| د. تركي العازمي |
وكيل وزارة التجارة والصناعة المساعد لشؤون الرقابة وحماية المستهلك في تصريح لـ «كونا» يوم 19 يناير 2015 قال «وزارة التجارة تلقت خلال العام الماضي نحو 24 ألف بلاغ وشكوى واتصال هاتفي وأغلقت 110 محلات تجارية وتمت إحالة 1896 محضرا إلى النيابة» !
كلام جميل قرأته وبعد متابعة تعليقات البعض على مقال خطأ...تنظيم «الإعلام الإلكتروني» الذي نشر يوم الثلاثاء الماضي قمت على الفور بكتابة مقال بعنوان بلاغ من «التجارة»: لماذا ؟
لأن تلقي التجارة 24 ألف بلاغ خلاف ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي و ما يعاني منه المستهلك البسيط يعد بمثابة بلاغ من التجارة بأنها بحاجة إلى مساعدة لفهم أسباب ارتفاع الأسعار...كيف ؟
مسألة ارتفاع الأسعار ليست لحظية بسبب زيادة سعر الديزل والكيروسين...إنها زيادة طرأت بعد ارتفاع أسعار النفط قبل أعوام مضت وبالتالي ينبغي أن ننتظر بلاغا من التجارة يوضح لنا السبب في عدم عودة الأسعار لما كانت عليه.
المسألة سهلة جدا جدا جدا ومنطقية...فلو قامت حماية المستهلك بمتابعة كل شكوى تردها وبشفافية وقامت باستدعاء الجهات التي رفعت أسعارها وطالبتها بالعودة للسعر السابق في حينه لما تراكمت الشكاوى.
نحن الشعب الوحيد الذي يعاني من ارتفاع الأسعار في حين الوضع في الأسواق المجاورة وفي العالم بوجه عام بادرت في خفض الأسعار بعد هبوط سعر برميل النفط و إن تحدثنا ومن باب الناصحين «زعلوا» أحبتنا.
لماذا «الزعل» ؟...نحن أنعم الله علينا بصحافة رأي حرة نوعا ما نسبة وتناسبا ورغم هذه الحرية يريدوننا ألا نوجه النقد البناء !
تأملوا بارك الله فيكم في قول الفاروق عمر بن الخطاب «إذا أصبت فأعينوني، وإذا أخطأت فقوموني»، فقال بشر بن سعد: والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا، فرد قائلا: «الحمد لله الذي جعل في أمة محمد من يُقوِّم عمرَ بسيفه، وقال: لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير في إن لم أسمعها»!
لذلك نحن نقولها من باب النصيحة لأنه من غير المعقول أن تلتهم الأسعار المرتفعة جيوب البسطاء ممن لا حول ولا قوة لهم سوى «التحلطم» ونلتزم الصمت!
ولو أن البسطاء فقط هم من يتقن سلوك «التحلطم» لتقبلنا الأمر، لكن، هناك «تحلطم» من نوع آخر يدخل فيه شتى أنواع المصالح الضيقة والمحسوبيات!
إن انتقدنا «زعلوا» و إن أشدنا ببعض الإنجازات «عصبوا» وتبدأ بعدها بتأويلات ما أنزل بها من سلطان والأدهى والأمر أن الحال يتجاوز هذا الحد لتفسير عبارة لك في غير محلها!
ما عليه...هذه سنَّة الحياة والاختلاف أمر محمود لكن الدخول في محاسبة النوايا أمر مذموم شرعا وعرفا.
الأسعار مرتفعة وإغلاق 110 محلات ليس بالحل الناجع...نحن نريد أن نرى فاسدا واحدا تتم محاكمته كي يكون عبرة لغيره.
وحتى أن يزف لنا خبر محاسبة فاسد...ندعو المولى عز شأنه أن يهب ولاة الأمر البطانة الصالحة وأن يعين إخوتنا على فهم عبارة «النقد البناء»...والله المستعان !
[email protected]Twitter: @Terki_ALazmi