الرياض محور حركة تضع اللمسات الأخيرة على حوار «المستقبل» و«حزب الله»

فرنسا تسعى لتكرار سيناريو حكومة «ربْط النزاع» في الملف الرئاسي اللبناني

1 يناير 1970 11:18 م
رغم تداخُل الملفات والأولويات على المشهد الداخلي اللبناني قبيل نهاية السنة الجارية، بدأت الأنظار تشخص الى الحوار المنتظر إطلاقه في الاسبوع الأخير من السنة بين «تيار المستقبل» (الذي يتزعمه الرئيس سعد الحريري) و«حزب الله»، في وقتٍ تبدو الحاجة الى تحصين الوضع الداخلي أكبر من اي وقت سابق مع عودة الأخطار التي تحدق بالواقع الأمني على الحدود اللبنانية - السورية.

وأكدت أوساط قريبة من كتلة «المستقبل» لـ «الراي» ان الاجتماعات التي تُعقد في الرياض بين الرئيس سعد الحريري ووفد قيادي من «المستقبل» يتقدمه الرئيس فؤاد السنيورة ويضم وزير الداخلية نهاد المشنوق ونواباً ومستشارين، يتناول بعمق آفاق الحوار مع «حزب الله» الذي يُنتظر ان تعقد جلسته الاولى بعد عيد الميلاد. كما ان هذه الاجتماعات تتناول ملف رئاسة الجمهورية في ظلّ التحركات والمبادرات الجارية على اكثر من مستوى في صدده، لا سيما من خلال المسعى الفرنسي لتوفير جسر تواصل ايراني - سعودي، في محاولة ربما تُفضي الى تكرار السيناريو الذي أتاح تشكيل حكومة «ربْط النزاع» بعد 11 شهراً من تصريف الأعمال الحكومية، وهو المسعى الذي لا تبدو روسيا بعيدة عنه وتواكبه الفاتيكان عن بُعد.

وأشارت الأوساط نفسها الى ان تيار «المستقبل» يُقبِل على الحوار مع «حزب الله» بخلفية واضحة أساسية هي السعي الى تخفيف الاحتقان السني - الشيعي بالدرجة الاولى وفتْح الملف الرئاسي سعياً الى إنهاء أزمة الفراغ الرئاسي وحضّاً للجهات المعطّلة للانتخابات الرئاسية وفي مقدّمها «حزب الله» على فتح الطريق امام مساعي التوافق على انتخاب رئيس للبلاد. لكن ذلك لا يعني ان ثمة استباقاً لتصورات يمكن ان يُفضي اليها الحوار الذي يبدو أقرب الى اختبار للنيّات الحقيقية الجدّية سواء في تخفيف الاحتقانات ام في تبديل الأنماط المعطّلة للانتخابات الرئاسية. ولذا يغلب التريث الشديد على تيار «المستقبل» وقيادته، عبر عدم إطلاق توقّعات مسبقة حيال الحوار، مع إبداء الاستعداد لإنجاح التجربة وتعميم مناخاتها في كل الاتجاهات السياسية.

وكان لافتاً امس، اعلان نائب الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم ان «الحوار هو الطريق الوحيد المتاح لمعالجة أوضاعنا وحل مشاكلنا، ونحن ندعم أي حوار بين أي جهتين أو أكثر، ولن يكون الحوار سلبياً ولا موجّهاً ضد أحد ما دام ينطلق من البحث عن المشتركات والحلول».

واكد أن «الحوار مطلوب شكلاً ومضموناً، وعندما ينطلق بحده الأدنى فإنه يفتح الأبواب للحلول، وهو في كل الأحوال مصلحة أكيدة للطرفين وللبنان»، مضيفا: «لا داعي لبعض المتصدّرين إعلامياً أن يتعبوا أنفسهم بجدول الأعمال وما هو ممنوع وما هو مسموح، فالمتحاورون قادرون على إنتاج جدول الأعمال المناسب لهم، وبما أن التصميم على انطلاقة الحوار محسوم، فلا مشكلة في التفاصيل».

وتترافق التحضيرات لانطلاق الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» مع مواكبة عن كثب لها من رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، الذي التقى الحريري في جلسة «معمّقة» خلال الزيارة التي يقوم بها للسعودية، والتي وُصفت بالاستثنائية في الشكل والمضمون، في ضوء اللقاءات الرفيعة التي عقدها مع القيادة السعودية ومتابعته عن قُرب لقاءات الحريري مع فريقه السياسي الآتي من بيروت.

وفي موازاة ذلك، تستمر الانظار شاخصة على امكان عقد لقاء بين جعجع والعماد ميشال عون في محاولة لكسر المأزق الرئاسي من خلال التواصل المباشر بينهما كمرشحين معلنيْن لفريقيْ«14 و 8 آذار».

وفي هذا السياق، اعلن جعجع من السعودية أن «لا علاقة بتعطيل انتخابات الرئاسية في لبنان بالوضع المتأزم في سورية»، مشيراً إلى أن «استحقاق الانتخاب معطّل لأنه هناك أحد الأطراف المسيحيين يريد الرئاسة له فقط لا غير، ويصطف من ورائه «حزب الله»الذي يتجاوب مع رغبات إيران».

وأشار الى انه «لو وجد من يدفع ثمناً إقليمياً للرئاسة اللبنانية لإيران، لكان ضغط على«حزب الله»الذي سيضغط على «عون» لتجرى انتخابات رئاسية في لبنان»، معتبراً أن «الثمن إما في العراق وإما سورية».

ورأى ان اللقاء المحتمل مع عون «هو لتجاوز هذه المعضلة، وبالأخص التفاهم على مرشح ثالث، ولكن أنتظر بعض الإشارات الايجابية من العماد عون للاجتماع معه فيما بعد، ومحاولة إحداث تطور ما في الملف الرئاسي».

غير ان الاشارات التي أطلقها العماد عون لا تنطوي على الايجابيات المتوقعة، اذ اعلن في حديث لصحيفة «الأخبار» أن التحضيرات جارية لعقد لقاء بينه وبين جعجع.

وقال ان الحوار لا يقتصر على موضوع رئاسة الجمهورية فحسب، بل سيشمل مواضيع أخرى، مشددا على أنه مرشح «ولن أُعطي صوتي أو أتنازل لأحد. إذا أرادوا انتخاب رئيس من دوني فلينتخبوا. لن أوافق على أي رئيس. والأسباب عديدة».

وعن امكان الاتفاق على شخص ثالث، اوضح عون: «لا يأتي جعجع إلى هنا لنتفق على شخص ثالث. لا يمكن أن يأتي أحد إليّ ليقول لي لا أريدك. يمكن ألا نتفق على الرئاسة، ولكن نتفق على أمور أخرى».