صادماً ... حلّ غياب «الشحرورة» على محبيها

رفاق درب صباح: دفء «شمس الشموس» لن يغيب عن القلوب

1 يناير 1970 03:33 م
• وليم خوري: أحتفظ بـ 50 فستاناً من أصل 600 صمّمتها لها ... وربما أعرضها في متحف خاص

• إلياس الرحباني: كنتُ في الخامسة عندما تعرّفت عليها صورة... ثم تعاملتُ معها في 50 أغنية

• جوزف عازار: كانت زميلة وصديقة وأختاً للجميع... وعلى المسرح تشعر بأنها «بنت عشرين»
صادماً... حلّ غياب الشحرورة على محبيها ومن رافقوها في مسيرتها الطويلة.

ومن هؤلاء مصمم الأزياء وليم خوري، الذي رافق «الصبوحة» لأعوام طويلة، وقدّم لها أجمل الفساتين التي تألقت بها في إطلالاتها التلفزيونية وحفلاتها الكبيرة وأفلامها. وقال خوري، الذي لم يشاهد صباح منذ نحو 3 أشهر، لـ «الراي»: «كنت ألتقيها كل شهرين أو ثلاثة أشهر، وكنا نتحدث في كل المواضيع» كان عندها وعي أكثر مني«وكانت تذكرني بأمور تعود إلى ما قبل 40 عاماً وأنا شخصياً لم أعد أتذكرها».

أما على المستوى النفسي، فأكد خوري أن صباح «بتجنن» ولم تتغير أبداً، و«كانت متعلقة بالحياة وتحبها كثيراً، كانت تسألني دائماً عن الفساتين والموضة وتذكرني بفساتين صممتُها لها قبل 40 عاماً».

ونافيا أن يكون لدى صباح أمنية معينة تتعلق بفساتينها، قال خوري:»لم تكن لديها أمنية، بل كنت أتمنى إنشاء متحف خاص بفساتينها ولكنها تخلصت من نصفها، البعض أهدته والبعض الآخر كان استعاره اشخاص ولم يردّوه، حالياً يوجد عندي 50 قطعة من أصل 600 قطعة صممتها خصيصاً لها، ولا أعرف ماذا يمكن أن أفعل بها، وربما أعرضها في متحف خاص«.

وعن الفستان المفضل لديها قال:«كل الفساتين التي صممتها لها كانت جميلة وهي كانت تحبها، ومن بينها فستان (بيضوّي وبيطفي)، وهناك فساتين خاصة صممتها لها لمهرجانات بعلبك والأرز وبيت الدين».

وعما إذا كان يزعجها أن تعيش آخر أيام حياتها بعيداً عن ولديها هويدا وصباح، ردّ خوري:«كانت كلودا ابنة شقيقتها تعيش معها. أولادها يعيشون في أميركا وهم كانوا يزورونها بين وقت وآخر، العلاقة بينهم كانت جيدة، صحيح أنها كانت تخاف على هويدا ولكن (هويدا صارت منيحة) وتزورها دائماً، وهي تعمل في أميركا وسعيدة و(ماشي حالها) وصباح كانت راضية عليها جداً».

وعما إذا كان لديها لوم على الدولة اللبنانية لأنها لم تكن تهتم بها، أجاب خوري:«صباح ما كانت فارقة معها وآخر همها التكريم».

وعن الجهة التي كانت تصرف عليها، قال:«المحبون كثر، وكانت تصلها الكثير من المساعدات، بالرغم من أنها لم تكن بحاجة إلى أحد».

كما نفى خوري أن يكون ابنها صباح هو مَن اهتم بمصاريفها،«صباح كان «ماشي حالها»، كان هناك أشخاص مهمون يقدمون لها المساعدة، بينهم الرئيس بشار الأسد وعدد من الأمراء، هناك شخصيات مهمة لم تتخل عنها أبداً حتى لحظة وفاتها».

بدوره، قال الفنان جوزف عازار الذي شارك صباح العديد من الأعمال الفنية، لـ«الراي»: «قدمت مع صباح 15 عملاً مسرحياً وآخرها (كنز الأسطورة)، وأنا أعرف صباح منذ العام 1963 وقدمنا معاً مسرحيات (الشلال)، (الميجانا والعتابا)، (الليالي اللبنانية)، (القلعة)، (فينيقيا 80)، (الفنون جنون)، (شهر العسل)، (الأسطورة) و(كنز الأسطورة)، عدا عن المسرحيات والاستعراضات التي قدمناها في (الأولمبيا) في باريس، وفي (قصر الفنون الجميلة) في بلجيكا وفي كندا والولايات المتحدة، وقد أخرج البعض منها الفنان روميو لحود، ولحّن الأغنيات جوزف ناصيف ووليد غلمية».

ورأى عازار أن الموت «غيّب صباح عن عيون المحبين، ولكن شمسها لن تغيب عن أعماقنا وقلوبنا»، وقال: «صباح تميزت في كل شيء، هي حقيقة تاريخية وقيمة فنية كبيرة وركن من أركان النهضة الفنية الغنائية في لبنان والعالم العربي، صباح عاصرت كبار أهل الفن ونهلت منهم الروائع، ورسمت طريقها في زمن العمالقة وكانت عملاقة، نقلت إلينا أجمل المناخات التراثية اللبنانية وصوّرت لنا واقعاً وإحساساً يعكس واقعنا وبيئتنا، ونقلت لنا أجواء الضيعة بما فيها من حضارة وغنى وفرح وحب، ولها فضل كبير في نشر الأغنية اللبنانية بأبهى وأروع مظهر، والسنوات التي أمضتها في الفن كانت حافلة بالعطاء».

وبين التمثيل والغناء، أكد عازار أن «الصبوحة فرضت نفسها في كلا المجالين، وكانت موجودة على المسرح بإطلالتها البهية، مشيراً إلى أنها تتميز بأشياء كثيرة، باللطف وخفة الظل، وكانت زميلة وصديقة وأختا، وخلال التمارين على المسرح لا يشعر الفنان الذي يرافقها وزميلها بالتعب، فقد كانت تحسس مَن يقف معها كفنان أنها (بنت عشرين)... وهذه الإنسانة لا يمكن أن يأتي مثلها».

أما الفنان إلياس الرحباني الذي قدّم لصباح 55 لحناً، فقد روى لـ«الراي» بداية معرفته بها قائلاً:«عندما كنت في سن الخامسة، كنت أجلس على سجادة في صالون البيت، وفجأة دخل أخي عاصي مع وديع الصافي، ونادى أخي منصور وقال له (بدي عرّفك على وديع)، وأنا كنت ألهو بجريدة وعليها صورة فتاة جميلة وأحاول أن ألصقها، واحتفظت بهذه الصورة لمدة طويلة إلى أن قالوا لي إنها تعود لصباح، وعندما اتجهت إلى التلحين، بدأت في التعامل مع المطربين الجدد، وإذ بصباح تتصل بي وتقول لي (للوس بدي غنية على ذوقك وتجي تعلّمني ياها)، كلامها كان منمقاً ولم تقل لي (بدي اسمع غنية تعا سمّعني)، يومها لحّنت لها (شفتو بالقناطر) التي حققت نجاحاً كبيراً وكرّت السبحة ولحنتُ لها 55 أغنية».

وعن صباح الإنسانة قال الرحباني:«صباح (ما بتشيل الهم) حتى لو كانت مهمومة، وكتبتُ لها قطعة نثرية كنت أرغب في تقديمها لها وهي بعنوان (صباح) وتقول: صوتها مزيج من صدى أجراس القرى وصدى المياه، يجمل لون صباح مشمس فوق سهول فسيحة، يسكن في البال وفي كل مرة نسمعه يعيد لنا صور لبنان النقيّ، انسياب الأنهار الصافية، فرح الأيام الماضية، وغناء الفلاحين تحت شمس دافئة، على وجهها إشراقة التفاؤل والأمل الآتي، مناضلة وحيدة مدى سنين طويلة، تخفي آلامها وراء ضحكة تبعث الفرح للآخرين، نبيلة في التعامل، الوقت بالنسبة لها مقدس، العمل معها متعة، كرمة كريمة، والكرم حياة ثانية، وعندما تساعد بيدها لا تعلم يدها اليسرى، إنها شمس الشموس صباح».

وعما يقصده بألمها قال:«كان بعض الناس يخيبون ظنها»، أما عن سب وصفها بالمناضلة الوحيدة فقال:«الإنسان هو مناضل مهما تلقى مساعدة، وصباح مرّت عليها أيام زعل وحزن، وكانت إذا غنت في حفلة لم تعد بالربح على صاحبها، ترفض أن تتقاضى أجرها».