«حرَكة الأعياد» في لبنان... حوارات بلا برَكة
«داعشي» يهدّد بالفرنسية الحريري وجنبلاط وجعجع والسكين على رقاب 3 عسكريين أسرى
| بيروت ـ «الراي» |
1 يناير 1970
11:30 م
يتهيأ لبنان لطيّ الأيام الأخيرة من 2014 و«عيناه» على ملفَّيْن، الاول سياسي يتمثل في أزمة الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية، والثاني أمني يتصل بقضية العسكريين الأسرى لدى تنظيميْ «داعش» و«النصرة»، وهما العنوانان اللذان طبَعا السنة التي تشارف على نهايتها، ويُنتظر ان «ترثهما» الـ 2015 بكل تعقيداتهما التي يتشابك فيها المحلي بالاقليمي.
وفي الملف الرئاسي الذي «انتعش» مع الحركة الديبلوماسية الفرنسية باتجاه طهران والرياض والفاتيكان والتي لا تغيب عنها موسكو، تتجه الأنظار الى حدَثين داخلييْن، الاول مسْرحه الساحة الاسلامية، وموعده بين عيديْ الميلاد ورأس السنة، ويتمثّل في الحوار الثنائي الذي سينطلق بين «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) و«حزب الله» برعاية وحضور رئيس البرلمان نبيه بري، والثاني مسْرحه الساحة المسيحية، ومرجّح في اوائل يناير المقبل، وهو اللقاء بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، مرشح قوى «14 مارس» للرئاسة، وزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، مرشح فريق «8 مارس».
ورغم ان الحِراك الداخلي لا يشي بإمكان إحداث اي اختراقات في الأزمة الرئاسية في ضوء بقاء عون «القفل والمفتاح» في ملف الانتخابات الرئاسية ورفضه الانسحاب لمصلحة مرشح توافقي و«تفيؤ» 8 مارس موقفه، فان من شأن هذا الحِراك توفير مناخ لبناني موات لملاقاة اي تفاهم اقليمي يمكن ان يجري، وإنْ كانت المؤشرات تدلّ على ان حركة مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو وتنقُّله بين بيروت والرياض وطهران والفاتيكان لم تقترب بعد من ايجاد الحلول للمأزق الرئاسي، وانها ما زالت في مرحلة استطلاع النيّات واختبارها، والسعي لإيجاد تقاطُعات تسمح بتمرير هذا الاستحقاق بمعزل عن «الاشتباك» الاقليمي الذي تتداخل فيه «فتائل» الأزمات في المنطقة وعن مسار المفاوضات الممدَّدة حتى يونيو 2015 حول النووي الايراني.
وفي موازاة ذلك، لا يبدو ان ملف العسكريين الأسرى يشي بتطورات ايجابية في المدى المنظور في ظل استمرار «الحيرة» اللبنانية حيال «ركائز» التفاوض مع الخاطفين وقنواته بعد سقوط الوساطة القطرية «بالانسحاب»، وعدم رفد السلطات اللبنانية «هيئة العلماء المسلمين» ولا الشيخ وسام المصري بتفويض رسمي يتيح لهما الانطلاق في مهمة التفاوض مع «داعش» و«النصرة»، وسْط علامات تجاذب سياسي خفي حيال مَن يدير دّفة الملف مع إصرار «8 مارس» على ان تكون مناطة بالخلية الأمنية برئاسة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم.
ومن خلف خطوط «الالتباس» في المقاربة اللبنانية لهذه القضية المفتوحة منذ 2 اغسطس الماضي والتي يُخشى ان تتخذ منحى أكثر خطورة في ظل التطورات العسكرية في القلمون والمواجهات بين «داعش» و«الجيش السوري الحر» والمخاوف من استهداف «الدولة الاسلامية» المقلب اللبناني بعمليات عسكرية، برزت «المبادرة» الفردية التي أصرّ الشيخ وسام المصري على استكمالها، بمعزل عن عدم تفويضه رسمياً، وهو الذي زار جرود عرسال عصر اول من امس، حيث التقى الخاطفين من «داعش» والعسكريين التسعة المخطوفين لديها، فيما اشارت تقارير الى انه لم يجتمع بـ «النصرة» التي تحتجز 16 عسكرياً، والتي كانت اعلنت تكليفه التفاوض مع الجانب اللبناني قبل ان تتراجع عن ذلك.
ورغم اعلان المصري ان تحركه «فردي»، فإن ثمة انطباعاً بأن ما يقوم به يحظى بعدم «ممانعة» من السلطات اللبنانية التي تريد الحصول على تعهّد خطّي من الخاطفين بوقف قتل العسكريين قبل البحث في اي نقطة تفواضية تتصل بالمقايضة، علماً ان الشيخ المصري كان ينتظر امس، اتصالاً من «داعش» للعودة الى جرود عرسال، بهدف الحصول على تعهّد بحفظ حياة الأسرى (رفض داعش اول من امس إعطاءه اياه) واعلن انه التقى التسعة منهم الموجودين في عهدة «الدولة الاسلامية» وهم في صحة جيدة، ومعنوياتهم مرتفعة بعض الشيء، لكنه أبلغ اهالي العسكريين ان الجندي سيف ذبيان يعاني من التهابات حادّة في اذنه، وأن الجندي مصطفى وهبة يُعاني بدوره التهابات في قدمه.
وكان البارز في زيارة المصري لجرود عرسال، انه عاد ومعه فيديو يعكس انزعاج «داعش» من ترك الدولة اللبنانية «حزب الله» يتدخل من دون رادع في الحرب السورية لمصلحة النظام. وحمل هذا الفيديو رسالة تهديد الى كل من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
ويُظهر الفيديو الذي بثّته قنوات لبنانية عدة، 3 من الجنود الأسرى، ويتحدث أحد المقاتلين فيه بلغة فرنسية موجّهاً رسالة «إلى حلفاء فرنسا في لبنان»، الحريري وجعجع وجنبلاط، قائلاً: «اسمعوني جيداً.. الدولة الاسلامية هي اليوم في حالة حرب ضد حزب اللات، الذي يتدخل في شؤون المسلمين في الشام، والذي قتل نساءنا واطفالنا. انتم حتماً مجرمون، ولكنكم اضفتم اليوم الى جرائمكم، جرائم جديدة، من خلال تعاونكم مع حزب اللات، ومن خلال تحويلكم الجيش اللبناني الى مجرد دمية في يد حزب اللات، من خلالها يستهدف اهل السنّة.انتم اذاً المسؤولون الوحيدون عن مستقبل مواطنيكم. مصيرهم، حياتهم او موتهم، رهن بقراركم».
ويختم المسلّح الفيديو قائلاً: «انتم فقط المسؤولون عن مصير أسراكم، فمستقبلهم وحياتهم أو موتهم، يتوقف على قراركم».
وفي هذه الأثناء، كشفت تقارير ان مخابرات الجيش اللبناني قبضَت قبل ايام قليلة على قياديّ مهمّ وبارز في تنظيم «داعش»، كان يخطّط لتنفيذ أعمال إرهابية في لبنان الذي رفع مستوى جهوزيته الامنية تحسّباً لاي استهدافات في مرحلة الاعياد.