نافذة الكتابة / معايير الكاتب الجذّاب

1 يناير 1970 06:59 ص
هدف كل كاتب أو أديب أن يجذب الناس وأن يستحوذ على قلوبهم بكل ما يملك من سحر وبلاغة في الأسلوب وسمو في الفكرة ووضوح في الهدف، ولو بحثت في سير عظماء الكتاب ومشاهيرهم لأدركت أنهم يشتركون في اهم خاصية وهي الصدق والشفافية فيما يكتبون دون تكلف وافتعال وأن الفكرة استوطنتهم إلى حد الاعتقاد والإيمان فإذا بمدادهم دم وأقلامهم حراب يكتبون بذوب روحهم حتى الانصهار بالكلمة بعيدًا عن الإسفاف والثرثرة الوجدانية الموغلة في النرجسية ومن هنا كان لكتاب العصر الذهبي ألق خاص يندر أن تجد له مثيلا في عصر المادة الذي نعيشه الان والذي حول القلم إلى أداة استرزاق أو قلم ُيجمل القيم الفاسدة ويبررها تحت عناوين براقة وأحيانا وسيلة للعيش المريح خصوصاً عندما يمتلك الكاتب براعة وتفانين في الجذب حتى لو اضطرته الحاجة إلى الخوض في المحرمات والتخبط في القيم وإثارة ضجة لجذب الأضواء.

في موقعي الالكتروني طرحت قضية للمناقشة هدفي أن أجس نبض الناس، القراء، المتلقين موقفهم من الكتاب والكُتاب، رأيهم في الوضع الثقافي والحالة الفكرية المتردية لحياتنا الثقافية وعبر أجواء حرة وفي فضاء مفتوح بعيدا عن الحذلقة والرسميات والأوسمة الكاذبة والدروع الخداعة والتكريم الممجوج، أردت أن أفهم موقف شبابنا المحبط وهو يهجر الكتاب نافرا بروح محبطة وعزيمة مهزومة كانت القضية المطروحة هي:

«هل تعتقد أن الكُتّاب والأدباء عبروا عن نبض الشارع العربي وكيف تقيم الحركة الثقافية»؟

واستجاب مئات الزوار ومن مختلف دول العالم العربي وعبروا عن استهجانهم لما يكتب، وضحالة ما ينشر وتفاهة بعض الكُتاب ممن كتبوا كماً من الاسفاف على حساب الجودة.

وهنا تساءلت في دهشة ما سر جاذبية تلك الكوكبة الناضحة بالإحساس حينما كانت في الزمن الفائت قناديل ضوء تجتذب الناس كفراشات الربيع الزاهية، وما زالت اصداراتهم تتجدد على مر السنين وكأنها جمر يتوقد لهباً مع انطفاء الآخرين.

تنحيت عن موقفي ككاتبة وتركت مشاعري تنساب بتلقائية مع الكتب كقارئة وانطلق رادار إحساسي يلتقط إشارات ضوئية مشفوعة بثقافة متواضعة وإذا بي اكتشف أن لبعض الكتاب بريقًا خاصا وجاذبية مفعمة بعاطفة مشتعلة تجعلهم أقرب للقارئ من ذاته، فحروفهم تتنفس وكلماتهم تنبض فتخترق العقل والوجدان لتفجر في الروح ينابيع حياة.

انهم في حراك دائم يتطورون ويتنامون ويتمددون ليأخذوا بأيدي امتهم الى افق ابعد تنهمر أفكارهم كنث المطر على قلوب جرداء فتهتز وتخضر فإذا بها روابي عطاء.

دعوني أصف لكم سمات الكاتب أو الأديب الجذاب حينما يتربع على عرش القلوب ملكا ويتسيد الألباب فتأتمر بأمر قيمه ومثله الناس، انه يربأ بقلمه أن يقتل الناس صمتاً فهو المبدع في كل موسم، أفكاره زوابع توقظ النيّام، كلماته حمم عطاء.

انه المتوسم بجميل هذه الصفات:

- التماهي بين واقعه ومثله.

- هو من تنهمر من فيضه الكلمات بشفافية وعذوبة دون افتعال وتكلف.

- هو من يعيش واقع الناس وهمومهم وقضاياهم ويتنفس معهم من رئة واحدة.

- محاكاة واقع المجتمع تخيل من يكتب عن العلاقات المنحرفة في وسط محافظ ومن يكتب عن الأثرياء والثروة بين أناس فقراء معدومين.

- ان يتمتع بخلق وسلوك متوازن ويمتثل لما يكتب فالمجتمع لا يقرأ لكاتب يطلق الرصاص على قيمه وعرفه ويسفه بإرثه الثقافي بعدوانية وحدة.

- عندما تصبح الشهرة هاجس الكاتب أو الأديب فينزلق إلى مستنقع الضوء الآسن، يتوه عن الهدف وينحرف عن البوصلة فيتخبط في خضم الافكار المضطربة حينها لا يعرف القلم الا الغثاء.

كن مؤمنا بأهمية قلمك تعرف كيف تعطي

وهنا يقول الاديب الروسي تولستوي:

(وجدتُ في القلم قلباً ينبض وجرحاً يلتئم وروحاً تهيم وجدتُ فيه نفسي التي قضيت سنوات طفولتي أبحث عنها)

ان اردت ان تعرف انك أهلاً للقلم لابد ان تعيشه بتلك الروحية.

* أديبة روائية كويتية

www.khawlaalqazwini.com