نحن نلاحظ اليوم وجود الكثير من التناقضات في سلوكيات كثير من أفراد المجتمع، كما نلاحظ انخفاض مستوى حماسة كثيرين منهم للقيم التي يؤمنون بها، ويفترض أن الفرد في مجتمعه لا يملك أي خيار تجاه كثير من القيم الإيجابية والسلبية، إذ أن عليه أن يؤدي واجباته تجاه بلده، ويحترم النظام القائم فيه، وعليه أن يمتنع عن مخالفة الأنظمة والقوانين.
والحقيقة التي لا تخفى على أحد أن كثيراً من أفراد المجتمع لم ينالوا من التنشئة الصالحة والعناية الجيدة التي تجعلهم يتعرفون على كثير من القيم الإسلامية، وهذا ما يجعلهم يتداولون لكثير من المبادئ والأحكام والأخلاق بلون المجتمع، ويصبغونه بصباغ من وعيهم وفهمهم للشريعة، وقد يكون هذ الفهم سقيماً وعليلاً أو تشوبه شائبة، وقد قال ابن الجوزي - رحمه الله: «وفي زماننا من لو جلدته حتى يفطر في رمضان ما أفطر، ولو جلدته حتى يصلي ما صلى»!
اعتقد أن السبيل الوحيد لسد الهوة والفجوة بين ما نعتقد ونقول وبين ما نفعل، هو العمل على إيجاد تعبئة روحية شاملة، فالتيار الشهواني الجارف الذي يجتاح العالم من أدناه إلى أقصاه، ومشقات العيش، وتحديات الحياة الجديدة. كل ذلك لا يمكن مواجهته من خلال طرح المزيد من الأفكار، وإنما من خلال إيجاد تيار روحي قوي يوفر وقوداً روحياً كافيا لتوليد ومجابهة الشرور والرغبات غير المشروعة.
إن الذي يتأمل في خطط التنمية وفي كتابات كثير من المسؤولين والمتخصصين يجد الكثير من التنظير الجميل، ويتضح مع الأيام أن ذلك التنظير ظل أشبه بخريطة ترشدنا إلى السير في طريق طويل ممل يصعب فيه تحقيق ما كتب من تنظير على أرض الواقع.
نحن في حاجة إلى دورات تدريبية في تعميق معنى القيم والمبادئ والأخلاقيات المستقاة من الشرع، كما أننا بحاجة إلى تأسيس وتقعيد معنى تزكية النفس وتألق الروح من خلال المربين والمعلمين وكل مسؤول، حتى يقدر الفرد قيمة الالتزام تجاه نفسه وبلده، ويؤدي واجباته دون تكاسل أو تقصير، ويثبت حبه لوطنه بتطابق أقواله وأفعاله بما يعتقد من مبادئ وقناعات وأخلاقيات.
[email protected]mona_alwohaib@