مهندس معماري «سحَره» الرسم وأبدع في «الكاريكاتير والكوميكس»

معتز الصّواف: أطمح إلى تكريم الفنان وهو على قيد الحياة

1 يناير 1970 03:33 م
بعدما انتشر اسم معتز الصواف في عالم الأعمال لمع اسمه لاحقاً كفنان، ويبدو أن الموهبة التي غفت في داخله لفترة من الزمن، ما لبثت ان استيقظت وأنبتت فناً عبّر من خلاله عن شغفه وحبه الاول والأخير للرسم الكاريكاتوري.

عندما أنهى معتز الصواف دراسته الثانوية، كان يرغب في دراسة فن الرسم الكاريكاتوري ولكن والده كان له الكلمة الفصل عندما أصر عليه بدراسة الهندسة اولاً ودراسة ما يشاء من الفنون في مرحلة لاحقة. وهذا ما حصل بالفعل، فهو اليوم الى جانب أعماله العملاقة (أسس «Arabian Roots» ثم انخرط مع «مجموعة بن لادن السعودية» وتقدّم وتطور حتى تبوأ أعلى المناصب في المجموعة) يهوى رسم الرسوم المتحركة التي تشكل هوايته المفضلة.

إلى جانب معارض الرسم الخاصة به في بيروت وخارجها، وبسبب حبه الكبير للرسم الكاريكاتوري، يسعى معتز الصواف الى دعم كل مَن يملك موهبة الرسم الكاريكاتوري، حيث شارك وزوجته رادا، و«مؤسسة محمود كحيل» و«بشر العظم»، في إطلاق كتاب «هكذا رسم كحيل» كما تم الإعلان عن جائزة «محمود كحيل السنوية». ويتضمن كتاب «هكذا رسم كحيل»، 350 رسمة من رسوماته الأصليّة التي وقّعها ما بين 1980- 2000، فضلاً عن نبذة عن حياته المهنيّة بأقلام بعض الذين عايشوه. وكانت المُبادرة لـ «مؤسسة معتز و رادا الصوّاف للكوميكس العربي» بإصرارها على «احتضان» عالم «الكوميكس» (الرسوم الهزليّة) في مُختلف البلدان العربيّة، وقد دعت فناني «الغرافيك» (التصميم الغرافيكي) الى المُشاركة في الجائزة السنويّة من خلال تقديم أعمالهم في اطار فئات، «الكاريكاتور السياسي، القصص المصوّرة، الشرائط المصوّرة، الرسوم الغرافيكيّة، ورسوم قصص الأطفال»، على أن يحصل كل من يتميّز في فئة أو أخرى على «جائزة محمود كحيل» العريقة بالإضافة الى مُكافأة ماليّة مهمّة.

في العام 2011 عرض معتزّ الصواف ابتكاراته الفنية في ثلاثين لوحة تجسد رسوماً مرسومة بتقنية عالية، في معرض أقيم في بيروت في غاليري PIECE UNIQUE، تولت تنظيمه بإتقان نادر ومحبة فائقة زوجته رادا. وكان المعرض تكريما رائعا لطفلتهما الأولى «ميمونة»، ويومها لاقى المعرض إقبالاً كبيراً وحضره عدد غفير من الاصدقاء الذين أتت غالبيتهم من الخارج. وبالتزامن مع المعرض أصدر الصواف كتابين من رسمه وتأليفه وهما «ميمونة» و«طش فش 1» اللذان عاد ريع بيع نسخهما لجمعية «سعاد واصف الصواف» وهي الجمعية الخيرية الاجتماعية التي أسسها الصواف باسم والديه، كما له كتاب «شلة عزّو» الذي يتناول سيرة حياة معتزّ وأصدقائه.

رسوم «طش فش» تعود إلى قصة قديمة اسمها «فطوم بتشوف البخت» وهي تعكس فصولاً هزلية تصوّر قصصاً وتعكس جانباً من الواقع الاجتماعي والسياسي والأمني عشية الحرب اللبنانية وتداعياتها بأسلوب كاريكاتيري ساخر ولاذع وطريف. هي باختصار استعادة لفترة قلقة تعود الى مرحلة السبعينات على المستويات كافة، وشاهداً على ادراك بصري من تلك المرحلة، منحت الفرصة لمشاهدة ردة الفعل على أحداث تلك المرحلة وطرحت تأملات جديدة بوسائل فن الرسم الكاريكاتوري وعفويته وبساطته.

إلى جانب هذا المعرض أقام معتز الصواف معرضاً آخر في مدينة جدة السعودية، غطى أعماله الكاريكاتورية خلال الفترة الممتدة بين عاميّ 1975 و2011 التي عكست حبه وشغفه بالصور المتحركة، الفن الذي درسه في استديو «بوب غودفري» في لندن في العام 1975 وحاز شهادة معترفاً بها في مجال الصور المتحركة.

إلى نشاطاته المهنية والفنية، يحرص الصواف وزوجته رادا على القيام بمبادرات نبيلة خصوصاً التربوية منها، فهو تبرّع مادي لخدمة مجموعة من القضايا الإنسانية وللجامعات. وقد أطلقت الجامعة الاميركية في بيروت وهي الجامعة التي تخرّج منها معتز في العام 1974، برنامج ماستر «معتز و رادا صواف للفنون والعمارة»، من خلال منحهما مبلغ 1.2 مليون دولار مخصصة لدعم هذا البرنامج، الذي يرى فيه معتز وزوجته، عاملاً مشجعاً لتعزيز الفن النقدي.

كما شيّد معتز الصواف المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، تحت اسم «مبنى واصف سعاد الصوّاف» المؤلف من أربع طبقات، والذي أصبح المقر الجديد للخدمات الصحية وعيادات طب العائلة في الجامعة بالإضافة الى وحدة التشخيص التي شكلت مورداً رئيسياً للمرضى للإفادة من أكثر الأجهزة تطوراً لتشخيص السرطان وأمراض القلب وبعض اعتلالات الجهاز العصبي.

وقد تبرعت عائلة الصواف بالمال اللازم للمركز الطبي فوراً لشراء سكانر (PET- CT) كما تبرّع بتأسيس صندوق لنفقات المرضى المحتاجين الذين سيحتاجون لاستعمال الجهاز.

وفي السعودية أنشأ الصواف كرسي المعلم محمد عوض بن لادن في الهندسة المعمارية في المجتمعات الاسلامية ومنحة مجموعة بن لادن السعودية لطلاب كلية الهندسة والعمارة. ويوفر المهندس الصواف للمركز الطبي استشارات هندسية لمشروع «رؤية 2020» لما له من خبرة طويلة في بناء المستشفيات في السعودية، ويساعد هو وزوجته رادا في أنشطة جمع التبرعات لهذا المشروع.

عن القاسم المشترك بين الهندسة المعمارية والرسم الكاريكاتوري، يقول معتز الصواف «ما يجمع بين هذين المجالين، الابداع والنظرة الفنية والجمالية وإيصال الفكرة».

ومع أن الهندسة المعمارية هي المجال الذي حقق من خلالها طموحه المهني، لكن الرسم الكاريكاتوري هو شغفه الأول، حيث يقول الصواف: «أطمح إلى تكريم الفنان وهو على قيد الحياة كي يمارس عمله ويشاركنا بابداعاته، وهو مكرّم ومعزّز».

اما عن السبب الذي جعله يختار الفنان محمود كحيل لإطلاق جائزة باسمه، فيوضح الصواف «كثر هم المبدعون العرب الذين برعوا في فن الرسم الكاريكاتوري، ولكن لمحمود كحيل الأثر الكبير على جيلنا في لبنان بالأخص وكنا نتطلع كل اسبوع لنتعرف على جديده وسبق لي شخصياً ان تعرفتُ عليه خلال ايام الجامعة. ولذلك بدأت مسيرة تكريم الفنانين معه». أما رادا زوجة معتز الصواف التي تشاركه حياته وهوايته وتربية الأولاد، فبدأت قصتها مع الرسم الكاريكاتوي منذ عمر المراهقة، وتقول: «كأيّ مراهقة، كان للرسم الكاريكاتوري والكوميكس أهمية خاصة عندي، ثم تطوّر الامر إلى درجة الهواية، ولكن لطالما كانت شخصية «سنوبّي» هي المفضلة عندي، ومع زوجي معتزّ تعزّز هذا الاهتمام أكثر». وعن الدور الذي يمكن أن تعكسه كامرأة من خلال مشاركتها في الأعمال الإبداعية، تشير رادا الى ان «للمرأة نظرتها الخاصة نحو الأمور ويجب ان توصلها الى العامة كأي فنان آخر اذا توافرت لديها الموهبة». وكيف تقارن بين معتز الصواف الزوج والمهندس المعماري والرسام الكاريكاتوي، وأي من هذه الشخصيات الثلاث هي الأقرب إليها، تجيب «معتز هو الزوج المبدع والكريم والمواظب على عمله دون كلل او تعب، وأنا أرى ان هذه الشخصيات الثلاث هي واحدة وموجودة فيه في كل لحظة».