دعوات إلى الجامعة العربية لتتبنّى تعزيز الهوية لدى الشباب لإنقاذهم من الضياع الفكري
مؤتمر المعرفة: الآثار السلبية لـ «الربيع العربي» تحتاج إلى الاهتمام بالتعليم وتعزيز المواطنة
| دبي- غانم السليماني |
1 يناير 1970
09:48 ص
• ضاحي خلفان: «الربيع العربي» أفقد المعرفة الأرضية المناسبة لإنتاجها وتوطينها
• ريزخان: «الربيع العربي» هجّر الأدمغة العربية إلى أماكن أخرى لتنعم بالأمان
• عصام شرف: الهوية الوطنية في العالم العربي بدأت بالانسحاب أمام الهويات الفرعية
• غيث فريز: مؤشر المعرفة العربي سيقيس الصورة الكاملة لمجتمع المعرفة عبر أدوات محددة
• بن حويرب: التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل تلعب دوراً كبيراً في نشر المعرفة
• سمير العيطة: عبر مؤشر المعرفة العربي نستطيع معرفة أوجه الإنفاق على الشباب لحل مشكلاته
• لانا مامكغ: العالم الافتراضي يقدّم معرفة زائفة وتواصلاً زائفاً ويتعامل مع الشباب كأرقام فقط
تناولت الجلسة الختامية لمؤتمر المعرفة الأول الذي نظمته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم الحالة المعرفية العربية في ظل الربيع العربي، والآثار التي خلفها على المعرفة وكيفية التعامل معها، حيث بين المشاركون ان الآثار السلبية للربيع العربي تحتاج إلى الاهتمام بتطوير التعليم وتكريس المواطنة.
وفي هذا السياق، قال نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي الفريق ضاحي خلفان إن الربيع العربي أفقد المعرفة الأرضية المناسبة لانتاج وتوطين المعرفة وبالتالي ازدهارها وتطورها، كما أنه في بعض بلدان الوطن العربي يتم تغييب العقول المفكرة والمنتجة للمعرفة، فهناك الكثير من العقول العربية الرائدة إلا أنه لا أحد يعرف عنها، وبالتالي فإنه لن يتم بلوغ المعرفة إلا باحترام العقول المفكرة والمنتجة للمعرفة.
وأفاد بأن التعليم في الوطن العربي لم يتمكن من إيجاد أجيال قادرة على العطاء في سوق العمل، فيتخرج الطالب بمعرفة ضعيفة وتعليم رديء، لذا من الضروري أن نعمل على وضع صياغة جديدة للتعليم وأن نؤسس له مثل الأمم الراقية.
بدوره، أفاد الدكتور عصام شرف، رئيس وزراء جمهورية مصر العربية الاسبق بأن تقييم الحالة المعرفية أو أي عنصر آخر قبل أو أثناء أو بعد الربيع العربي يجب أن يصاحبه تقييم وإجابات لقضايا، وأسئلة مهمة جداً للشباب، والتي تسبب لهم القلق، فالشباب يحتاج إلى أحلام جديدة تصنع المستقبل، كما يحتاج أن تصله رسالة الاستقرار وعلاقتها بمجتمع المعرفة.
وأضاف: أن الهوية الوطنية في العالم العربي بدأت بالانسحاب أمام الهويات الفرعية، كما يعاني الوطن العربي من الخلط بين مفهوم الوطن والدولة، فالحكومات تتغير لكن الأوطان لا تتغير، لذا فإن الوطن هو الأرضية الرئيسية لأي هويات مختلفة.
وأشار إلى أن المعرفة ليست تعليم فقط، بل هي مزيج من الأسرة والبيئات الحاضنة والتعليم، ودعا إلى أن تتبنى جامعة الدول العربية قضية تعزيز الهوية الوطنية لدى الشباب، مؤكداً أن دور الدول المستقرة يكمن في ضرورة وضع برامج متكاملة لانقاذ الشباب العربي من الضياع الفكري.
وأثنى المذيع التلفزيوني ريز خان في مداخلته خلال الجلسة على التجربة الإماراتية في مجال المعرفة، مشيرا إلى أن رؤية القيادة في الدولة كانت قدوة للجميع، وقال:«لقد تحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي عن مسألة الشباب والتعليم في مرحلة مبكرة جدا، وسبق الآخرين بطروحاته الرائدة في هذا المجال».
وأوضح أن الأمر المثير للاهتمام خلال أحداث الربيع العربي هو دمج المشاعر بما حدث، فكان الخطر الأكبر انخراط الشباب بكل ما هو غير مقبول من تطرف بسبب تحكم المشاعر بما يحدث على الساحة العربية.
وذكر أن الربيع العربي حول جل اهتمام الناس لمسألة الأمن والسلامة، ما أثر بشكل سلبي على التعليم الذي لم يكن ضمن أولوياتهم، كما ساهم الربيع العربي بهجرة الأدمغة العربية التي تمتلك المعرفة لتنعم بالأمان في أماكن أخرى.
وخلال جلسة نقاشية أبرزت دوره وأهميته في تحقيق التنمية المستدامة، أعلنت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بدء العمل بمؤشر المعرفة الأول من نوعه عربياً، لمساعدة صناع القرار في الدول العربية للعمل على تشخيص وحل المشاكل التي تواجهها وتعترض سبيل نشر المعرفة وتطوير إنتاجها بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة بالعالم العربي.
وتحدث في تلك الجلسة التي خصصت لمناقشة المؤشر وأهميته ضمن فعاليات مؤتمر المعرفة الأول تحت شعار«تمكين أجيال الغد»، العضو المنتدب لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، جمال بن حويرب، ومدير ومنسق تقرير المعرفة العربي الدكتور غيث فريز، ورئيس منتدى الاقتصاديين العرب سمير العيطة، ووزيرة الثقافة الأردنية الدكتورة لانا مامكغ، وأدارت الجلسة الإعلامية راغدة درغام.
وأبرزت الجلسة حاجة المنطقة العربية إلى مؤشر عربي للمعرفة والمخصص لدعم سبل التنمية في العالم العربي من خلال رصد واقع المعرفة في الوطن العربي بشكل سنوي، مع مراعاة خصوصيات المنطقة العربية ليتم منح تصنيفات خاصة عن مدى تطور واقع المعرفة في كل دولة عربية.
وبين بن حويرب في الجلسة أن مؤشر المعرفة العربي قد بدئ العمل عليه وإطلاقه بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الحثيثة لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للعمل على نشر المعرفة وتطوير مستوياتها في دولة الإمارات العربية المتحدة التي لا يمكن أن تتم بمعزل عن تطوير مستويات المعرفة في باقي دول العالم العربي.
وأشار إلى أن المؤسسة عملت من هذا المنطلق على إطلاق هذا المؤشر لمساعدة صناع القرار في الدول العربية للعمل على تشخيص وحل المشاكل التي تواجهها وتعترض سبيل نشر المعرفة وتطويرها وإنتاجها، خاصة أن هنالك فجوة بين الدول العربية في هذا المجال بسبب محاولة بعض الدول الخروج من بعض أزماتها وتحدياتها كالفقر والبطالة وتبعات الربيع العربي.
كما تحدث بن حويرب عن دور التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في دعم عمية نشر المعرفة انطلاقاً من انتشار وسائل الإعلام الاجتماعي وقدراتها التي لا يمكن تجاهلها وتجاهل دورها وتداخلها في مختلف المجالات، لذلك فإن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم تعمل على نشر المعرفة مستخدمة كافة الوسائل والقنوات والاستراتيجيات، مؤكداً على أن مؤشر المعرفة الذي أعلن اليوم بدئ العمل به كعامل مساعد في دعم هذا التوجه.
وبدوره، تحدث الدكتور غيث فريز عن أن مؤشر المعرفة العربي سيقيس من خلال مجموعة من الأدوات المحددة الصورة الكاملة لمجتمع المعرفة، ويضع النتائج أمام صانع القرار والمواطن بشكل دقيق وببعد زمني دقيق، مشيراً إلى أن أغلب المؤشرات العالمية التي تقيس المعرفة تركز بشكل كبير على البعد الاقتصادي، وتغفل نواحي التنمية الإنسانية وقضايا تنموية مهمة مثل العدل الاجتماعي، علاوة على ذلك فهي قد بنيت لتتعامل وتلائم واقع الدول الصناعية الأكثر تقدماً في العالم ولم تأخذ بالحسبان العديد من المؤشرات ذات العلاقة بواقع وتحديات وطموحات الدول النامية والصاعدة لإقامة مجتمعات واقتصادات المعرفة، إضافة إلى إغفالها الواضح للعلوم الإنسانية والاجتماعية وتركيزها على العلوم الوضعية والتطبيقية.
وأكد فريز أن هذا هو من أهم الأسباب التي دفعتنا للعمل والتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم لإيجاد مؤشر معرفة خاص بالعالم العربي يعكس صورة واقعنا بشكل أقرب لاحتياجاتنا ويراعي القضايا التنموية التي تهمنا وتدعم طموحاتنا وتساعد في مواجهة تحدياتنا لنتعامل مع واقعنا بشكل أفضل.
من جانبه، تحدث في الجلسة سمير العيطة عن التحديات التي تواجهه العالم العربي في ظل الوضع الراهن لحال الدول العربية مشيراً إلى بروز ظاهرة تسونامي الشباب، وكيفية التعامل مع الشباب العربي في الفترات المقبلة، موضحاً أنه عن طريق مؤشر المعرفة العربي سنستطيع معرفة التوجه الأمثل الذي يجب أن يستخدم بهذا الخصوص وما هي أوجه الإنفاق على الشباب العربي لحل مشكلاته.
وأشار العيطة إلى المواءمة بين موضوع البحث العلمي وقضية أساسية أخرى هي التكامل العربي، كما دعا العيطة إلى وجوب زيادة حجم الإنفاق الاجتماعي على المعرفة بشكل منفصل عن الإنفاق الحكومي على المعرفة،بالإضافة إلى عدم إغفال قضية مهمة تؤرق المجتمع العربي اليوم وهي حالات اللجوء في المنطقة وانقطاع الشباب عن التعليم الأساسي والجامعي.
وتحدثت الدكتورة لانا مامكغ عن أن ما بات يسمى تسونامي الشباب، يطرح سؤالا، هل هذا خلل ديموغرافي أم هبه ديموغرافية؟ حيث تبين من خلال حالات الرصد في الفترات الأخيرة أنه خلل ديموغرافي، حيث يعاني الوطن العربي من فوضى الإنجاب، لذلك ينشأ الفرد في المجتمع العربي فاقداً للاحتواء والتفهم والاهتمام ما يؤدي بالفرد بالهجرة لما يسمى بالعالم الافتراضي.
وأكدت على أن هذا العالم الافتراضي يقدم معرفة زائفة وتواصلاً زائفاً وأنه أيضاً احتوى الشباب وتعامل معهم كأرقام فقط، مشيرة إلى أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا من قبل أطفالنا أدى إلى ترهل جسدي عندهم وهذا حتما سيقود فيما بعد إلى حالة من الترهل الذهني.
مؤشر المعرفة
يعتمد مؤشر المعرفة آلية محددة في قياسه لحال و واقع المعرفة في كل دولة على عدد من المؤشرات الفرعية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية الدالة على مستوى ومقدار الجهود المبذولة في كل دولة نحو بناء مجتمعات واقتصادات قائمة على المعرفة.
ومن أمثلة المؤشرات الفرعية التي سيتم قياسها: عدد وفاعلية الجامعات والمعاهد العليا، مدى التكامل والربط بين السياسة التعليمية وجهود البحث العلمي، عدد مراكز البحث العلمي، مقدار الميزانيات التي تخصصها الحكومات لتطوير البحث العلمي، عدد براءات الاختراع المسجلة سنوياً، مدى انخراط القطاع الخاص في دعم وتمويل مراكز البحث العلمي، مدى تطور البنية التحتية للاتصالات كإحدى وسائل نشر المعرفة، عدد الكتب والمؤلفات والترجمات التي يتم إصدارها سنوياً، جهود التوثيق الورقي أو الإلكتروني، جهود تطوير المحتوى باللغة الأم.