بوح صريح

لغة الصمت

1 يناير 1970 12:56 م
نشرت القدس العربي كاريكاتيرا مثيرا يصور لعبة كراسي يمارسها المسؤول/ الحكومة/الرئيس/المدير على مستوى الدولة والعمل والمجتمع والحياة. يأتي الجديد ليركل القديم وهكذا تدور رحى الحياة وتحول المجتمعات وتبدل الأحوال. والشعوب تتفرج، تتأمل مصيرها بصمت بعد أن تحولت لقطيع مخدر مغيّب كنتيجة للسياسة والميديا الفاسدة المزيفة المتلونة. أليس هذا هو واقع الحال في المجتمعات العربية وغيرها. أليست هذه هي حقيقة الروتين المتكرر الذي نشهده يوميا ولا نملك الا التأمل والتفرج ومصائرنا تذوي وتذوب وهي تتشكل كما الصفقات تدار خلف الأبواب المغلقة والاجتماعات السرية. بينما تتبدد الثروات وتجمد التنمية وتتعفن عجلات التطور وتتآكل معاول التحضر والتغيير. ويضيع مستقبل أبنائنا وأبنائهم ونحن ساكتين نتفرج بصمت. حتى صار الصمت لغتنا وعدم الاستجابة رداءنا والجمود سلوكنا المعاش يوما بعد يوم.

فكل مسؤول نستبشر خيرا لتوليه منصبا ما، يتناسى مسؤوليته الأخلاقية ومهامه المنصوص عليه. وكل رئيس يجلس على الكرسي ينهمك بمصالحه الشخصية وتعميه الأنانية والغرور عن بصيرته وحكمته. ونجده يستفيد بدل أن يفيد. لتزيد خيبتنا وتكبر مساحة احباطاتنا. ونستمد املا جديدا بمسؤول آخر وهكذا تعبر بنا الحياة من مرحلة لأخرى. هل اصبح العدل من الأحلام. فكلما قلّ العدل قلّت معه فرص الاستقرار وتقلصت مساحات المساواة والكرامة. هل اصبح تطبيق القانون سرابا؟ من ينقذ الوطن من الغرق. وما السبيل لصحوة الضمير واستعادة شجاعة الفرسان في قول الحق وشيوعه ومحاربة الفساد فرديا وجماعيا ولفظيا وسلوكيا ومجتمعيا وانسانيا.

تطبيق الأخلاق ليس مجانيا ومن دونه تصبح الأوطان لقمة سائغة امام السراق والحرامية والتجار الفاسدين. متى ندرك ومتى نستوعب مسؤولياتنا كمواطنين كفاعلين ومجتهدين ومبدعين ومفكرين؟ نرى الفساد ولا نصلحه. نعرف الفاسد ولا يمكننا امساك الدليل عليه ومحاسبته. وهل يظن هؤلاء انهم سلموا من شرورهم؟ انهم جهلة لا يدركون سوء التقدير وجهل العافية وسوء المنقلب. فهناك اليد التي تبني وتلك التي تهدم. وهناك القلب الذي يعطي والآخر الذي يأخذ. فالفرق شاسع بين فكر رهين الشخصانية وكلمة رهينة عبودية المال والسلطة وبين خلق سامٍ حر يطير بأجنحة الصدق والاخلاص والوطنية. والله المستعان.