اجتهادات

القانون وحده لا يكفي !

1 يناير 1970 08:59 م
وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أضحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وعاملا مؤثرا في سلوكيات أفراد المجتمع، وعنصرا مهما في التأثير على واقع الدول ومستقبلها، ولا أحتاج إلى تدليل ذلك، لأننا عشنا وتعايشنا مع ثورات الربيع العربي في دول عديدة كانت شرارة بعضها انطلقت عبر «فيسبوك» وحده، ورأينا كيف كان لوسائل التواصل الأخرى، مثل «واتساب» مثلا، دور في تحريك الشارع وفي إزاحة أنظمة بعض هذه الدول!

ولا شك أن لهذه الوسائل جوانب إيجابية وأخرى سلبية، وهي تأثيرات طبيعية لأي تكنولوجيا حديثة يشهدها العالم بمختلف دوله، كما أن هذه التأثيرات تتنوع لتمس الأفراد من ناحية القيم والعادات والتقاليد والثقافة العامة والفكر وغيرها، وأيضا الدول من حيث ثقة المواطن، الاستقرار السياسي والاجتماعي، تدعيم مفهوم المواطنة وغرس قيم المشاركة المجتمعية، فالقائمة تطول ولا يتسع المجال هنا لذكرها جميعا.

وعلى الرغم من أنني مبتعد قليلا عن هذه الوسائل، إلا أنني من خلال جلسة واحدة مع مجموعة من الأصدقاء قبل نحو أسبوعين، تحاورنا عن خبرين انتشرا كالهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أحدهما يخص وقوع أحد مصاعد مستشفى الفروانية، والآخر متعلق بوفاة أحد أئمة الحرم المكي الشريف أثناء إمامته للمصلين في الحرم، وبعد نقاش طويل، تبين أن كلا الخبرين إشاعة!

وقياساً على ذلك، فإن المتتبع لهذه الوسائل قد يلاحظ بما لا يدع مجالا للشك، انتشار أخبار وروايات عديدة ومتنوعة، يكون الكثير منها خطأ ومشكوكا في صحتها، بعضها متعلق بأشخاص، والآخر يمس كيان الدولة واستقرارها ومكوناتها وحتى وجودها، وهذا ما يعنيني في المقام الأول.

وكعادة المؤسسة الحكومية، فقد قامت بسن القوانين المختلفة المتعلقة بالجرائم الإلكترونية وغلظت العقوبات الرادعة وهددت وتوعدت من يسيء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وهذا لا يعيبها إذا كان ضمن الأطر القانونية والدستورية المختلفة، ولكن هل هذا يكفي؟!

لقد أدركت الدول المتقدمة دور هذه الوسائل، فلم تكتفِ فقط بسن القوانين والتشريعات المنظمة لاستخدامها، بل أنشأت وحدات متخصصة لمتابعة سلوكيات الأفراد في تعاملهم مع هذه الوسائل، تنوعت أنشطتها بين دراسة الجانب الاجتماعي والثقافي والاستخباراتي والقيمي، وقامت بتحليل هذه السلوكيات من خلال الدراسات العلمية الدقيقة، لإيجاد المعالجة السليمة لها بما يحفظ استقرار هذه الدول وكيانها ونظامها بعيدا عن استخدام الوسائل القمعية وحدها.

إن ما نحتاجه هو أن يُعاد النظر في معالجة هذا الموضوع، لأن القانون وحده قد لا يكون رادعا لما قد يحدث!

Email: [email protected]