«الراي» رصدت أفلام 2014 وتداعياتها عربياً وعالمياً
السينما أشعلت نار السياسة وصارعت «الرقابة» ... واصطدمت بـ «الإرهاب» !
| بيروت - من محمد حسن حجازي | | القاهرة ـ من جوليا حمادة |
1 يناير 1970
02:29 ص
• «الخروج» شوّه التاريخ وانحاز إلى الرواية اليهودية
• «العائلة بيلييه» الفرنسي... يتجاوز هوليوود
• «الجزيرة 2» حقق أعلى الإيرادات... وخالد صالح رحل قبل أن يفرح بعرضه
• «الفيل الأزرق» الثاني في «شباك التذاكر»... وكريم عبدالعزيز يتفوّق على نفسه
• الشذوذ والفتنة الطائفية والإلحاد... اتهامات لأفلام مصرية
• القضاء يعيد «حلاوة روح» هيفاء وهبي ... بعدما أوقفه رئيس وزراء مصر
• «ذيب» الأردني... فيلم يلامس العالمية
• «المقابلة» الأميركي سخر من رئيس كوريا الشمالية
حافظت السينما - عربياً وعالمياً - على موقعها المتقدم بين جميع الفنون طوال العام 2014، ولم يستطع أي فن منافستها، فضلاً عن تجاوزها، في أي وقت وعبْر أي حدث، مهما كان ضخماً وفاعلاً.
واحتفظ الفن السابع بعرشه فناً أول، يملأ الدنيا ويشغل الناس، ليجتذب اهتمام الملايين، إلى جانب التقلبات الأخرى في العالم، سواء في دنيا العرب كمنتجين ومستهلكين للسينما، أو عالمياً حيث الفضاء مفتوح لكل الخيارات.
السينما العالمية - كعادتها - أثارت الجدل تارة، والإعجاب تارة أخرى، وأشعلت المشكلات السياسية والأيديولوجية تارة ثالثة... والأمر ذاته تكرر في السينما المصرية، إذ استرعت بعض أفلامها الانتباه، بإيراداتها المرتفعة، في حين أثار بعضها الآخر الجدل والمعارك مع «الرقابة»، واستهدفت صُنّاعَ بعضها تهديداتُ المتشددين!
«الراي» استعرضت - في جولة بانورامية - أهم أفلام وأحداث «الشاشة الفضية»، على الصعيدين العالمي والعربي، ونورد الحصاد في السطور الآتية:
لم يلملم العام المنصرم أيامه الأخيرة استعداداً لـ «المغادرة النهائية»، إلا وهو يفتح الباب واسعاً على قضية سينمائية «أخلاقية - مهنية» بالدرجة الأولى، لا تنفصل عن القيمة الفنية، ولكنها في الوقت نفسه سرعان ما تحولت إلى قضية سياسية مثيرة... إنها الضجة العارمة التي اشتعلت في الأيام الأخيرة من العام 2014، ورافقت فيلم «المقابلة»، للمخرجين إيفان غولدبرغ وسيث روغن، عن نص دان ستيرلنغ، وقصة تعاون عليها المؤلف مع المخرجين، لصنع فيلم مدته 112 دقيقة، صوّر في كندا مع جيمس فرانكو وسيث روغن. فقد هزّ الفيلم العلاقة المتوترة - بل المحتقنة - أصلاً بين أميركا وكوريا الشمالية، التي هدّدت ونفّذت (كما يظن البعض) وعيدَها للشركة المنتجة سوني، فدخلت على موقعها الإلكتروني وكشفت جميع أسرار الشركة، مهددة بالمزيد في حال عرض الفيلم المسيء للرئيس الكوري الشمالي، الذي يسخر منه الفيلم بأسلوب جارح، متهكماً «على كونه صغير السن، ويتخذ قرارات عشوائية ـ صبيانية في قضايا استراتيجية ومصيرية دقيقة» (وفقاً لرؤية الفيلم). ودخل الرئيس الأميركي باراك أوباما على الخط، مهدداً النظام في بيونغ يانغ بالعقاب على فعلته «الشنيعة» مع سوني، متجاهلاً أن سوني هي البادئة بالإساءة، وأن ما صدر من كوريا الشمالية لم يتجاوز كونه ردة فعل وكفى.
مشاكل هوليوود
لا يجوز فصل حادثة «سوني»، عن بيان روسي سبقها، أصدرته الخارجية الروسية، وتحذر فيه هوليوود من مغبة الإسراف في تصوير الروس على أنهم أشرار، وأن كل المشاكل والعمليات الإرهابية في أميركا وراءها مجرمون روس، شكّلوا مجموعات تزرع الموت أينما وُجدت، وفقاً لما تعرضه السينما الأميركية، وبالتالي أطل من جديد السؤال القديم - الجديد: لماذا تسمح هوليوود لنفسها بالتطاول على رؤساء الدول الأجنبية، وتحقير بعض الجاليات في أفلامها، ثم تدّعي أن هذا جزء من الحرية التي تعتز بها بلاد العم سام.
وبلغ الصخب العالمي الذروة مع نهايات العام، على شريط المخرج الإنكليزي ريدلي سكوت، الذي يحمل عنوان «EXODUS: GODS AND KINGS»، حيث يقدم الفيلم الذي انطلقت عروضه في الصالات اللبنانية منذ 25 ديسمبر 2014، هجرة اليهود من مصر بطريقة منافية للأحداث التاريخية، وما ورد في الكتب السماوية، الأمر الذي أثار ضده حملة غير مسبوقة، فتم منع عرضه في معظم الدول العربية، لمخالفته حديث القرآن الكريم عن النبي موسى، (لعب الشخصية في الفيلم كريستيان بال)، من أنه شقّ مياه البحر لكي يعبر العبرانيون (اليهود)، هرباً من ظلم الفرعون رمسيس الثاني (جسّد الدور جويل أدغرتون)، بينما صوّر المخرج ريدلي سكوت الواقعة، منطلقا من أن هزة أرضية وقعت وليست معجزة، كما يصور القرآن الكريم، فذهبت مياه البحر في شقوق الأرض، وعبر الهاربون إلى أرض كنعان (فلسطين) أرض الميعاد، كما يطلق عليها اليهود، باعتبارها هبةً لهم من السماء يفترض ألاّ يناقشهم في صدقيتها أحد. واعترض المصريون على ما ورد في الفيلم، من أن الأهرام أسهم اليهود في بنائها، إلى ما هنالك من رسائل وادعاءات حملها الشريط السينمائي.
الأبرز عالمياً
وبالرغم من العديد من الأفلام الأميركية الرائعة على مدى العام المنصرم، فإن شريطاً فرنسياً ظهر في اللحظة الأخيرة قلب المعادلة، واستقر في المقدمة على عرش أفضل أفلام العام، هو الفيلم الفرنسي المدهش (LA FAMILLE BELIER) للمخرج إريك لارتيغو، الذي اقتبس المادة وتولّى كتابة السيناريو له فيكتوريا بيديس، وستانيسلاس كاري هالبيري.
وكان عالم الصمت هو عالم الفيلم، الذي يتمحور حول عائلة فلاحين في الريف الفرنسي من الصم والبكم، وكانت المصادفة أن مولودة واحدة شذّت عن هذا الواقع في المنزل، هي بولا (لوان إيميرا) التي وُلدت طبيعية، خالية من أي إعاقة، بل إن صوتها كان صادحاً ويبشر بمطربة متمكنة من أدواتها الغنائية. وبدلاً من أن تكون فقط صلة الوصل بين والديها جيجي (كارين فيار) ورودولف (فرانسوا داميان)، وشقيقها الفتى غبريال (إيليان بيرغالا) مع العالم، تتحول إلى مشروع مطربة واعدة بمستقبل باهر، وفق ما أعلنه أستاذ الموسيقى السيد توماسون (إيريك إلموسينو)، الذي أصرّ على الذهاب بها إلى باريس، للتباري في مسابقة معهد الموسيقى مع العديد من المواهب، الراغبة في الحصول على شرف الانتساب إليه.
السينما المصرية... أزمات وإثارة
مصرياً... شهد حصاد السينما في العام 2014، تطورات ومراحل متنوعة، وأزمات عديدة، وموضوعات مثيرة، أشعلت أزمات ونقاشات ساخنة، لكنّ ثمة شيئاً اتفق عليه الجميع، وهو عودة النشاط إلى الاستوديوهات. ولعل أبرز الأزمات، الأزمة التي أثيرت حول فيلم «حلاوة روح»، بعد أن اتخذ رئيس الحكومة المصرية إبراهيم محلب قراراً بوقف عرض الفيلم ورفعه من دور العرض السينمائي بسبب شكاوى من جمعيات الطفولة وصفت الفيلم بأنه يستغل طفلاً في الترويج للجنس، ما يضرّ بجميع الأطفال. وبالفعل قام المنتج محمد السبكي برفع دعاوى قضائية والتقدم بشكاوى ضد القرار الذي وصفه بالمتعسف، ولكن تم الإفراج عنه وقضت المحكمة بإلغاء قرار الحظر، وبالفعل يستعد منتجه محمد السبكي لإعادة عرضه في دور العرض السينمائي.
وأثار فيلم «أسرار عائلية»، الذي لم تتعد إيراداته الـ 500 ألف جنيه، أزمة كبيرة في المجتمع المصري، بسبب أحداث الفيلم التي تتناول الشذوذ الجنسي من خلال قصة شاب مثلي الجنس يواجه معاناة كبيرة في التعامل مع واقعه، ويتعرض للمشكلة من كل الجهات التي تؤدي للوصول إلى هذه الحالة ودور الأسرة ونظرة المجتمع، هذا بجانب رأي الطب والعلم، ولكن بعد أزمات كبيرة مع الرقابة تمكن فريق العمل من التأكيد على أحقية العمل في الخروج إلى النور، ويظل الحكم للجمهور في النهاية، ودعمت شركة إسعاد يونس الفيلم بكل طاقتها إلى أن انتصر صنّاعه.
ومن الأفلام التي أثارت جدلاً آخر فيلم «الملحد»، الذي أغضب اسمه الكثيرين واعتبره البعض دعوة إلى الإلحاد، حيث صوّر الفيلم أن ظاهرة الإلحاد أصبحت منتشرة. ووصل الأمر إلى إهدار دم أبطاله، ولكنه في النهاية لم يحقق إيرادات وقت عرضه، وهو من بطولة عدد من الشباب، وحقق مليون جنيه في موسمه.
أما فيلم «لا مؤاخذة»، للمخرج عمرو سلامة، الذي حقق وقت عرضه 7ملايين جنيه، فقد واجه مشاكل كثيرة مع جهاز الرقابة حتى قبل أن يبدأ تصويره، إذ اعتبره البعض عملاً يثير الفتنة الطائفية من خلال طفل يقوم بدور البطولة في أحداث الفيلم، وتسبب له ديانته المسيحية الكثير من الأزمات التي يجد صعوبة كبيرة في الإفصاح عنها. وقد وجدت أزمة الفيلم طريقها إلى الحل بعد المطالبة بحذف وتعديل بعض المشاهد، ولكن استمرت الأزمات حتى بعد عرضه، حيث هدد عدد كبير من المتشددين باستهداف صناع الفيلم.
ومن الأفلام التي حصدت جوائز الجمهور لتحقيق أعلى الإيرادات «الجزيرة ـ 2»، الذي شارك فيه قبل أن يخرج للنور الفنان خالد صالح، وحصد أعلى الإيرادات في تاريخ السينما، وهو من بطولة أحمد السقا وهند صبري ونضال الشافعي وأروى جودة وأحمد مالك.
أما الفيلم الثاني، في ترتيب الإيرادات فهو «الفيل الأزرق»، الذي قام ببطولته الفنان كريم عبدالعزيز والفنان خالد الصاوي، وهو مأخوذ عن عمل روائي عن قصة للكاتب أحمد مراد تحمل الاسم نفسه، واعتبره البعض من أفضل أفلام كريم عبدالعزيز، وأخرجه مروان حامد، وشاركت في بطولته نيللي كريم، وقد حقق 31 مليون جنيه.
ومن بين الأفلام التي حققت مشاهدة عالية أيضاً هذا العام، فيلم «فتاة المصنع»، الذي مثّل عودة قوية للمخرج محمد خان، واكتشف خلاله الفنانة الشابة ياسمين رئيس في البطولة المطلقة، وقدمها للجمهور في شكل جديد، وشاركها البطولة هاني عادل.
ويُعتبر موسم عيد الأضحى الأخير هو الأعلى إيرادات خلال هذا العام، بل منذ 3 سنوات، وتضمن «الجزيرة 2» للمخرج شريف عرفة، الذي حقق إيرادات تعدت الـ 33 مليون جنيه.
فيلم «واحد صعيدي» يضاف إلى قائمة الأفلام ذات المشاهدة، فقد حقق إيرادات بلغت 14 مليون جنيه، وشارك في بطولته الفنان محمد رمضان وراندا البحيري وعدد من الفنانين الشباب.
وكذلك ضم الموسم فيلم «عمر وسلوى»، الذي حقق 10ملايين، وشاركت في بطولته للمرة الأولى الراقصة صافيناز، وحقق إيرادات بسبب إقبال الجمهور على مشاهدة الراقصة التي أثارت الجدل قبل أن تخوض تجربة التمثيل.
وفي الموسم نفسه، شاركت الفنانة ميرفت أمين من جديد في السينما من خلال فيلم «حماتي بتحبني»، الذي حقق 5 ملايين، والذي شاركها في بطولته الفنان حمادة هلال والفنانة إيمان العاصي، وينتمي إلى نوعية الكوميديا الاجتماعية، ومن إخراج أكرم فريد.
وجاء فيلم «حديد» للفنان عمرو سعد ليختتم الموسم بتحقيق إيرادات متواضعة لم تتعد 4 ملايين جنيه، ولكن السابقة التي حققها هي خوض المنتج محمد السبكي تجربة الإخراج للمرة الأولى بعد معركة مع الرقابة التي رفضت اعتباره مخرجا.
أما أفلام موسم نصف العام السينمائي فلم تكن عالية بسبب مستوى الأفلام المتواضعة، من بينها فيلم «سعيد كلاكيت»، الذي قام ببطولته عمرو عبدالجليل وعلا غانم وعدد من الفنانين، وإخراج بيتر ميمي.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى فيلم «خطة جيمي»، الذي خاضت به المطربة الشابة ساندي أولى تجاربها في مجال التمثيل، والذي خاطب شريحة المراهقين الذين يعتبرون جمهورها الأساسي.
أما فيلم «النبطشي» الذي قام ببطولته محمود عبدالمغني ومي كساب وشاركت في بطولته هالة صدقي فحقق 4 ملايين جنيه.
أما موسم عيد الفطر، فقد حققت أفلامة 88 مليون جنيه، وتصدره فيلم «الحرب العالمية الثالثة»، الذي شارك في بطولته الثلاثي الشهير: شيكو وفهمي وماجد، وإخراج أحمد الجندي، وحقق إيرادات كبيرة لتناوله رموزاً وأحداثاً تاريخية بشكل ساخر. وكان الفشل من نصيب فيلم «صُنع في مصر»، الذي قام ببطولته الفنان أحمد حلمي، ويعتبر الأقل إيراداً في تاريخ أحمد حلمي، حيث حقق 11 مليون جنيه.
«ذيب»... الأردني
وصعد اسم المخرج الأردني ناجي أبو نوار إلى الواجهة ليلامس «العالمية»، عبر فيلمه الأول «ذيب»، الذي حاز جائزة أفضل مخرج من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، من تظاهرة آفاق في الدورة 71 من المهرجان، وتوالت جوائز أبو نوار التي حاز آخرها من مهرجان دبي السينمائي الدولي.