حامل راية الكويت لإرساء الدولة العصرية
صباح الأحمد ... رجل الديبلوماسية كرّمته «الأمم» أميراً للإنسانية
1 يناير 1970
06:58 ص
• تطويع الاقتصاد ليكون في خدمة القضايا والمبادئ العادلة المثلى كويتياً وعالمياً
• سموه أرسى نهجاً متكاملاً متفرّداً عبر ثلاثية الديبلوماسية السياسية والاقتصادية والإنسانية
كونا - يُحيي الكويتيون اليوم الذكرى التاسعة لتولي سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم، مواصلاً سموه حمل أمانة الكويت وشعبها، والعمل من أجلها لتكون دولة عصرية ورائدة في المنطقة والعالم.
ففي الـ29 من شهر يناير عام 2006 أدى سموه اليمين الدستورية في مجلس الامة أميرا للبلاد، ليكون الحاكم الخامس عشر للكويت، وفقا لنص المادة (60) من الدستور الصادر في 11 نوفمبر عام 1962، وليمضي الخطى قدما الى الأمام في مسيرة التقدم والازدهار.
وفي ذلك اليوم الأغر وعد سموه الشعب الكويتي في كلمة ألقاها، عقب أداء اليمين الدستورية بحمل الامانة وتولي المسؤولية، والتأكيد على العمل من أجل الكويت وشعبها، داعياً سموه الجميع الى العمل من أجل جعل الكويت دولة عصرية حديثة مزودة بالعلم والمعرفة، يسودها التعاون والاخاء والمحبة، ويتمتع أهلها بالمساواة في الحقوق والواجبات، مع التشديد على المحافظة على الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير.
وناشد سموه المواطنين في تلك الكلمة أن يضعوا مصلحة الوطن، قبل مصلحتهم وأن يتجاهلوا منافعهم الذاتية في سبيل منفعة الجميع، وأن يحترموا القانون والنظام ويحرصوا على مصلحة الوطن وممتلكاته وانجازاته.
وتزخر مسيرة سمو أمير البلاد بتاريخ حافل بالعمل السياسي والاداري والشأن العام. فقد تقلد منذ عام 1954 العديد من المناصب التي أكسبته خبرات عديدة ساهمت في صقل رؤيته لشؤون البلاد، كما أن خبرته في الشأن السياسي لنحو 60 عاما، جعلت سموه أحد أبرز الشخصيات الكويتية ليتربع على قمة الديبلوماسية الكويتية منذ نهاية شهر يناير عام 1963.
وبدأ سموه رحلة العمل في الشأن العام في التاسع من يوليو عام 1954، عندما تم تعيينه عضوا في اللجنة التنفيذية العليا التي عهد اليها تنظيم الدوائر الحكومية، ووضع الخطط ومتابعة تنفيذها وفي عام 1959 عين سموه رئيساً لدائرتي المطبوعات والشؤون الاجتماعية. ومع مطلع عام 1962، تم تعيينه عضوا في المجلس التأسيسي الذي عهد إليه مهمة وضع دستور دولة الكويت.
وحمل الشيخ صباح الاحمد عدة حقائب وزارية أولها حقيبة وزارة الارشاد والانباء عام 1962، ومن ثم حقيبة وزارة الخارجية عام 1963، وتولى سموه منصب وزير المالية والنفط بالوكالة، اضافة الى حقيبة وزارة الخارجية عام 1965، ثم وزيرا للاعلام بالوكالة عام 1971، و وزيرا للداخلية بالوكالة عام 1978 ومن ثم وزيرا للاعلام بالوكالة عام 1981.
وتولى سموه بعد ذلك منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير للخارجية منذ الوزارة العاشرة عام 1978 الى الوزارة الـ14 عام 1990 بعدها أصبح النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية منذ الوزارة الـ16 عام 1992 وحتى الوزارة الـ20 عام 2001. وفي فترة الغزو العراقي للكويت عام 1990 برزت الجهود الديبلوماسية والسياسية لسمو الشيخ صباح الاحمد في مختلف دول العالم، ووقوف المجتمع الدولي مع الحق الكويتي، ما ساهم في عودة الوطن الى أبنائه.
وفي عام 2003 تم تعيين سمو الشيخ صباح الاحمد رئيسا لمجلس الوزراء، وتم تكليف سموه بترشيح اعضاء الوزارة الجديدة، بناء على الامر الاميري للأمير الراحل الشيخ جابر الاحمد طيب الله ثراه.
ومنذ توليه مقاليد الحكم قاد سموه الكويت بحنكة وحكمة مستندتين الى خبرة طويلة عبر ديبلوماسية ذات طراز نادر، وسط الصراعات والمتغيرات العالمية والاقليمية. وقام سموه ببناء علاقات الكويت الخارجية وترسيخها في شتى المجالات.
ونظرا الى خبرته في الشأن السياسي وحنكته في التعامل مع الأزمات، لم يكن غريبا أن يعتبر سمو الشيخ صباح الاحمد أمير الديبلوماسية ورجل السياسة الخارجية الاول، لما يملكه من منهجية ورؤى واضحتين رسم من خلالها مستقبل هذا الوطن، وقام ببناء جسر من العلاقات القوية و المتينة مع دول العالم والمنطقة.
وتميز سموه بالمهارة في قيادة أصعب الاحداث بحنكة وحكمة وعلى سبيل المثال دور سموه الحيوي والفعال في رأب الصدع وتهدئة النفوس ولم الشمل الخليجي في اجتماع الرياض الذي عقد في 16 نوفمبر الماضي.
وأجرى سموه في 1 يونيو من العام الماضي زيارة مهمة الى ايران هي الأولى لسموه منذ توليه الحكم وشكلت تلك الزيارة لبنة اضافية رسخت العلاقات الثنائية بين البلدين وتحقيق الاستقرار في المنطقة. وشهدت هذه الزيارة ابرام ست اتفاقيات ومذكرات تفاهم تتعلق بالشؤون الجمركية وتنظيم الخدمات الجوية والشباب و الرياضة والسياحة وحماية البيئة والتنمية المستدامة اضافة الى محضر تبادل وثائق التصديق على اتفاقية التعاون في المجال الامني.
وفي عودة الى الديبلوماسية التي أرساها سموه، نرى أن الديبلوماسية الكويتية التي حمل لواءها سموه منذ بواكيرها الأولى تمضي بخطوات ثابتة قدما الى الامام حتى أضحت نهجا متكاملا متفردا عبر ثلاثية الديبلوماسية السياسية والاقتصادية والانسانية.
وتستند هذه التجربة الى ثوابت الكويت ومبادئها الداعمة لحقوق الانسان وميثاق الامم المتحدة، تشهد لها مسيرة زاخرة امتدت أكثر من نصف قرن تخللها العديد من المحطات المفصلية على صعيد السياسة العالمية والاقليمية، كانت الكويت دائما سباقة الى تصدرها وفق عنوان أساسه المصداقية.
وفضلا عن الديبلوماسية السياسية التي تتميز بها الكويت فقد انفردت عن غيرها بمبدأ الديبلوماسية الاقتصادية الذي أطلقه سمو أمير البلاد، كمفهوم جديد في عالم الديبلوماسية العالمية بمعنى تطويع الاقتصاد ودوره المهم، ليكون في خدمة القضايا والمبادئ العادلة المثلى كويتيا وعالميا.
ولعل أبلغ ما يتمثل ذلك في ما يقوم به الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية من جهود جابت العالم كله من خلال المساعدات والقروض والمنح استفادت منها نحو 200 دولة وعشرات المؤسسات والصناديق التنموية تخطت قيمتها الـ18 مليار دولار منذ نشأته قبل نصف قرن تقريبا.
وشهد التاسع من سبتمبر الماضي محطة تاريخية في ما يمكن اعتباره مفهوما ديبلوماسيا جديدا، أطلقته دولة الكويت هو الديبلوماسية الانسانية في رسالة غايتها الانسان واغاثته أينما وجد، تطبيقا لمبادئها قولا وفعلا، وهو اليوم الذي كرمت فيه الامم المتحدة سموه قائدا للعمل الانساني والكويت مركزا للعمل الانساني، مكللا مسيرة الكويت قولا وفعلا في تحقيق رسالتها الانسانية.
وجاء ذلك ايضا استنادا الى المساعي المبذولة في التعامل مع القضايا الانسانية، ولاسيما حيال سورية والدول المجاورة لها، الى جانب استضافة الكويت مؤتمري المانحين الاول والثاني للتخفيف من معاناة الشعب السوري واستعدادها لاستضافة المؤتمر الثالث للمانحين نهاية مارس المقبل.
كما تصدرت الكويت دول العالم بحجم التبرعات لدعم الوضع الانساني في سورية حين تبرعت بمبلغ 300 مليون دولار في مؤتمر المانحين الاول و500 مليون دولار في المؤتمر الثاني كما امر سموه في 5 يناير من العام نفسه، بالتبرع بمبلغ 5 ملايين دولار لإنشاء قرية للنازحين السوريين في مخيم الزعتري بالأردن.