عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي

الإسلامي المائع والعريان

1 يناير 1970 05:16 م
تعرض الإسلاميون المطالبون بالتمسك بدين الله وشريعته والداعوت إلى محاربة كل محتل ومغتصب، والواقفون في وجه كل ظالم وطاغية، إلى حملة شعواء وحرب ضروس من قبل أعداء الأمة الإسلامية ممن لا يدينون بالإسلام، أو من بعض المسلمين الذين يرون أن هؤلاء الإسلاميين يهددون مصالحهم.

ولذلك أطلقوا - بين فترة وأخرى - على هؤلاء الإسلاميين صفات ومسميات عدة كي ينفّروا الناس منهم، وليبتعدوا عن الاستجابة لأفكارهم.

فتارةً يصفونهم بالأصوليين، وتارة بالمتطرفين، ومرة بالمتشددين، وأخرى بالمتخلّفين، والمتأسلمين، ومن آخر الأوصاف التي أصبحت على لسان معظم القنوات الفضائية هي وصفهم «بالإرهابيين».

وهنا أنا لا أريد نفي وجود فكر التطرف والغلو عند بعض الإسلاميين، ولكن أريد لفت النظر إلى خطورة تعميم صفة التطرف على كل من تمسك بشعائر الدين، فليس من التطرف المطالبة بتحكيم شرع الله، أو الدعوة إلى الاقتداء بسنة رسول الله، وليس من الغلو محاربة اليهود والنصارى المحتلين لبلاد المسلمين والمطالبة بإخراجهم منها، وليس من التشدد الدعوة إلى محاربة صور الفساد الأخلاقي التي تتفاوت نسبة المجاهرة بها بين بلد عربي وآخر كبيع الخمور والسماح بالدعارة وترخيص الكازينوهات والمراقص.

فالدعوة إلى الخير ومحاربة الفساد هي من صلب الدين ومن علامات خيرية هذه الأمة «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله».

إلا أنه وللأسف تواجد بعض المنتمين لهذا الدين سواء من المنتسبين لأهل العلم أو من المحاربين له بالأصل، ممن أخذوا يطالبون بالتساهل في الأحكام الشرعية، ويدعون تحت مبررات واهية إلى التنازل عن بعض ثوابت هذا الدين.

سمعنا لبعضهم كيف أجاز بيع الخمور لأنه يدعم اقتصاد البلاد، وأفتى بعضهم بعدم محاربة البنوك الربوية بنفس الذريعة السابقة، وجاء آخر ليعطي الحاكم الحق في منع النقاب، ويصبح من الواجب على الفتاة نزعه إذا أمر الحاكم بذلك!! وهو قول لم يقله أحد لا من العلماء السابقين ولا اللاحقين، وقرأنا لأحدهم كيف جعل الراقصة شهيدة إذا ماتت خلال عملها، لأنها كانت تعمل لكسب رزقها!، بل من الفتاوى ذات البلاوي تلك التي جعلت من الواجب طاعة الحاكم المتغلب ولو كان نصرانيا أو يهوديا!

البعض أخذ يتساهل في حكم الحجاب، وسفر المرأة، واختلاطها بالرجال، والبعض الآخر أخذ بهدم أصل الولاء والبراء مع أعداء الإسلام بحجة سماحة الإسلام والوسطية، حتى أباح بعضهم جواز نكاح المسلمة من غير المسلم!

إن من واجب المسلم الصادق أن يتمسك بثوابت هذا الدين ويدافع عنه، ويسعى لتنبيه الناس وتذكيرهم بخطورة ما يقعون به من مخالفات - عقدية أو تعبدية أو أخلاقية - قد تجرُّ عليهم غضب الله وسخطه، قدوته في ذلك رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام والذي قال عن نفسه «وإنّي أنا النذير العريان».

وقد وضح الْعُلَمَاء معنى هذا التشبيه بقولهم: «إنَّه كان الرَّجُل إِذَا أَرَادَ إِنْذَار قَوْمه وَإِعْلامهمْ بِمَا يُوجِبُ الْمَخَافَة نَزَعَ ثَوْبه، وَأَشَارَ بِهِ إِلَيْهِمْ إِذَا كَانَ بَعِيدًا مِنْهُمْ لِيُخْبِرَهُمْ بِمَا دَهَمَهُمْ، وَأَكْثَر مَا يَفْعَلُ ذلك هُوَ طَلِيعَتهمْ وَرَقِيبهمْ.

وقَالُوا: وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لأَنَّهُ أَبْيَنُ لِلنَّاظِرِ، وَأَغْرَبُ وَأَشْنَعُ مَنْظَرًا، فَهُوَ أَبْلَغُ فِي اِسْتِحْثَاثِهِمْ فِي التَّأَهُّب لِلْعَدُوِّ».

فهنيئاً لمن كان النذير العريان لقومه.

Twitter: @abdulaziz2002

‏??