«الراي» سألتهم عن الظاهرة المتفشّية عبر الشاشات

سُوق التوقعات الرائجة في عيون مشاهير من لبنان

1 يناير 1970 02:27 ص
ماتيلدلا فرج الله:

• لا أصدق

أن شخصاً يعلم بمصير آخر وماذا سيحصل له

ألسي فرنيني:

• أنتظر التوقعات السياسية والأمنية ولا أقرأ الأبراج بشكل يومي

محمد علي شمس الدين:

• أغمض عيني وأضع إصبعي

على برج أفترض أنه يخصني

جورج خباز:

• لا أهتم لتوقعات المنجمين ليلة رأس السنة

ولا أتابعها

إحسان المنذر:

• ذكاء المتوقِّع يستقطب الناس لكن لا يخلو العالم من الدجّالين

رولا كساب:

• أتابع التوقعات من باب الفضول والتسلية ثم يتبخر كل ما سمعته

إيميلي نصر الله:

• الناس يتابعون التوقعات بسبب الخيبات التي عانوا منها
كما كل ليلة رأس سنة، كان اللبنانيون مع «بورصة» التوقّعات على شاشات التلفزيون، بعدما بات من «طقوس» وداع عام واستقبال آخر الاستماع الى «جردة بما سيكون» في السنة الجديدة وما ينتظر العالم بحسب ما يراه أصحاب التوقعات.

لبنانيون صاروا «مفطورين» على رصْد الأبراج التي يقرأها «المنجّمون» و«علماء الفلك» واذ بهم «يتسمّرون» أمام الشاشات لمعرفة ما ستحمله السنة الطالعة من حظوظ ومفاجآت لهم مع تغيُّر مواقع الكواكب.

وسُوق التنجيم الذي عرف نمواً هائلاً في الأعوام الأخيرة، شهد ليلة التسليم والتسلم بين 2014 و 2105 منافسة حامية بين «القارئين في فنجان» السنة «المولودة»، حيث أطلّ «نجوم» التوقعات كلُّ عبر محطة تلفزيون وأدلوا بدلوهم من دون ان ينسى بعضهم الترويج لكتبٍ لهم «تغزو» المكتبات، كل ذلك بعد تقارير استرجعت «سلة التوقعات» للعام المنصرم التي أصابتْ مع «تمديد» المهلة الزمنية لما لم يُصِب منها.

اغتيالات وكوارث طبيعية وأزمات اقتصادية وسياسية وحروب هي القاسم المشترك للحوادث التي ستحل على العالم في 2015. حب، زواج، فرص عمل، مشاكل عائلية وعاطفية، ومرض، كلمات موحدة في «قاموس الفلكيين» الذين صار لهم «مريدون» و«متحزبون» ينتظرون بـ «لهفة» ما سيحمله إليهم العام الجديد ويعيشون «على أمل» ان يكفل لهم الطالع النجاح او ان يكتب لهم... بارقة ضوء.

بـ «وقار» بدأ المنجمون بإطلاق عصارة ما توصلوا اليه، رافضين كما العادة الغوص بالتفاصيل فـ «اللبيب من الإشارة يفهم»... التعميم سيد الموقف والمتابعون في حيرة من امرهم ومع ذلك أنصتوا بإمعان، فـ «المستقبل» تُكشف خباياه امامهم على شاشة مستطيلة وليس على كرة التنجيم كما اعتادوها سابقاً. لكن كيف ينظر المشاهير الى هذه «الظاهرة» اللبنانية الجديدة؟

الاعلامية ماتيلدلا فرج الله، التي كانت لفترة من الوقت مقدمة لبرنامج توقعات، اعتبرت في حديث لـ «الراي» أنها كانت تجربة عابرة قدّمتها كمغامرة وانتهت، وقالت: «انا شخصياً لا اؤمن الا بإرادة الله، لكن كذلك أؤمن بأن هناك معطيات تتحكم بقدَر الانسان وبالمواصفات العامة للأبراج وتأثير ميلاد الشخص على شخصيته في بعض الأمور، لكن لا أصدق أن شخصاً يعلم بالغيب ويعلم مصير إنسان آخر وماذا سيحصل له».

وعما اذا كانت تتابع التوقعات من باب الفضول، أجابت: «اذا صودف مرورها على الشاشة أتابعها، لكن ليس معنى ذلك أنني ألاحق مثل هكذا أمور، أو أن أشتري كتب الأبراج».

من جهته، اعتبر الشاعر محمد علي شمس الدين أن التوقعات «جزء من لعبة محاولة قراءة المستقبل في ضوء بعض الظواهر والملاحظات الخارجية بالنسبة لمصائر كل شخص»، وقال لـ «الراي»: «هذه مسألة قديمة حين كان الانسان يعتبر ان الايام والشهور تلعب دوراً في رسم مستقبل الانسان».

شمس الدين لا يتابع التوقعات لكنه «يلعب لعبة» كما وصفها اذ «أغمض عيني وأضع إصبعي على برج من الابراج أفترض انه يخصني، أقرأه كنوع من التسلية لا اكثر، مع يقيني أنه لا يعلم الغيب الا الله».

بالنسبة له، متابعة الناس للتوقعات والابراج هي ظاهرة انسانية في المجتمعات المتقدمة علمياً كما المتخلفة، وقال: «في اميركا احد رؤساء الجمهورية كان يستند الى التوقعات في عمله، لذلك المسألة غير مرتبطة بالتطور التقني بل هي شكل من أشكال المعتقد الانساني».

على العكس من ذلك لا تتابع الكاتبة ايميلي نصر الله عالم التنجيم والفلك، وقالت لـ «الراي»: «الناس أحرار في آرائهم واختيارهم، فكما أطلب الحرية لنفسي أطلبها لغيري، وأنا أؤمن بأن كل شيء بيد الله، لكن للأسف الناس باتوا يندفعون لسماع التوقعات بسبب الخيبات التي عانوا منها حيث صاروا يرغبون في سماع أمور ايجابية تعطيهم بصيص أمل، اما أنا فعقلانية أكثر».

وكما نصر الله، كذلك الأمر بالنسبة الى الفنان المسرحي جورج خباز الذي لا يتابع التوقعات والابراج بسبب ضيق الوقت أولاً وعدم ايمانه بها ثانياً، وهو قال لـ «الراي»: «أكيد هناك أشخاص لديهم حدس ولكن ذلك لا يعني أن تكون توقّعاتهم صحيحة، وهذا الحدس قد يكون لدى اي انسان»، وأضاف: «عدم ايماني بالأبراج اليومية أو الشهرية لا يعني أنني لا أؤمن بتأثير الفلك على الانسان، فالتوقيت الزمني لولادة المرء له تأثير على حياته تبعاً للجو الفلكي». ولا يهتم خباز لتوقعات المنجمين ليلة رأس السنة اذ لا يتابعها ولا يعاود الاطلاع عليها.

من جانبها، لا تؤمن الإعلامية رولا كساب بالتوقعات السياسية، لكن في ما يتعلق بالأبراج الأمر مختلف حيث قالت لـ «الراي»: «في عالم الابراج هناك امور تتلاءم مع حالة الكواكب من حيث شخصية الانسان، اما التوقعات ومع انني لا اؤمن بهن الا انني أتابعها من باب الفضول والتسلية لكن عند انتهاء البرنامج يتبخر كل ما سمعته».

كساب تنتظر اليوم التالي لرأس السنة كي تقرأ ما تم ذكره على ألسنة الفلكيين والمنجمين بسبب انشغالها للسهر، اما اللبنانيون فيتابعون مثل تلك البرامج في رأيها «كونهم يحتاجون الى امل وبسبب خشيتهم من المستقبل علهم يستمعون الى شيء ايجابي».

واعتبرت ان المنجمين «يمارسون مهنة تؤمن لهم مدخولاً»، وشرحت «يجب ان تكون هناك حدود معينة للتوقعات، اذ يجب الا تُحْدِث بلبلة كما شهدنا سابقاً حيث اضطر بعضهم الى توضيح الصورة مرات عدة».

الممثلة اللبنانية ألسي فرنيني تعتقد «أن المنجمين يحللون الاوضاع السياسية»، وقالت لـ «الراي»: «هناك مَن لديهم الحاسة السادسة اكثر من غيرهم ولا سيما النساء. فالانسان تكون لديه طاقة معينة يستطيع من خلالها الاحساس الايجابي او السلبي للوضع السياسي القائم، وأعترف بأن هناك مَن لديهم استشعار اكثر من غيرهم، لكن هذا لا يعني أن جميع توقعاتهم ستطابق الواقع، اذ قد تأخذ الاحداث منحى آخر، ومع ذلك تبقى المعرفة الحقيقية عند الله وحده».

فضول فرنيني هو الذي يدفعها الى متابعة المنجمين لا سيما ليلة رأس السنة، وتقول: «لا أقرأ الابراج بشكل يومي، حيث أجد أن ما يُكتب ينطبق على كل الناس بشكل او بآخر، أما التوقعات السياسية والامنية فأحبّ أن أتابعها كجميع الناس، لكن انسى ما سمعته وشاهدته فور انتهاء الحلقة».

ويرى الموسيقار احسان المنذر أن «التوقعات تتعلق بلعبة ذكاء يلعبها المنجم، فقد تكون لديه قوة ملاحظة لما يجري فيطلق توقعاته عن ذكاء وليس من باب ان الابراج تخبره بل حدْسه الشخصي».

المنجمون بالنسبه له هم كأي شخص عادي لكن بات لدى البعض منهم خبرة بحيث صار من الممكن ان تَصْدف معه أمور معينة ويمكن الا تَصْدف، «في النهاية ذكاء المتوقِّع هو الذي يستقطب الناس له ويجعلهم يصدقونه ومع ذلك لا يخلو هذا العالم من الدجّالين».

قلة الثقافة وراء انتشار ظاهرة التوقعات



متابعة الناس للمنجمين او عدم مبالاتهم حلّلتها اختصاصية علم النفس العيادي إستر ابي أنطون في حديث مع «الراي» حيث اعتبرت أن «كل انسان لديه حشرية معرفة الغيب، ولا سيما مَن لديه قلق وعلامات استفهام حول مستقبله، وهذا يدفعه الى اللجوء لسماع ما قد يخفف من قلقه، لكن اذا كانت التنبؤات على غير ما يتمنى سينعكس ذلك سلباً على نفسيته وخصوصاً اذا اقتنع وتأثر بحديث المنجمين والمتوقعين، على عكس بعض المتابعين الذي يعتبرون سماعهم لمثل هذه الأمور من باب التسلية من دون أخذها على محمل شخصي».

«قلة الثقافة لدى الناس وعدم قدرتهم على إدراة أمورهم بطريقة منطقية تقف وراء انتشار هذه الظاهرة في لبنان» في رأي أبي انطون التي لفتت الى انه «بات الناس كمَن يتعلق بحبال الهواء وذلك يعود بالدرجة الاولى الى افتقادهم للايمان بمبادئ سليمة».

وختمت: «قد تصل متابعة البعض لهكذا الأمور الى حد الوسواس، وفي هذه الحالة قد نتكلم عن مريض لديه وسواس قهري، فهو يعتاد على طقوس معينة لا يمكنه العيش من دونها، واذا تطوّرت حالته عندها يحتاج الى الخضوع لجلسات متابعة نفسية».