ضمن مؤتمر في بيروت نظمته جمعيَّة للأطفال ذوي الإحتياجات والمَركَز الطبي للجامعة الأميركية
باحثون: آمال بتطوير أدوية وعلاجات جديدة للتوحد
1 يناير 1970
07:43 م
كشف أخصائيون خلال مؤتمر أقيم في بيروت أن الأبحاث الأخيرة والتقنيات الحديثة توفّر فرصاً "لإحراز تقدم في تطوير علاجات جديدة للتوحد لدى الأطفال والكبار على السواء"، وعرضوا لدراسات حديثة عن "التوحّد في لبنان" تبيّن أن نسبة انتشاره في بيروت وجبل لبنان مثلاً تبلغ 1/67، وأن نسبة الذكور إلى الإناث بين المصابين هي 1,05/1".
ونظمت جمعيَّة OpenMinds وعيادَة الأَطفال المميزين ASKC في المَركَز الطبي للجامِعَة الأميركيَّة في بيروت AUBMC مؤتمرهما السنوي الثاني تحت عنوان "الأَطفال ذَوو الإحتياجات الخاصة وتحديات الإنتقال إلى مرحلة الرُشد".
وتحدث رئيس قسم علوم الطب الشرعي والعصبية النمائية في معهد الطب النفسي في جامعة "كينغز" البريطانية البروفسور ديكلان مورفي، عن "الجهود الجديدة التي سعت إلى تحديد مدى انتشار وتكلفة اضطرابات التوحد لدى البالغين الشباب، والمقاربات الحديثة للتوصل لعلاجات جديدة".
ولاحظ أن "تطوير علاجات جديدة للتوحد يشكل تحديا صعبا للغاية، إذ أن المسببات المرضية للتوحد غير معروفة، وثمة تنوع سريري واسع في هذا المجال، وتحديد الحالات لا يزال يستند فقط على الأعراض، وبالتالي تتضمن التجارب السريرية عادة عينات من المرضى غير متجانسة من الناحية البيولوجية"، لكنه أكّد أن "التقارير الأخيرة تشير إلى أن فرصاً جديدة آخذة في الظهور"، بعد أن "تم تحديد متغيرات الجينات التي يمكن أن تؤدي إلى التوحّد، وبعضها مرتبط بالوظيفة التشابكية والتواصل العصبي".
وإذ أبرز أن "الظواهر السلوكية التوحدية يمكن أن تعالج بواسطة العلاج الجزيئي المركّز حتى لدى الراشدين أو البالغين"، أشار إلى أن "تقنيات التصوير العصبي، وتتبع العين، والدراسات الكهربية، أظهرت مؤشرات بيولوجية محتملة تساعد في تحديد التصنيفات السريرية".
وأضاف ان هذه التقنيات "أتاحت ملاحظة تشوهات في المسارات الكيميائية العصبية / الببتيد، يمكن أن تكون متصلة بالتشوهات في نمو الدماغ والسلوك، وبالتالي ثمة فرصة راهناً لإحراز تقدم في تطوير علاجات جديدة للتوحد لدى الأطفال والكبار على السواء".
وأوضح أن الأبحاث المتعلقة بالبالغين الشباب بيّنت إمكان "الاستناد إلى الاختلافات في نضج الدماغ ووظيفته في عملية التشخيص"، مشيراً إلى أن لدى المتوحدين "خللاً في أنظمة الخلايا العصبية الهرمية وهرمون السيروتونين ومن خلال استهداف هذا الخلل يمكن معالجة الإختلافات في وظيفة الدماغ".
وأضاف: "استناداً إلى نتائج هذه الأبحاث الأولية، يجري العمل حالياً مع شركاء أكاديميين وصناعيين في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي لتطوير منصة جديدة لاكتشاف الأدوية هي عبارة عن مركز دراسات أوروبي لتطوير أدوية جديدة للتوحد من ضمن المبادرة الأوروبية للأدوية المبتكرة".
أما "التوحّد في لبنان" فتولت التحدث عنه مديرة قسم برنامج الأمراض العصبية الوراثية وطب الأعصاب لدى الأطفال في "عيادة الأطفال المميزين" في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة روز ماري بستاني.
ولاحظت بستاني إلى أن "انتشار التوحّد ازداد على الصعيد العالمي"، مشيرة إلى أن "معدّل الإصابة به في الولايات المتّحدة بلغ 1/68، علماً أن نسبة الذكور إلى الإناث بين المصابين هي 4 إلى 1".
وكشفت بستاني أن "دراسة حديثة أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت ومركزها الطبّي شملت أطفالا دارجين (toddlers) تتراوح أعمارهم بين 16 شهرا وثلاث سنوات في دور حضانة في بيروت الكبرى وجبل لبنان. وبيّنت هذه الدراسة أنّ نسبة انتشار التوحّد في بيروت الكبرى وجبل لبنان باتت تساوي 1/67، وفي حال افترضنا استنتاجاً أن هذه الأرقام تنطبق على كل لبنان، نظراً إلى عدم توافر أية بيانات إحصائية تتعلق بمناطق أخرى، فيمكن القول إنها هي مشابهة جداً لتلك المسجّلة في الولايات المتّحدة، لكنّ الفارق اللافت أن نسبة الذكور إلى الإناث لم تتعدّ 1,05/1". وأوضحت أن ذك "يُعزى على الأرجح إلى روابط القربى المتشابكة في لبنان والزيجات المرتفعة بين الأقارب التي تزيد من دور العوامل الجينية في الإصابة بالتوحّد". وشرحت أن "هذه الفرضية عزّزت بعد تحليلات جينية أجريت في مختبر الوراثة العصبية التابع للمركز الطبّي للجامعة الأميركية في بيروت، لإحدى وأربعين عائلة لديها أطفال مصابون بالتوحّد". وأضافت "قمنا أيضا بتحليل نتائج التصوير بالرنين المغنطيسي عند أطفال دارجين يعانون التوحّد، فرصدنا لدى مجموعة صغيرة منهم تغييرات واضحة في المادة البيضاء مقارنة بالأطفال ذوي السمات العصبية النموذجية".
وشرح رئيس قسم طب النفس والعلوم السلوكية ومدير عيادة التوحد والإعاقات النمائية في مستشفى لوسيل باكارد الأميركي للأطفال الدكتور أنطونيو حردان، آخر التطورات في مجال التوحّد، سواء على المستوى البحثي أو السريري، ولاسيّما في القضايا المتعلقة بإنتقال المتوحدين إلى مرحلة الرشد.
وعرض في هذا الإطار لأبحاث جديدة تهدف إلى تعزيز فهم بيولوجيا الأعصاب المرتبطة باضطراب التوحد (ASD) سعياً إلى تطوير التدخلات العلاجية في هذا المجال وجعلها أكثر فاعلية، وتحديد المؤشرات الحيوية ذات الصلة.
وركّز حردان في عرضه لنتائج هذه الدراسات الرصدية والتجارب السريرية، على العوامل الأساسية لتحسين أداء الأفراد الذين يعانون التوحد، لدى انتقالهم إلى مرحلة الرشد. وأشار إلى أن "عدداً من الدراسات بواسطة تقنية الرنين المغنطيسي، تمحورت على رصد تغيّرات النمو في هياكل الدماغ لدى الأطفال والراشدين الذين يعانون التوحد، وأظهرت أن لدى من يعانون التوحد مسارات متميزة من النمو في العديد من مناطق الدماغ، مع وجود اختلافات في سماكة القشرة وحجم المخ تظهر لديهم مع الوقت مقارنة مع الاشخاص الآخرين. كذلك لفت إلى أن دراسات أخرى ربطت بين ببتيد OXT العصبي ومجموعة متنوعة من العمليات الفيزيولوجية والنفسية المعقدة بما في ذلك الإدراك الاجتماعي البشري".
وقال إن "عدداً من الدراسات اشار إلى إمكان اعتبار تركيزات البلازما كما OXT مؤشرات بيولوجية لتحديد وضع الاضطرابات العصبية والنفسية، ومنها التوحد، لا سيّما في ما يتعلق بالأداء في مجال التواصل الاجتماعي".
وابرز أن "تنمية مهارات الكلام هي المفتاح لنتائج أفضل في مرحلتي المراهقة والرشد"، شارحاً أن "التدخلات العلاجية التي تستهدف ضعف القدرة على التواصل، تُعد عنصراً أساسياً لتمكين المصابين بالتوحد من التمتع بالاستقلالية".
وشدد على "أهمية برامج التثقيف الجماعي للأهل في إكساب أولادهم المتوحدين مهارات اللغة والكلام. كذلك أكد أن للإختلال العاطفي تأثيراً على الاندماج الاجتماعي والمهني الناجح"، مشيراً إلى أن "الدراسات التي تتيح زيادة فهم الفيزيولوجيا المرضية للتفاعل والتنظيم العاطفي لدى الشباب والراشدين الذين يعانون التوحد، تمهّد لتطوير تدخلات علاجية فاعلة تساعد في تسهيل عملية الانتقال إلى مرحلة الرشد".