سلام يلتقي هولاند اليوم
فرنسا تختبر نيّات إيران بتحريكها «المياه الراكدة» في الملف الرئاسي اللبناني
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
01:22 ص
اذا كانت الأيام الثلاثة الأخيرة شهدت انحساراً نسبياً ملحوظاً في سخونة ملف المخطوفين العسكريين اللبنانيين، فذلك لا يعني إطلاقاً النوم على حرير فسحةٍ عابرة ما دامت اي ملامح جديدة للتفاوض مع الخاطفين لم تتبلور بعد.
وساهم عاملان أساسيان حتى الساعة في تراجع السخونة الفائقة في ملف العسكريين وهما تسليم القضاء العسكري زوجة احد قادة المجموعات المسلحة في القلمون ابو علي الشيشاني الى الأمن العام من دون إصدار مذكرة توقيف في حقها الأمر الذي ارتاحت اليه هذه الجهة الخاطفة، وسفر رئيس الحكومة تمام سلام الى باريس في زيارة رسمية أمْلت تعليق القرار الحكومي في شأن القناة التفاوضية التي ستُعتمد بديلاً من الوساطة القطرية الى حين عودة سلام الى بيروت يوم غد.
ومن المتوقع ان تتحرك المشاورات مجدداً بعد عودة سلام الذي يرجح ان يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء مطلع الاسبوع المقبل وقبل الموعد المعتاد كل خميس لاتخاذ القرار في شأن اعتماد القناة التفاوضية الجديدة وما اذا كان سيتمّ الموافقة على اعتماد وساطة «هيئة العلماء المسلمين»ام لا، علماً ان هذه الهيئة طرحت لانطلاقتها في الوساطة شروطاً ومطالب لا يبدو ان رئيس الحكومة والكثير من الوزراء قد يستجيبون لها، حتى ان ثمة مَن يعتبرها اقرب الى هوى الجهات الخاطفة.
وسيتعيّن على الحكومة ان تتخذ قراراً واضحاً في شأن وسائل التفاوض مع الخاطفين وسط تصاعُد الضغوط عليها للمضي في اي خطوة حاسمة تنتشل هذا الملف من مراوحته وخشية ان تعاود الجهات الخاطفة التهديد بقتل رهائن عسكريين آخرين.
وتقول أوساط وزارية مواكبة لهذا الملف ان الامر الوحيد الذي سيجعل المتحفظين او الرافضين لوساطة هيئة العلماء يعيدون النظر في مواقفهم يتمثّل في قدرة الهيئة على الحصول على تعهّد قاطع مثبت من الجهات الخاطفة بوقف تصفية اي عسكري مخطوف قبل انطلاق المفاوضات الجديدة، وهو الامر الذي لم يحصل بعد.
وفي غضون ذلك بدأت حمى الكلام عن التحركات الديبلوماسية التي شهدها لبنان أخيراً في شأن أزمة الفراغ الرئاسي تعود الى نصاب تبريدي ايضاً بعدما توضحت الكثير من معالم هذا التحرك ولا سيما منه الفرنسي بغير النظرة المضخّمة التي رافقت زيارة الموفد الفرنسي الى لبنان جان فرنسوا جيرو قبل يومين.
وفي حين سيكون ملف الاستحقاق الرئاسي من ابرز الملفات التي ستعرض في محادثات الرئيس سلام اليوم مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه، بات واضحاً ان فرنسا لم تضع إطاراً محدداً لتحرُّكها يرقى الى مستوى مبادرة بل دفعت البحث بقوّة في ملف الانتخابات الرئاسية، منتظِرةً ردود فعل الافرقاء اللبنانيين وواضعةً نفسها في موقع «الدينامو» الجاهز للعمل على إطلاق مسار توافقي لانتخاب رئيس جديد للبنان. وثبُت ان جيرو لم يتجاوز في مهمته في بيروت اي اطار يتعدى إبداء الاستعداد بل والدفع نحو احتضان مسعى توافقي للوصول الى انتخاب رئيس الجمهورية الجديد ولم يطرح تالياً اي اسماء او حتى مواصفات توحي بأي انحياز فرنسي نحو اي مرشح خلافاً لكل ما نُشر او قيل عكس ذلك.
وبحسب مصادر لبنانية على صلة وثيقة بباريس، فان هذا الأمر يدلّ على ان الفرنسيين وإن كانوا يرغبون بشدة في تحقيق اختراق بارز في المنطقة عبر البوابة الرئاسية اللبنانية، غير انهم لا يزالون يحاذرون اختبار النيات الذي يجرونه بعد تلقيهم إشارات مرنة من ايران ولن يتورطوا بعيداً قبل ان يستكشفوا مدى صدقية ايران في ترجمة هذه المرونة وكذلك قبل ضمان استجابة الأفرقاء المعرقلين للانتخابات الرئاسية لمسعاهم التوافقي.
وإذا كانت باريس تحرص على إبداء قلقها المتصاعد على لبنان وسط التحديات الارهابية التي يواجهها والأزمة السياسية الخانقة التي تتحكم بواقعه، فإنها حظيت على ما يبدو بدفع وغطاء دولي وإقليمي للمضي في تحركها اللبناني من دون ان يقترن ذلك بضمانات كافية للاطمئنان من الآن الى نجاح هذا المسعى.
ولكن المسعى الفرنسي حقق على الاقل تحريكاً للمياه الراكدة في الأزمة الرئاسية على مشارف نهاية السنة وهو الامر الذي يُترجم راهناً بتصاعد الرهانات في لبنان لدى افرقاء عديدين على ان الأشهر الاولى من السنة الجديدة قد تحمل ملامح نهاية الأزمة الرئاسية.
وكانت بيروت رصدت لقاءات اليوم الاول من زيارة سلام لباريس حيث كانت له كلمة امام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) أعقبها «نقاش» مع أعضاء اللجنة الذين استوضحوا رئيس الوزراء اللبناني حول الاستحقاق الرئاسي وكيف تغطي الحكومة وجود «حزب الله» في سورية وفي الحكومة، والوضع الأمني في ظل الخطة الأمنية في طرابلس والبقاع وعرسال.
وبحسب تقارير في بيروت فان سلام في رده على النواب أبدى تفاؤله بقرب انتخاب رئيس جديد، مشيراً الى مساع إقليمية ودولية وفرنسية في هذا المجال، ولافتاً الى ان «حزب الله» ممثل في الحكومة ومجلس النواب وان وجوده في سورية كانت له ارتداداته على الوضع الداخلي، لكنه أكد ان الحكومة اتخذت منذ البداية قراراً بالحياد والنأي بالنفس وهي تسعى الى درء الفتنة.