سلطان حمود المتروك / حروف باسمة
قسوة
| سلطان حمود المتروك |
1 يناير 1970
11:19 ص
مفردة تفيد الجفاء وتنبئ عن الشدة ويأتي على عكسها الرحمة والشفقة والعون وإسداء الخير والدلالة عليه والقلوب تتنوع وتختلف وتتعدد في سماتها وصفاتها ونعوتها فمنها الشفيق والرحيم وأخرى قاسية مظلمة لا مسار خلالها إلى بصيص من النور إنما هي كبحر لجي يغشاه موج من فوقهِ موج من فوقه سحاب.
ما أقساها من ظلمة
تلك قلوب ذوي الآباء المنسيين في مستشفيات الديرة المختلفة.
إن المتتبع لهذه القضية التي أثيرت أخيراً يشعر باللوعة ويحس بالأم.
آباء ينتشرون في غرف في مستشفيات عديدة ويقال إنهم بالمئات استكملوا علاجهم ولا يحتاجون إلا عطف ذويهم واحتضانهم لهم كما احتضنوهم وهم صغار تركوهم لا يسألون عنهم ولا يزورونهم قست قلوبهم.
قست القلوب فلم تمل لهداية
تباً لهاتيك القلوب القاسية
عزيزي القارئ قلوب الآباء مملوءة بالعاطفة تجاه أبنائهم.
وإن الأدب العربي يعج بقصص تحكي عاطفة الآباء على أبنائهم.
لنسرد بعضا منها من أجل تمحيص الفكر في قضيتنا هذه.
يحكى أن أباً فقد ولده فقال:
ولي كبد مشطورة بيد الردى
ففوق الثرى شطر وتحت الثرى شطر
ويقولون إن ابن عبدربه الأندلسي فقد ولده الأوسط فأنشد يقول:
وأولادنا مثل الجوارح
أيما فقدناه كان الفاقد البين الفقدي
هل العين بعد السمع
تغني مكانه أم السمع بعد العين يهدي كما تهدي
عواطف جياشة وقلوب رحيمة من الآباء تجاه أبنائهم،فعسى أن يحس هؤلاء الذين تركوا آباءهم ونسوهم ويلهم من عذاب الله الكريم الذي أوصى بالوالدين خيراً.
يقال إن أحدهم فقد ابنه فقرر أن يعتزل الناس خشية أن يكنى بهِ ولا يحتمل ذلك فبعد جهد جهيد من الذين حوله بإقناعه بالخروج من منزله.
فلما ظهر على الناس قوبل من أولهم بالترحاب حيث كناه بولدهِ الفقيد فأنشد يقول:
كيف السلو وكيف أنسى ذكره
وإذا دعيت فإنما أدعى بهِ
ثم خر ميتاً
هذه قلوب الآباء فحري بالأبناء أن تتدفق الرحمة من قلوبهم كي يقابلوا الرحمة بمثلها فليطلع أولئك الذين تركوا آباءهم ولم يعلموا عنهم شيئاً تركوهم وهم يفتقدون إلى دواء لا تقوى على الاتيان به أرقى المصحات وأقوى المستشفيات ألا وهي الرحمة والعطف فعسى أن يفكر البرلمان في إصدار القوانين التي تعمل على وضع اللوائح والسبل التي تحد من هذه القضية كي يرتدعوا فيعودوا إلى صوابهم ويحتضنوا آباءهم لأن هذه الظاهرة من الظواهر السلبية والدخيلة على هذا المجتمع الطيب.
ولا نملك إلا أن نقرأ ما قاله الشاعر السوري/ معروف إرزيق في تحيتهِ لوالده: أبي
أرى الأيام تبسم لي
بقربك حين تبتسمُ
وتعذب عندي البلوى
ويحلو المر والسقمُ
وتسطع بالرؤى دنياي
ضاحكة وتنتظمُ
وكيف أخاف جائحة
وأنت الحصن والحرمُ