متوافر في الكويت، لكنه يفتقد الثقة، وصناعة السوق أو مزود السيولة سيكون أحد الأسباب الرئيسية لعودة الثقة مرة أخرى.

افتقار

وبدوره، قال مدير قطاع الصناديق الاستثمارية في شركة الاستثمارات الوطنية مثنى المكتوم: «كلما نظرنا الى أسواق المال العالمية والاقليمية الكُبرى نتأكد أن البورصة تفتقر الى الأدوات الاستثمارية الجيدة، مثل صانع السوق او مزود السيولة لإيجاد تعاملات صحية بدلاً من الاعتماد على السيولة الساخنة التي تتجه فقط الى المضاربات السريعة على الاسهم التي لا يتوافر لديها نموذج عمل واضح».

وذكر المكتوم أن سوق الكويت للأورا ق المالية بات يحتل المرتبة الخامسة خليجياً على مستوى القيمة السوقية ومعدلات التداول اليومي، وذلك بعد أن كان قائداً لأسواق المال الى جانب السوق السعودي، لافتاً الى أن السوق بحاجة الى تشريعات تنظيمية قادرة على جذب واستقطاب رؤوس الاموال وتشجيع الاوساط الاستثمارية للعودة الى الأسهم الكويتية من جديد.

وقال: «نسمع عن دراسات قُدمت الى الجهات الرقابية، لكننا لن نرى نتيجة لها، مطالباً بالبحث ووضع الآليات المناسبة لمثل هذه الادوات على غرار ما هو معمول به في أسواق المال العالمية، فيما اشار الى أن القرار الذي اتخذته الجهات المسؤولة في بورصة أبو ظبي سيكون له أثره الجيد على وتيرة التداول هناك، ولا بد أن نكون سباقين في طرح الأدوات الشبيهة خلال الفترة المقبلة.

وأعرب عن أمله في إتاحة المجال لعدد كبير من الكيانات المالية للقيام بهذا الدور وفقاً لشروط فنية، فهناك شركات تشغيلية جيدة بحاجة لمن يسلط الضوء عليها، منوهاً الى أن شريحة كبيرة من أصحاب المحافظ تبحث عن الاستثمار الآمن وليس المضاربي، ولعل صانع السوق أحد العوامل التي ستساعد على توفير هذه الفرص.

وبين المكتوم ان هناك أدوات أخرى يحتاجها السوق منها الأوبشن والسندات والصكوك وغيرها من المشتقات المالية الأخرى التي ستزيد من فرص استقطاب السيولة الى الكويت.

وفي سياق متصل، وجه مسؤول في واحدة من شركات الاستثمار القيادية الاتهام الى هيئة أسواق لمال باعتبارها سبباً في ما آلت إليه اوضاع السوق والتعاملات اليومية من سوء، لافتاً الى أن البورصة الكويتية هي الوحيدة خليجياً التي ما زالت تُعاني الازمة المالية وتداعياتها، والدليل على ذلك ان المؤشرات قريبة من مستويات الازمة وأسعار الأسهم أيضاً.

وقال:«البورصة لن تعود إليها الحياة بلا صانع سوق يساعد في ضبط الشكل العام للتداولات اليومية، خصوصاً على مستوى الاسهم التشغيلية، وليس هناك ضرر أن توكل مثل هذه المهام الى كيانات متخصصة وفق شروط واضحة».

واضاف أن هناك مجموعات كبيرة كانت تنشط على أسهمها عبر العرض والطلب ما زاد معها السيولة المتداولة خلال فترات سابقة، إلا أن الاطر التي أقرتها الهيئة والعمل على رصد «النوايا كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير»، وأشار الى أن هناك عدداً من المواد في قانون الهيئة بحاجة الى تعديل او إعادة صياغة، موجهاً الحديث الى مجلس الامة الذي ستوضع التعديلات بين يديه لمراعاتها والاخذ بآراء المتخصصين قبل الصياغة النهائية للمواد الخلافية.

وبين أهيمة أن تراعي التعديلات إفساح المجال للأدوات الاستثمارية الجديدة لتزويد السيولة وتوفير فرص استثمارية آمنة.