النظام النفطي العالمي الجديد: السيطرة للخليج... وأميركا
| إعداد ديالا نحلي |
1 يناير 1970
02:09 ص
• دول الخليج تقول للمستهلكين: لا جدوى من الطاقة ذات التكلفة المرتفعة... اعتمدوا علينا
• لهذا السبب تستثمر دول الخليج عشرات المليارات لزيادة طاقتها الإنتاجية من دون أن تستخدمها
• الصادرات النفطية الخليجية ترتفع بنحو 200 ألف برميل يومياً كل عام إلى أجل غير مسمى
صحيح أن دول الخليج تتألم كغيرها من انهيار أسعار النفط، إلا أن نظاماً نفطياً عالمياً جديداً للطاقة يتشكّل، تسيطر فيه الدول الخليجية، أكبر مصدري الطاقة عالمياً، والولايات المتحدة، أكبر مستهلك للطاقة عالمياً. هذا على الأقل ما خلصت إليه مجلّة «ميد» في عددها الأخير.
وبتعبير وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي «نريد أن نقول للعالم ان الدول المنتجة للنفط وذات الكفاءة العالية هي التي تستحق الحصة السوقية»، وهو تصريح كفيل برسم المرحلة الجديدة، حيث الفائزون هم الذين يتحملون التكلفة الأرخص لإنتاج الطاقة.
وتنتج الدول الخليجية الطاقة بأسعار أقل من جميع الدول الأخرى، وتمتلك احتياطات هائلة وآمنة من النفط والغاز، في حين أن البنية التحتية الضرورية للإنتاج متوافرة أو قيد الإنشاء، كما تتمتع بشبكات عالمية لتوزيع النفط والغاز وبسجل لا مثيل له كموزعين معتمدين.
وتمتلك السعودية طاقة إنتاجية تصل 12 مليون برميل يومياً، ما يعني أنها يجب أن تكون قادرة على رفع مستويات الإنتاج إلى ذلك المستوى والمحافظة عليه إلى أجل غير مسمى. من جهتها تستثمر الكويت للرفع إنتاجها إلى 4 ملايين برميل يومياً، بينما تسعى أبوظبي لإنتاج 3.5 مليون برميل يومياً. ومن المقدر أن تصل الطاقة الإنتاجية للدول الخليجية الست بحلول 2020 نحو 21 مليون برميل يومياً.
وفي هذا الإطار، يطرح البعض تساؤلات حول السبب الذي قد يدفع الدول الخليجية المنتجة للنفط إلى استثمار عشرات المليارات من الدولارات لزيادة طاقتها الإنتاجية في حين أنها لن تستخدمها أو لن تتمكن من استخدامها بسبب القيود التي تفرضها منظمة «أوبك»؟
ويعتبر الداعمون لهذه الاستثمارات أن السبب ببساطة ومنذ 1973 كان أنها أتاحت الفرصة أمام الدول الخليجية المنتمية لـ«أوبك» بتلبية الطلب العالمي لدى حصول أي مشكلة إنتاجية في أماكن أخرى من العالم، فضلاً عن ضبط الصادرات دعماً لسعر «أوبك» المستهدف.
من جهتها، زادت الدول الاستهلاكية من احتياطاتها الاستراتيجية وعمدت إلى تنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط والغاز، وعززت إنتاج الطاقة المحلي ومصادر الطاقة المتجددة، في حين أن الحل النهائي، أي الطاقة النووية لا يزال غير متاح بالكامل إلى يومنا هذا.
وأشارت المجلة إلى أن الدول الخليجية المنتجة للنفط تحاول أن تبلغ الدول الاستهلاكية عدم وجود أي جدوى من الاعتماد على مصادر الطاقة ذات التكلفة المرتفعة، في الوقت الذي يستطيعون فيه الاعتماد على الدول الخليجية.
وبالتالي فإن تصريح النعيمي أكثر من مجرد إعلان للمحافظة على الحصة السوقية، وإنما تعبير عن حملة خليجية لزيادة الإنتاج بنحو ربع الكمية بحلول بداية العقد المقبل.
وتبرز في هذا الإطار عدة أسباب تدفع الدول الخليجية إلى زيادة إنتاجها وصادراتها النفطية.
وأوضحت «ميد» ان السعودية و«أوبك» ستكونان غير قادرتين على تجنب أي تراجع في أسعار الطاقة العالمية في الوقت الذي باتت فيه فعالية الإنتاج بدلاً من الاحتياطات العنصر الأهم في المعادلة. وفي حال أرادت دول الخليج المحافظة على مواردها من النفط والغاز، والتي تشكل مصدر قوتها الاقتصادية والسياسية، فلا بدّ لها من زيادة صادراتها من الهيدروكاربون.
أما السبب الثاني بحسب المجلة فيكمن في الزيادة المستمرة في استهلاك النفط والغاز محلياً، إذ يصل هذا المعدل في السعودية نحو 1.7 مليون برميل يومياً، ويرتفع بنحو 5 في المئة سنوياً. أما في حال استمرت الدول الخليجية في الحد من الإنتاج عند المستويات الحالية، فإنها ستلمس تراجعاً بالصادرات النفطية بنحو 200 ألف برميل يومياً كل عام إلى أجل غير مسمى. وحتى في حال وصل سعر السوق 50 دولاراً للبرميل، فإن ذلك يعني خسارة تصل 3.7 مليار دولار العالم المقبل ونحو 3.7 مليار دولار في السنوات المقبلة.
وتابعت المجلة، تستحوذ الولايات المتحدة على الجزء الأكبر من تفكير صناع السياسة السعوديين. فقد ارتفع الإنتاج الخام الأميركي 16 في المئة في 2014 ليصل 8.6 مليون برميل يومياً، وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية في ديسمبر أن يصل الإنتاج 9.3 مليون برميل يومياً في 2015. وسيساهم تراجع أسعار النفط في الحد من معدلات النمو، غير أنه من المرجح أن يصل إنتاج الخام الأميركي 10 ملايين برميل يومياً في 2016.
وقد تفوز السعودية والدول الخليجية الأخرى في «أوبك» في صراعها مع الدول الأخرى المنتمية وغير المنتمية للمنظمة للمحافظة على حصتها السوقية. ولكن هل يمكنها أو يتوجب عليها التغلب على الولايات المتحدة؟
فقد شكلت أسعار النفط المرتفعة عاملاً إيجابياً بالنسبة لقطاع الغاز والنفط الأميركي، في حين أن تراجعها منذ يونيو العام الماضي كان جيداً للاقصاد الأميركي، إذ انه ساهم في تحسين وضع الكثير من الأميركيين، وتدهور الوضع الاقتصادي الروسي والإيراني، بينما ساعد الدول المقربة للولايات المتحدة. ويشكل هذا أسساً صلباً لوجود أي تعاون مستقبلي في مجال الطاقة بين الولايات المتحدة ودول الخليج.
ففي حال زادت السعودية والخليج من إنتاجها، فان الإنتاج المشترك الخليجي الأميركي سيتخطى 30 مليون برميل يومياً بحلول 2020، وهو أعلى من إنتاج أوبك لعام 2014، وقد يتساوى مع نحو 30 في المئة من التوقعات للطلب على النفط العالمي في ذلك العام.