اقتصار الدعم على شركات دون أخرى يخالف قانون حماية المنافسة!
معضلة قانونية قد تنسف رفع سعر الديزل
| كتب رضا السناري |
1 يناير 1970
11:12 ص
• الشركات الصغيرة والمتوسطة والأفراد يدرسون التقدم بشكوى قد تطول وزراء
• مئات الشركات الصغيرة والأفراد لن يستفيدوا من الدعم... فمن سيغطي ارتفاع التكلفة عليها؟
• مخاوف من أن يقود وجود سعرين في الدعم إلى ظهور سوق سوداء للديزل
كشفت مصادر ذات صلة لـ «الراي» ان شركات صغيرة ومتوسطة وأفراداً يدرسون التقدم بشكاوى إلى جهاز حماية المنافسة، يتهمون فيها اجهزة حكومية وربما وزراء بـأعينهم بمخالفة قانون حماية المنافسة، بعد ان أقروا دعم الشركات والمصانع وشركات النقل الكبرى بيعهم ليتر الديزل بـ 55 فلسا، في حين أنهم اعلنوا انهم سيطبقون قرار مجلس الوزراء على الجهات التي تستهلك اقل من ذلك ببيعها الليتر بـ 170 فلسا.
وكان وزير النفط الدكتورعلي العمير اعلن خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نائب رئيس الوزراء وزير التجارة والصناعة الدكتور عبد المحسن المدعج ووزير المالية انس الصالح في 3 يناير الجاري إثر ارتفاع اسعار السلع والمنتجات المرتبطة بالديزل عقب تفعيل قرار رفع سعره، عن وجود قرار يسمح جميع الشركات والمصانع التي تستهلك 3 الاف ليتر ديزل شهريا بالتقدم إلى شركة البترول الوطنية ومعها الاوراق التي تثبت استهلاكها للتمتع بالدعم الحكومي لصناعتها عبر حصولها على الديزل بالسعر السابق لتاريخ واحد يناير الذي بدأ معه تفعيل قرار مجلس الوزراء الخاص برفع سعر الديزل من 55 إلى 170 فلسا لليتر.
وأضافت المصادر أن وجود سعرين في سوق واحد لمنتج واحد يخالف قانون حماية المنافسة، الذي اقر من اجل تحسين مناخ الاستثمار امام جميع الاستثمار بإلغائه لجميع الاستثناءات والمزايا الخاصة التي من شأنها أن تسهم في تقوية الممارسات الاحتكارية لشركات بعينها على حساب إضعاف اخرى، ما ينال من حسن سير السوق المحلي ولا يتوافق مع سياسة الاقتصاد المفتوح، مشيرة إلى ان توجيه دعم الديزل إلى الشركات الكبرى وحرمان الصغيرة منه قد يؤدي إلى زوال الشركات الصغيرة والمتوسطة والافراد من المنافسة مع مرور الوقت.
ولفتت المصادر إلى ان وجود سعرين لمنتج واحد يقود إلى عدم تكافؤ الفرص امام جميع المستثمرين، حيث كان يفترض ان يكون الاستثناء للقطاع بكامله وليس حكرا على الشركات والمصانع الكبرى التي ستستفيد من الدعم، إذ يتعين على الشركات الصغيرة والمتوسطة والأفراد في هذه الحالة أما تحمل الخسارة ودفع فارق السعر من عوائدهم المحدودة اصلا قياسا بعوائد الشركات والمصانع الكبرى، أو الخروج من السوق، وفي الغالب ستذهب نحو اختيار الاتجاه الثاني، ما سينعكس على شريحة أوسع من المواطنين العاملين في هذا القطاع.
وأوضحت المصادر ان غالبية شبكة الشركات التي تعمل في قطاع السلع والخدمات المرتبطة بالديزل من الشركات الصغيرة والمتوسطة إضافة إلى مئات الأفراد المواطنين الذين يملكون شاحنات تعمل في هذا المجال وغالبيتهم من المتقاعدين، لا تنطبق عليهم شروط الدعم، وبالتالي سيكون على غالبية هذه الشبكة اما تحمل ارتفاع التكلفة عليها وتراجع عوائدهم بشكل حاد او التوقف عن نشاطهم، ومن ثم تكون التنافسية في هذا القطاع خصوصا في النقل والمرتبطة بالمصانع مرجحة ان تقتصر فقط على نحو 30 في المئة من طاقتها الحالية، مقابل طرد ثلثي الشركات العاملة في هذا القطاع من السوق، ما قد يسهم في تنامي المخاوف من ان تخلق هذه الحالة تحدياً جديداً يتعلق بتحكم بعض الشركات بأسعار سوق النقل.
وفي هذا الخصوص قالت مصادر مسؤولة إن جهاز حماية المنافسة معني بهذا النقاش، الا انه لم يتلق اي شكاوى في هذا الخصوص من اي جهة حتى الآن، وفي حال حصل ذلك فستتحرك رقابيا باتجاه وزارة التجارة والصناعة للتعرف إلى الاعتبارات التي قادت إلى هذا التمييز باصدار قرار يسمح باقتصاره التمتع بالدعم على الشركات والمصانع الكبرى، موضحة أنه يحق لمجلس الوزراء اقرار استثناءات بدافع الصالح العام.
وأضافت المصادر أن جهاز حماية المنافسة لم يطلع حتى الآن على الاعتبارات الحكومية التي دعتها إلى اقتصار الدعم الذي تقدمه إلى شريحة الشركات والمصانع التي تستهلك 3 الاف ليتر ديزل وما فوق، مبينة انه في حال تلقيها اي شكاوى مدعومة بما يفيد بان شركة البترول الوطنية المعنية بصرف الدعم توزع الدعم المقرر لشركات معينة دون اخرى ستنظر في الشكوى، وستبحث ما اذا كان ذلك الاجراء يخالف قانون حماية المنافسة.
واشارت المصادر إلى انه في حال ثبت للجهاز مخالفة القرار للقانون سيتقدم من وزير التجارة والصناعة بطلب رسمي يطالبه بالتحرك نحو مجلس الوزراء لتصحيح المخالفة على الفور، وإعادة تصدير قرار يسمح بمنح الدعم لجميع الجهات التي تعمل في القطاع نفسه دون اي تمييز.
على صعيد اخر، قالت مصادر ان الشركات الصغيرة والمتوسطة بدأت تتخوف من ان يقود وجود سعرين للديزل في السوق المحلي إلى شرائها لهذه السلعة قسرا تحت ضغط الحاجة بالسعر الذي يرغب فيه منتج السلعة، وكذلك الشركات الكبرى التي تستفيد من الدعم ولديها فائض ترغب في تصريفه، حيث ستلزم الشركات الصغيرة والمتوسطة والافراد الذين لا يتمتعون بالدعم بأسعار يمكن من خلالها ان تحقق مكاسب مجزية، وهنا قد يفتح قرار دعم الشركات الكبرى والمصانع نافذة جديدة للسوق السوداء يباع فيها الديزل.