زينب إسماعيل القلاف / نافذة الحق

جسدي ملكي أنا

1 يناير 1970 01:29 م
ذات يوم جاءني اتصال من شخص لديه مشكلة وطلب مني أن استمع إليه، وهو يقص مشكلته، فشعرت أن نبرات صوته بها شيء من الألم والجروح تراكمت على مر السنين، حيث قال:

«وأنا في سن السابعة أو الثامنة تعرضت لاعتداء جنسي مستمر من قبل أخي الذي هو اكبر مني بـ 5 سنوات، وطلب مني عدم إخبار أحد بما فعله معي، فسكتُ سنوات عدة متجاهلاً خطورة وسلبية هذه المشكلة، حتى أصبح ذلك الاعتداء لي متعة مع أخي ومع زملائي، والآن كبرت وتزوجت وأؤدي صلاتي في المسجد وابتعدت عن تلك العادة (القذرة) ولكني.... مازلت أعاني وأصارع نفسي حتى لا أعود إلى (فعل قوم لوط)، بما ان الله هداني، وأصبحت لي زوجة أجاملها، وأدعي لها أنني استمتع معها في كل لحظة، ولكنني في الحقيقة لم أذق أي استمتاع معها، وكل ما أفعله هو أداء واجب الزوج تجاه زوجته فقط، فمن المسؤول عن هذا الجحيم الذي أنا فيه؟».

للاعتداء الجنسي أثار عاطفية مدمرة بحد ذاته على الطفل وسلب حريته وخذلانه فالاعتداء الجنسي الذي يتعرض له الاطفال في المجتمعين الشرقي والغربي يولد عدم الثقة بالنفس، ويجعل الاطفال يحرمون من ممارسة حقوقهم كاللعب والتعليم والتعبير عن آرائهم، ويصبحون انطوائيين، أو يخرج الواحد منهم عن إطار الطفولة والبراءة والخجل.

ومع الأسف الشديد فإن هذه المشكلة التي يتعرض لها الطفل لا تظهر للعلن، ولذلك نجد من الصعوبة تقديرعدد الأشخاص الذين تعرضوا لشكل من أشكال الاعتداء الجنسي في طفولتهم، فالأطفال والكبار على حد سواء يبدون الكثير من التردد في الإفادة بتعرضهم للاعتداء الجنسي والأسباب عديدة، وقد يكون أهمها السرية التقليدية النابعة عن الشعور بالخزي، ومن الأسباب الأخرى صلة النسب التي قد تربط المعتدي جنسيا بالطفل ومن ثم الرغبة في حمايته من الملاحقة القضائية أو الفضيحة.

إن معظم الأطفال المعتدى عليهم لا يفشون سر تعرضهم إلى الاعتداء الجنسي حتى لا يواجهون التهديدات والعقوبات.

فهذه المشكلة تحمل الكثير من الأمور السلبية التي تضر بمستقبل الطفل الاجتماعي والعاطفي والجسدي والنفسي، ودورنا كآباء وأمهات ومعلمين واستشاريين، ومجتمع أن نرفع سقف الخجل، ونتحدث ونشرح بكل صراحة مع الطفل وننصحهم ونعلمهم ما هو الاعتداء الجنسي وخطورته، كما أنه من الواجب علينا أن نعرف الطفل ان جسده ملكه هو – فقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم «مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ».

فعلى وزارة التربية والتعليم، أن تضع خطة تعليمية لاسيما في مرحلة رياض الأطفال للأطفال باسم «جسدي ملكي انا»، يتعلم بموجبها الطفل ما هو التحرش وما خطورته، وليس مطلوبا أن يتعرف أن الممارسة الكاملة ليست وحدها اغتصابا، فالمس المستتر أو العلني أو التعليقات الجنسية أو الالتصاق يعتبر اعتداء جنسيا، والنظر الى الصور الخليعة والمواقع الإباحية لديهم خطورة على الطفل، فتعليم الطفل في هذه المرحلة يكون أكثر فطنة وذكاء حتى يدرك أن جسده لا يحق لأي شخص التحرش به سواء في البيت او المراحل الدراسية.