قدم حفلاً ضخماً حضره ثلاثة آلاف متفرّج

محمد عبده ... أعاد للعود مكانته في «كتارا»

1 يناير 1970 02:00 م
علاقة وطيدة بآلة العود أكدها فنان العرب محمد عبده في حفله الذي أحياه أول من أمس في الدوحة وحمل عنوان «أنا وعودي في كتارا»... فهو صديقه منذ الصغر، عندما كان يعزف نشعر بأنه جزء من يديه أو من كله. ووضح جلياً أنه أخذ حيزاً كبيراً من حياته، حتى نشأت بينهما صداقة أصبحت في ما بعد متينة جداً لا يقوى أي شخص على فكها.

يخاطبه، فيرد عليه ويتكلم معه... بلغة لا يفهمها غيرهما، لهما شيفرة اعتادا عليها وتمرّسا في تبادل مفرداتها.

غنّى عبده في تلك الليلة ولم يتحدث عن علاقتة بالعود ... بل ترك له الحديث بالنيابة عنه كونه يرى لغته أفصح وأجمل.

مسرح «كتارا» الذي زينته الشموع من كل جانب وطغت عليه الأجواء الرومانسية، لم يترك لفنان العرب خياراً غير أن يُطرب الحضور الذي فاق عدده ثلاثة آلاف متفرج بكلاسيكياته القديمة التي تحفظها الأجيال، برفقة فرقة موسيقية كبيرة قادها باقتدار المايسترو وليد فايد.

نتجادل أحياناً حول أفضل مغن أو مطرب، لكن عندما نستحضر محمد عبده، نجمع على أنه قامة الفن وقيمته، وهذا الأمر لمسه الحاضرون حين عاد بهم في هذا الحفل إلى أغان لزمن كانت فيه الكلمة متسيدة يساندها اللحن ويبرزها الأداء. من تلك الأغاني «رسولي قوم»، «سبحان الخلاق»، «يا شوق أنا عنك»، «لو سمحت المعذرة»، «يا من عليه التوكل»، «يا شايل السامر»، «عنود الصيد»، «غريب والله غريب»، «دستور»، «وهم»، «خذيتني يا زين»، و»الله أكبر كيف».

وكان الجمهور يطالب محمد عبده بالغناء أكثر في بعض الأغاني المحبوبة لديه، إلا أن الأخير فضّل أن يختزل بعضاً من جهده، إذ إنه سيحيي حفلاً آخر في الدوحة نهاية الأسبوع الجاري ليواكب فرحة قطر الشقيقة باحتفالاتها الوطنية.

إطلالة «فنان العرب» محمد عبده كانت لوحة فنية جمعت ما بين الذكاء والخبرة... فالذكاء جزء من الفن، وذكاء «فنان العرب» نصف فنه، فأجاد في اختيار الأغاني المناسبة للجمهور المناسب وفي التوقيت المناسب، وكان مترنماً بلسان حال عشاقه، وهذا ما نجحت به معادلة النص واللحن في كل ما قدمه في «كتارا».

ولخص عبده في هذه الليلة مفهوم الفن بجملة واحدة ليس إلا، وهي أن تكون قادراً على العودة إلى الملعب في أي وقت متى استطعت ومتى طلب منك، ومكتبته الفنية الثرية داعمة له في كل محفل، لذلك يقتني ما يريد أن يقدمه لجمهوره وفق معايير اكتسبها في عقود مضت، ويعرف تماماً ماذا سيشدو وكيف سيؤدي. وتفاعل الحضور بعد كل أغنية صدح بها عبده، خير دليل على ما ذكرنا سلفاً.

المسرح المفتوح في الحي الثقافي «كتارا» أضفى جمالية رائعة على الحفل مع طقس معتدل وإضاءات متناسقة الألوان تتغير من أغنية إلى أخرى، إضافة إلى العديد من الكاميرات المنتشرة على جنبات المسرح وإخراج متمكّن بإشراف باسم كريستو، وهندسة صوت ساهمت بطريقة مباشرة في إيصال إحساس عبده لأي متلق من الجمهور ... كل في مكانه.

يذكر أن مسرح الحي الثقافي أقيمت عليه العديد من الحفلات الضخمة من قبل، منها حفل الموسيقار العالمي فانجيلاس وأيضاً حفل الأوسكار الموسيقي العالمي، إضافة إلى حفلات وطنية سابقة.