التحضيرات تجاوزتْ العموميات إلى تفاصيل «على الورق»
حوار عون - جعجع المرتقب بلا «خطوط حمر»
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
01:06 ص
يتّسم المناخ السياسي الداخلي بمسْحاتٍ من التفاؤل الحذر بدأت تعززها معالم التحضيرات الناشطة لانطلاق حوار نادر بين الزعيميْن المسيحييْن الاساسييْن رئيس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في وقت لم يعد بعيداً على ما يبدو.
وبرزت معطيات في الساعات الأخيرة تشير الى تَجاوُز التحضيرات للحوار المسيحي - المسيحي إطار العموميات المبدئية الى الخوض في تفاصيل «على الورق» بين الجانبين العوني والقواتي، في حين ان التشكيك في جدية هذه الخطوة لا يزال يطغى على الانطباعات السياسية العامة وكذلك على الرأي العام المسيحي واللبناني العام.
وكشفت مصادر قريبة من الناشطين على خط التحضيرات للحوار بين عون وجعجع لـ «الراي» ان عشرات الاجتماعات التي عُقدت بعيداً عن الاضواء بين المفوّضيْن التمهيد للقاء الرجلين وهما النائب ابرهيم كنعان من الجانب العوني وملحم رياشي من الجانب القواتي قد توغلت الى أبعد مما يعتقد كثيرون وهو ما ينفي عن هذا المسار الطابع المناوراتي او ملء الوقت الضائع بكلام عن الحوار بلا مضمون جدي.
وأشارت المصادر الى عامليْن اساسييْن برزا في اطار إثبات هذه الجدية وهما إصرار كل من الفريقيْن على عدم ارتكاب ايّ خطوة متعجّلة في الاجتماع الاول الذي سيجمع عون وجعجع والذي لن يُعقد قبل اكتمال كل الاستعدادات الضرورية لإنجاحه في الحدود الدنيا الأساسية بما يعني انه حين يحصل اللقاء يجب ان تكون هناك ورقة عمل مشتركة قد تم التوصل اليها كمنطلقٍ لحوارٍ يفترض ان يضم عون وجعجع لمرات عدة. والعامل الثاني هو التوافق المسبق على عدم استبعاد الموضوع الشائك الاساسي المتعلق بانتخابات الرئاسة عن اولويات الحوار حتى لو لم يتفق الفريقان على هذا الموضوع في تفاصيله.
وقد يكون الأهمّ من هذه المعطيات ما تكشفه المصادر نفسها من ان الموضوع الرئاسي سيكون في صلب هذا الحوار بما يعني ان كل الاحتمالات ستكون مفتوحة امام القطبين لتداوُل إمكان التوصل الى توافق بينهما على الرئيس المقبل بلا اي خطوط حمر تُرسم للحوار.
وتفصح المصادر الواسعة الاطلاع في هذا السياق عن ان ثمة لدى فريق العماد عون اقتناعاً بان جعجع قد يكون جاهزاً للبحث مع عون في احتمال انتخاب الاخير للرئاسة من دون ان يتّضح بعد ضمن أي اطر او أفق يمكن ان يرافق هذا الاستعداد.
وإذا كان هذا الامر عرضة لشكوك عميقة من جانب القواتيين وسائر قوى 14 آذار، فان المصادر لا تقلل من صدقية هذه الشكوك المستندة الى أعوام طويلة من التجارب المريرة بين الفريقين، لكنها تلمح الى ان باب المفاجآت في الحوار الجاري الإعداد له قد تكون مفتوحة وغير محسوبة في اللحظة الراهنة. وتضيف ان ثمة خطأ شائعاً يسود الأوساط السياسية راهناً ويربط هذا الحوار بعدوى الحوار السني - الشيعي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، وهو امر لا يكتسب دقة وافية، اذ رغم ان الحوار الذي انطلق بين «المستقبل» والحزب قد شكل مناخاً دافعاً إيجابياً لكل التوجهات الانفتاحية في البلاد، فان ثمة خصوصية اخرى للحوار الذي يجري بين الفريقين المسيحيين ستظهر معالمه في الوقت الملائم بما يكفل عدم حرق المراحل او إعطاء المتضررين المحتملين منه الورقة او الفرصة لإجهاضه.
وتوقعت هذه المصادر ان تظهر في الايام القريبة المقبلة معطيات تؤكد هذا المنحى اقله لجهة إنجاز الارضيّة الاساسية التي سيبدأ على اساسها الحوار الثنائي المباشر بين عون وجعجع والذي لن يكون بعيداً ولكن سيُعقد ضمن اطار سري في أولى حلقاته.
وكان ممثلا «القوات» و«التيار الحر» الى الاجتماعات التحضيرية تبادلا ورقتيْ عمل تتضمنان اجوبة من «التيار» عن هواجس «القوات» ومن «القوات» عن أسئلة «التيار»، وسط تقارير تحدثت عن ان الورقتين تضمّنتا نقاطا «سيادية ومسيحية» واخرى تتعلق بالدولة، منها مسائل الاستقرار في لبنان ومتطلباته والخلل في تطبيق الطائف على مستوى المؤسسات الدستورية والتمثيل المسيحي ومسائل أخرى تتعلق بتداعيات الازمة السورية على لبنان والسلاح غير الشرعي.
وبحسب هذه التقارير فان كنعان ورياشي يبحثان في مضمون الورقتين مع كل من عون وجعجع.