في وداع 2014... 2015 وعد بالأمل / دعاة باغتوا «المُقحّصين» بفواصل دعوية استقطبت كثيرين

«أم نقا»... حلبة دينية

1 يناير 1970 10:10 ص
كعادتها، كانت حلبة أم نقا شمال الكويت ساحة لفاصل متقطع من التقحيص الذي اتخذته زمرة من الشباب وسيلة للاحتفال بالعام الجديد، وسط ملاحقات أمنية من جهة، ودعوات من أحد الدعاة من جهة اخرى، لإثناء الشباب عن الاحتفال بوسائل مخالفة، تعرض حياتهم للخطر، ما شكل حالة من التنافس الخفي بين الجهتين والذي كانت الغلبة فيه للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.

وجسد الشاب خالد تلك الحال، حيث رصدت «الراي» دموعه المنهمرة تأثراً بقصة الداعية السعودي في الحلبة محاولا في الوقت نفسه كفكفتها لمتابعة تقحيص الـ «جيتي» التي تطرب أسماعه، ليقف حائرا بين رغبته في متابعة الفواصل الاستعراضية والاستماع للقصص والروايات الدعوية التي ذهبت إلى أقصاها حين رفع الداعية ومن معه كفناً امام الحشود في إشارة إلى ان مصير التقحيص والاستعراض هو الموت المحقق.

الشباب المحتفلون تحلقوا حول الداعية وهم يراقبون فلاشرات الدوريات التي تحاصر المكان، ولم يخل الامر من كر وفر بين الشرطة وعدد قليل من سيارات المقحصين الذين ما ان يلمحوا الفلاشرات حتى يفر بعضهم الى الصحراء وبعضهم ينزوي الى داخل الحشد المتجمع حول الداعية اما بغرض الاستماع او بغرض خداع دوريات الشرطة التي وقفت بالمرصاد لكل من حاول إطلاق «زمجرة» ماكينة سيارته.

عندما وصلت «الراي» إلى ام نقا كان الاحتفال في أوجّه، ولاسيما بعد اطلاق صواريخ الاحتفال عندما دقت الساعة الثانية عشرة معلنة انطلاق اليوم الاول من 2015، وأشار الحضور إلى أن حفل التقحيص بدأ من عصر الأربعاء، ولم يكن عدد المستعرضين يتجاوز اصابع اليد بينما كان هناك داعية وميكروفونات وتجمع غفير من الشباب حوله وبجانبهم اشعلوا الفحم والتواير التي انتهى منها المقحصون للتدفئة، وكان الداعية يخطب بصوت أجش، سارداً القصص المختلفة حول حوادث الطرق بينما في الجانب الآخر وانيت و«جي تي» وجيب قائدوها يقحصون مثيرين غبارا كثيفا على الداعية ومن حوله.

في بداية جولة «الراي» في ساحة تقحيص «أم نقا» التقطت احد الدعاة الكويتيين فقال: «اننا حضرنا هنا لكي ننصح الشباب المقحصين لوجه الله تعالى، من خلال مشروع وسع صدرك لدعوة الشباب، ونعلم ان نيتكم صافية لكن البعض نيته سيئة ممن يريدون الفساد ويتهموننا ويقولون المطاوعة طالعين ينصحون بالشارع...وين الشرطة؟ ما صارت دولة؟».

واضاف الداعية، الذي رفض ذكر اسمه، «انا المسؤول عن الدعاة الموجودين في منطقة تقحيص «ام نقا» اليوم وهم فريق دعاة قدم من السعودية، وقد حصلت على اذن من 3 جهات حكومية شرطة محافظة الجهراء وامن الدولة والبلدية، لكن ليس رسميا فقط شفويا لهداية ونصح الشباب المقحصين».

وأضاف: «نحن لم نترك بيوتنا وحضرنا الى هنا في هذا المكان البعيد عن العمار في البرد القارس إلا من اجل هؤلاء الشباب المساكين لأنهم اخواننا وابناؤنا ومن يقرأ «الراي» بعد ان حضرت بنفسها من القراء وهو جالس ببيته لم يدر بالفعل ان هؤلاء الشباب في غفلة من امرهم وانهم يسيئون لأنفسهم قبل ان يسيئوا الى مجتمعهم واخلاقهم،والشباب ملتفون حول الشيخ ابوحنان الذي كان يمسك بالميكروفون ويعظ الحضور».

واكد الداعية لـ «الراي» أن «التجمع الشبابي في المحاضرة التوعوية يتواجد بينهم رجال مباحث وامن دولة في زي مدني»، مضيفا: «البعض يرون أنه حتى لو كان التقحيص ظاهرة سلبية فإن مكافحته لا يفترض ان تتم من خلال توعيتنا ودعواتنا للشباب ويرون ان القانون هو من يكافحها ويمنعها لكننا نحن والقانون على قلب رجل واحد لمكافحتها».

وبسؤاله عن الهدف الذي حققوه، اكد ان «دعوة التقحيص والاستعراض في «ام نقا» بمناسبة رأس السنة كان مقرراً لها 50 سيارة تلاشت ولا توجد سوى 3 او 4 سيارات تقوم بالاستعراض والحضور تركوها وحضروا الى مجلسنا يستمعون الينا وان كان بعضهم لم يحضر بغرض الاستماع انما هربا من دوريات الشرطة التي كانت تقتحم ميدان التقحيص بين الحين والآخر وتطارد المقحصين او من ينوي ذلك، والحمد لله نجحنا في دعوتنا».

واشار الى «اننا لاحظنا بعد نصحنا لهم ان هناك من بدأ يبكي ويعلن توبته عن مثل هذه الافعال»، مبينا أن «حملتنا التوعوية ليست وليدة اللحظة انما كانت في السنوات الماضية لكن على طريق السالمي بعد ان لاحظنا كل يوم خميس تجمعات للمقحصين وبعد ان بذلت الشرطة جل ما في وسعها لمنع التقحيص هناك رأينا ان الكلمة الطيبة والنصح يمكن ان يكون له مردود، وبعد ان دخلنا وسطهم ونصحناهم بعدة محاضرات توعوية نجحنا في ايقاف التقحيص على طريق السالمي».

وأكد الداعية «اننا للمرة الاولى نحضر «أم نقا» بعد ان علمنا انهم يتجمعون في رأس السنة للتقحيص واستعراض السيارات وقد حضر الشباب من العصر لكننا لم نأت إلا قبل منتصف ليل العام الجديد بساعات لأن حفلاتهم تكون اكثر سخونة عند هذا التوقيت بالذات»، مشددا على ان «التعامل بالشدة في مواجهة الامور السلبية احيانا كثيرة لا يأتي بالمردود الطيب بل بالعكس قد يزداد الشباب في عنادهم خاصة في سن المراهقة فيكون علاجه بالكلمة الطيبة والنصح بالمعروف لتبيان الطريق الصحيح من الخطأ، فليس معنى وجود القانون انه يمنع كل الظواهر السلبية بل يحتاج منا الى المعاونة».

ولفت إلى «أننا ليست لنا سلطة على هؤلاء الشباب وحضورنا للنصيحة، وكلمتنا داخل المساجد لا يقبلها إلا المصلي الذي حضر المسجد اما هؤلاء المقحصون فيحتاجون إلى ان نصل اليهم».

وفي موضع آخر، قال الداعية الكويتي الآخر (م) «ان فريق الدعاة بعضهم أئمة مساجد وقراء ومؤذنون وخطباء، جاؤوا لنصح الشباب، وشبابنا فيهم خير فقط ويحتاجون إلى بعض التوجيه البسيط والنصح والارشاد»، مبينا أن «مشروعنا وسع صدرك شبابي بحت يهدف الى اعادة الشباب الى الله سبحانه وتعالى ولا نستطيع ان نتهم هؤلاء الشباب بانهم بعيدون عن طاعة الله لكنهم يرون الاستعراض بالسيارات هواية تمارس في وقت فراغهم، واغلبهم مصل، فأردنا قصد الشباب في اماكن تواجدهم لتوجيههم للمساجد».

وشدد على انه «يفترض ان تكون لدينا بيئة او مظلة تمكننا من دعوة الشباب، وقد خاطبنا البلدية والمرور والداخلية التي وافقت على ان نخاطب وننصحهم في البر».

ولفت الداعية «م» الى انه «كان لدينا مشروع لمكافحة ظاهرة التقحيص في الوفرة منذ 3 سنوات وقد نجحنا في مشروعنا وعندما وجدنا ان محافظة الجهراء والمنطقة الشمالية تعاني من قصور في التوعية بخطر التقحيص وابعاده حضرنا الى «أم نقا» للمرة الاولى لأن منطقة «أم نقا» من المناطق التي يكون بها استعراض سيارات في العطل واحتفالات رأس السنة الميلادية، فقمنا بتخصيص مشروع وسع صدرك لمنطقة الجهراء، كما ان لدينا مشروع روضة المحبين وسيتم البدء فيه من خلال زيارة المجمعات التجارية لنصح الناس ويشهد الله اننا عدد من ابناء الديرة الغيورين على مصلحة الشباب وخدمة الدين لا نتبع لأي جهة ولا نريد سوى النصيحة».

وعلى الجانب المقابل، كان المقحصون لهم رأي ايضا، فقال الشاب عبدالله الهاجري «شفيهم الداخلية علينا اليوم شابين الليت؟ نبي نستانس...خربوا الليلة لنا»، مضيفا: «كنا ننتظر رأس السنة بكل لهفة لممارسة هوايتنا، هي رياضة كرياضة الراليات نفسها التي تكون أكثر خطورة وضراوة من التقحيص وتتم بتنظيم من الجهات الرسمية في العديد من دول العالم، واقربها البحرين التي يقام فيها رالي دولي لسباق السيارات».

وعلق على دعوة الدعاة المتواجدين بترك التقحيص بقوله: «هم لهم اجر النصيحة عند الله ونحن إن عملنا بها أجرنا عليها لكن طالما ان هناك قناعة من الشباب بأن التقحيص لا ضرر منه على الآخرين، فهو مجرد تواير قديمة مستعملة يتم التخلص منها ونحن نساعد على التخلص منها اما عن طريق التقحيص او الحرق بعد التقحيص».

اما الشاب خالد المطيري فقد جلس داخل الـ «جي تي 77»، وقال «ان تكلفة التقحيصة كلها مو شي، وما تخرب السيارة خاصة وانها موتورات سباق بالاساس، وتكلفة الليلة على المقحص لا تتجاوز 30 الى 40 دينارا هي تكلفة 4 تواير مستعملين ودوة فحم وسلامة عمرك والماي والعصاير موجودة بالبقالات المنتشرة بالبر».

وشدد على ضرورة الانتباه إلى دوريات الشرطة «لأن الامساك بالمقحص عفسة»، وبسؤاله ان كان تم توقيفه من قبل على خلفية التقحيص، افاد بأنه تم احتجاز مركبته العام الماضي وارسلت السيارة لكراج حجز الداخلية بميناء عبدالله، مضيفا «دوختنا الى ان خرجت السيارة وكلفتني نحو 100 دينار غرامات وخلافه».

ويضيف محمد العتيبي الذي جاوره في السيارة بقوله «ان التقحيص لدينا هواية، ولا اعتقد ان السيارة تنقلب او تنحرق ولم يحدث ان رأيت شيئا مثل هذه الحوادث»، معتبرا ان «الموتر جي تي 77 من افضل السيارات ذات الاداء العالي في التقحيص والسحبات والغرز ولا يحدث لها أي شيء سوى خسارة التواير بعد التقحيص».

ولفت الى ان «الاطارات المستعملة عند التقحيص بها تستمر مع السيارة مدة نصف ساعة وتفر بها السيارات 3 او 4 مرات بعدها تتحول الى أشلاء فيتم استخدامها في التدفئة، ولابد من تفجير التواير الخلفية كلاهما والجائزة أحلى صفقة من الربع ومن الحضور وبعدها الى البيت للنوم».

ولفت الى ان «هناك بنات يحضرن مع اخوانهن لمشاهدة حفلات التقحيص لكن لا يخرجن من سياراتهن ويكتفين بتصوير المشاهد والتصفيق وان كنا لم نشاهد ولا واحدة هذا العام».

اما الشاب احمد الشمري الذي كان لديه موتر وانيت فقد أعرب عن الأسف الشديد «فالشرطة هالمرة شادة حيلها علينا والدوريات من اول طريق الشيخ سعد العبدالله واقفة وعندها الزام مبين عليها والاخوة الدعاة جزاهم الله خيراً ما قصروا والليلة اختربت وكل عام وانتم بخير».

وقال الشمري «ان الاعداد الكبيرة الموجودة بميدان التقحيص في «أم النقا» ليسوا كلهم مقحصين بل عددهم لا يتجاوز 50 او 40 سيارة اما بقية الحضور والذين يصل عددهم نحو 700 الى الف شاب فهؤلاء لزوم التشجيع والتصفيق وإلا فسيصبح التقحيص مباراة كرة قدم بايخة نفسها من دون جمهور».

حدث في «الحلبة»



ألف شاب

- التف حول الداعية الذي كان يخطب في الشباب اكثر من 400 شاب بينما كان هناك اعداد تجاوزت الألف شاب يتابعون المحاضرة من داخل وفوق سياراتهم.

بكاء

- الدعاة انفسهم كان لديهم مكبرات صوتية ومزودين بأجهزة حاسوب تقوم بعمل مؤثرات صوتية مع القصص المؤثرة عن حوادث التقحيص والسيارات والعبر منها والتي ابكت عددا من الحضور بل ابكت الدعاة انفسهم.

«نحشة»

- بعض الشباب الذين ادعوا اهتمامهم بالمحاضرة دخلوا وسط الحضور ليس بدافع الاستماع للمحاضرة بل هربا من رجال الشرطة.

«الداخلية» عيّدت هواة التقحيص قبل بدء الاستعراض



في ضربة استباقية وجهتها أجهزة الأمن بوزارة الداخلية، تمكنت حملة أمنية ومرورية مكثفة من ضبط 33 مستهتراً من المشاركين في السباقات القاتلة اضافة للتحفظ على 44 مركبة متهالكة و من دون لوحات معدنية أو مطموسة المعالم حتى يسهل للمخالفين الهروب من ملاحقة دوريات الشرطة، إضافة إلى ضبط جاخور يستخدم في تجمع الشباب المستهتر ويقوم بأعمال الصيانة ويحتفظ بكميات كبيرة من قطع الغيار وأكداس من إطارات الموت المستهلكة والتي تستخدم في هذا السباقات لإحداث أكبر قدر من الإثارة والدخان المتصاعد من جراء التقحيص والغبار والأصوات المزعجة، حيث تمت إحالة جميع المقبوض عليهم إلى جهات التحقيق المعنية.

وقالت ادارة الاعلام الامني في الوزارة إن الحملة نفذت بتعليمات مشددة من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، واشرف عليها وكيل الوزارة الفريق سليمان الفهد، وبحضور ميداني للوكيل المساعد لشؤون المباحث الجنائية اللواء عبدالحميد العوضي، ووكيل الوزارة المساعد لشؤون المرور اللواء عبدالله المهنا، وبدعم ومساندة من الادارة العامة لشرطة النجدة فى حملة امنية ومرورية مكثفة للحد من ظاهرة سباقات المركبات المتهالكة .