منى فهد عبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي

أهل الكويت أدرى بشعابها ...!

1 يناير 1970 01:49 ص
لدينا رزمة من المشكلات والأزمات في فهم فقه الأزمة، وجاءت هذه الرزمة من عدم فصل المجالات بعضها عن بعض، وعدم فصل الحديث في الداء عن الحديث في الدواء حين نكتب أو نتكلم في شؤون التغيير والإصلاح. عندما نتحدث عن توصيف مشكلة اقتصادية مثلاً نجد أنفسنا قد تطرقنا للحديث عن مشكلة أخلاقية أو تربوية، وحين نتحدث عن حل من الحلول نجد أننا دلفنا للحديث عن المعضلة.

نُشر تقرير لصندوق النقد الدولي في بعض الصحف الورقية والالكترونية بأن هذا المجلس (مجلس الأمة الكويتي) مجلس انجازات، فانهالت التصريحات من بعض الأعضاء والأكاديميين معلقة على ما نشر في التقرير، في الحقيقة أكثرها وقعت بأزمة عدم فصل المجالات. مشكلة الصلة بالواقع ثلاثية الأبعاد، فهناك أولاً الإدراك الأولي للواقع، أي الإحساس به والشعور بما فيه من إيجابيات وسلبيات وإمكانات وممانعات... ثم يأتي بعد ذلك فهم الواقع.

إن معظم الناس يملكون مشاعر جيدة حول الواقع، لكن الذين يفهمون واقعهم على نحو جيد هم دائماً قليلون، لأن الفهم العميق يعني نوعاً من التقييم. وهذا يحتاج إلى معايير علمية محددة، إن فهم وضعية البرلمان في الكويت أو أي دولة أخرى، يتطلب المعرفة بأداء البرلمان وإيجابياته وسلبياته ونقاط ضعفه، كما يتطلب معرفة حسنة بمرتبة البرلمان بين البرلمانات المناظرة....

أما البعد الثالث فيتعلق بمعالجة الواقع وإصلاحه، إن الذين تحدثوا وكتبوا عن مشكلات البلد كثيرون، وكثير من تشخيصاتهم صحيح، لكن حين يأتون إلى طرح الأسئلة حول أسباب ما حدث ويحدث، وإلى توصيف العلاج فإنهم يختلفون إلى درجة التنازع الحاد والتراشق بالبحوث والأفكار والعبارات...

إن الإنسان حين يصف العلاج في إطار مصلحته الشخصية، يكون مثل طبيب يستورد نوعاً من الأدوية، وحتى يبيع منه أكبر كمية ممكنة، فإنه يصفه لكثير ممن يراجعونه بقطع النظر عن نجاعة دوائه وملاءمته لعللهم! تماماً كمن أثنى وامتدح تقرير صندوق النقد الدولي، جاء تصريحه في إطار مصلحته الشخصية.

يشعر المواطن الكويتي بقدر غير قليل من اليأس والإحباط والعجز، حينما ينظر إلى الواقع السيئ، لأن بعض من صرّح ودغدغ مشاعر الناس بالانجاز يخفي ما هو أعظم، لأنه يجد في تشخيص الواقع تفويتاً لبعض المكاسب عليه، ولهذا فإنهم على صعيد التشخيص يهونون من شأن الخلل المعضلة الذي شلّ البلد وأعجزه عن التقدم، ويعطون انطباعاً بأنه أقرب إلى الطبيعي.

«كل الشعوب هكذا... نحن أفضل من غيرنا... تقرير صندوق النقد الدولي شاهد على انجازاتنا...» حتى وإن كانت معاييره لا تمثل واقعنا، ياسادة! أهل الكويت أدرى بشعابها!

[email protected]

mona_alwohaib@