إبراهيم مال الله يروي لـ «الراي» ذكريات الجزيرة التي سدّت حاجة أهلها غذائياً ودراسياً ورياضياً

«فيلكا»... كنز التاريخ والقصص والأسرار تتفرد بالجزرالبنفسجي... ولايسكنها الكلاب والثعابين

1 يناير 1970 05:12 م
• بعض البسطاء جعل «شعلة» مزاراً للخضر عليه السلام، وهذا الكلام غير صحيح

• هجرها الجميع عند «التثمين» بعدما كانت الوحيدة المأهولة بالسكان

• محبة المغفور له الشيخ عبدالله السالم لفيلكا وأهلها شهادة نعتز بها
مثلما تعد «فيلكا» كنزاً تراثياً، يحاول الخبراء سبر أغواره يوماً بعد يوم، بحثاً عن التاريخ والعراقة...والآثار، لاتزال الجزيرة الساحرة بطبيعتها وسكينتها، وذكرياتها تفتح أبواباً عن الجديد والمثير.

هكذا هي الجزيرة الساكنة في عمق التاريخ، تتجدد كما لو أنها على موعد دائم مع التنقيب، والمعلومات، والخفايا، والاسرار، منها مايكشفه هذه المرة، من عاش فيها أجمل سنوات حياته، وهام بها حباً وعشقاً، يروي حكاياتها وطبيعتها من التربة المحملة بالخير مروراً بهوائها النقي... والقصص التي تعيد الى القلب أجمل الذكريات.

العم ابراهيم اسماعيل احمد مال الله، هو ووالده من مواليد فيلكا، تعلم في مدارسها، وعمل فيها سنوات طويلة، يتحدث لـ «الراي» عن الجزيرة، ويكشف الجديد من المعلومات، مستذكراً كيف كانت مصدراّ للخضار والفاكهة، ليجول أيضا بأهم محطاتها التاريخية ويمر على القرى... وكثير من الاحداث.

يقول مال الله وهو من مواليد 20 ابريل 1949،ان «أول عمل له كان أمين مكتبة في ثانوية فيلكا المشتركة، ثم عمل امين المكتبة العامة بعد افتتاحها، ثم أصبح مسؤولاً في المشروعات السياحية حتى تقاعد في العام 1995.

الزراعة في فيلكا

ويؤكد مال الله ان«ارض الجزيرة، من الاراضي الطينية الصالحة للزراعة، وكانت حتى الستينات من القرن الماضي، معروفة بزراعة القمح، والخضراوات الورقية، والبطيخ والشمام، وكانت تسد حاجات سكانها الغذائية، فيما تعد الزراعة من المهن الرئيسة لاهلها، وقد اشتهرت بزراعة الجزر البنفسجي، الذي لا يزرع الا فيها»، معتبرا ان «فيلكا» هي بمثابة السلة الغذائية للكويت.

ويشير الى ان الجزيرة ضمت قرى معروفة استوطنها أهلها منذ زمن بعيد، ومنها قرية«سعدوسعيد»و«الدشت» و«القرينية» و«الصباحية» و«القصور»و«الرويسية» و«أم التمر» و«المطيطة»و«الراس».

و عن اهم العائلات التي سكنت الجزيرة فيلكا يقول مال الله:«مجتمع فيلكا هو مجتمع كويتي اصيل ومصغر ومترابط من السنة والشيعة الذين سكنوا الجزيرة في الخمسينات، وكانت عائلة مال الله من أكبر وأقدم العوائل التي سكنت الجزيرة، بالاضافة الى عائلات اخرى مثل الحمدان والشعيب والطاهر والصفي وبو حسين».

الحيوانات في الجزيرة

ويكشف مال الله معلومة قد لايعرفها الكثير مفادها ان الكلب و الثعبان لا يعيشان بالجزيرة منذ قديم الزمان بالرغم من انها تمتاز بوجود الحيوانات بأنواعها المختلفة ومنها الارانب والغزلان.

ويذكر مال الله أيضا من المعلومات عن فيلكا ان «هناك منطقة في الجزيرة تقع برأس فيلكا من الشمال بها شعلة، وتقابلها شعلة اخرى على جزيرة مسكان، وذلك لاستدلال السفن الاتية من (العشار) او ايران، وقام بعض الناس البسطاء بجعل مكان الشعلة مزاراً وقيل انه للخضر عليه السلام، وهذا الكلام غير صحيح ابدا، وانا من سكان، ومواليد فيلكا، ولم يكن لدينا اي مزار حتى الخمسينات».

أول سيارة بفيلكا

ويقول أيضا ان: «اول سيارة دخلت الجزيرة كانت لأخي محمد اسماعيل مال الله من نوع وانيت فورد في الثلاثينات من القرن الماضي».

وعن التعليم والوظائف يبين مال الله انه:«كان في الجزيرة روضة، ومدارس للبنين والبنات، في جميع المراحل الدراسية، وبسبب قلة الوظائف والجامعات،غادرها سكانها، بحثاً عن الدراسة والوظائف الحكومية، وذلك قبل الغزو العراقي، فيما هجرها الجميع عندما تم تثمين بيوتهم، بعد ان كانت الجزيرة الوحيدة المأهولة بالسكان في الكويت».

مسجد مال الله

وأوضح ان المجتمع في «فيلكا» كان محافظاً، ومتديناً، وقد بنى جدي أحمد مال الله أول مسجد في فيلكا في العام 1915،كما كان المجتمع، يحب الادب، والشعر، ولذا كان من أهم وأشهر شعراء الجزيرة هو الشاعر ابراهيم خليل مال الله، الذي ذاع صيته في تنظيم الشعر والتغني بفيلكا بالاضافة للاديب الكبير عثمان بن سند.

وعن الرياضة فقد كانت من الهوايات المفضلة لشباب الجزيرة خصوصا لعبة كرة القدم، ويقول مال الله: «تأسس نادي اليرموك الرياضى كأول نادٍ في فيلكا، وقد انضم اليه مجموعة مميزة رياضياً من ابناء فيلكا، ومنهم الاخوان عبدالله، وأحمد شهاب، واللاعبان الاخوان جواد وسلمان خلف.

وعن طقسها في الشتاء يشير مال الله ان فيلكا ما زالت مكاناً مناسباً للبحث عن الفقع، حيث تمتاز أراضيها بخروج الفقع الابيض والاسمر.ويوضح ان الجزيرة تمتاز بكثرة وجود«القلبان» التي تحتوي على المياه العذبة بالاضافة الى «المطينة» وهي منطقة منخفضة تحتوي على مياه حلوة تجمعها من الأمطار.

أمير الكويت عبدالله السالم

ويتحدث مال الله عن«ولاء أبناء الجزيرة، ومحبتهم للاسرة الحاكمة، ولوطنهم الكويت»، ويقول:«الولاء لحكام الكويت جزء لا يتجزأ من الفيلكاوية، ولعل محبة المغفور له أمير الكويت السابق الشيخ عبدالله السالم، لفيلكا وأهلها، شهادة نعتز بها، حيث كان يمضي معظم وقته فيها وله بيت فيها، وكان ابائي من عائلة مال الله يخدمون الشيخ، ويزودونه بالحليب، وخبز التنورولحوم الضأن والماعز الطازجة، وكان رحمه الله، يحب اهل فيلكا، ويقربهم منه بل عندما تسلم الامارة، خصص يوم الثلاثاء من كل اسبوع لعائلة مال الله لزيارته وتبادل الاحاديث الودية معهم».

«جالوت» مال الله

وعن حب عائلة مال الله للبحر والسفر والغوص يقول:«نتيجة لشح المصادر المعيشية في أرض الكويت عامة، وجزيرة فيلكا بصفة خاصة اتجه أهل جزيرة فيلكا لطلب الرزق في البحر سواء للغوص عن اللؤلؤ او السفر في السفن الخشبية الى كل من مدن الخليج العربي، ومسقط وعدن وبومبي وافريقيا والصومال وكينيا وزنجبار ومن عوائل فيلكا التي اتجهت للبحر عائلة مال الله حيث أقدم رجالها على السفر والغوص في البحر وكان لنا سفينة من نوع (جالوت) للغوص على اللؤلؤ وسفن للسفر الى الهند واليمن وافريقيا مثل بوم فتح الخير وبوم الفتح المبين، وبوم بيان، وبوم الماتة، وبوم تيسير، وكلها ملك لعائلة مال الله، ما عدا بوم مسليني فهو ملك لعائلة طاهر الكريمة».

وعن ابرز واشهر نواخذة عائلة مال الله يوضح:" اشهرهم عمي النوخذة خلف مال الله الذي توفي في العام 1971، ووالدي اسماعيل أحمد مال الله الذي توفي في العام 1971، وعيسى عبدالعزيز مال الله الذي توفي في العام 2010، ومال الله أحمد مال الله».

ويتحدث مال الله عن بوم فتح الخير قائلا: «قام بصناعة هذه السفينة، الاستاذ حمود بن بدر لصالح النوخذة عيسى بورحمة، وحمولته 150 طناً، واشترى السفينة مال الله، وحسن احمد مال الله، من ابناء جزيرة فيلكا عا م1941، وقد ركب عليه النوخذة مال الله بن احمد، والنوخذة ادم عبدالغني، والنوخذة عيسى عبدالعزيز مال الله، ويحتفظ اللواء الدكتور حسين عيسى مال الله برخصة هذه السفينة، وهي تأخذ رقم حكومة الكويت K.T.NO753 وموثقة من حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر، واعتماد المقيم السياسي البريطاني في الكويت، وقد كان لها نشاط واضح ودور مميز في ايصال وجلب التموين من مواد غذائية وملابس الى الكويت اثناء الحرب العالمية الثانية.

عودة السكان

ويتمنى مال الله عودة أهل فيلكا اليها في اسرع وقت «ليعمروا بيوتهم، وان تهتم الحكومة بالجزيرة بجعلها ارضاً زراعية خصبة لزراعة القمح والخضراوات، لانها ستغذي أهل الكويت لواستغلت بشكل صحيح، وكذلك الاهتمام بعودتها منطقة سياحية لجمال طبيعتها وقد كانت تحتوي على قرابة 450 شاليه قبل الغزو الغاشم وزارها الآلاف من السياح من مختلف البلدان العربية والاجنبية».

تسمية «ايكاروس»



وسميت الجزيرة «ايكاروس» تيمنا بجزيرة ايكاروس الافريقية الاصلية الواقعة في بحر ايجة، ويقال ان الاسكندر الاكبر أمر بتسمية الجزيرة بهذا الاسم، وقد كانت مغطاة بمختلف انواع الاشجار، وانها كانت مرعى للماعز والغزلان التي حرم صيدها لانها كانت تقدم قرابين للآلهة «ارتميس» في الهيكل الموجود لها في الجزيرة.

الآثار



في العام 1037 عثر في الجزيرة وبالصدفة على حجر نقشت عليه كتابة يونانية اطلق عليها اسم «حجر سوتيلوس»، وبدأت عمليات الاستكشاف في الجزيرة العام 1958 على يد البعثة الدنماركية، حيث اكتشفت تلالاً اثرية تعود الى الالف الثالث قبل الميلاد، وبما عرف بالعصر البرونزي، ثم توالت البعثات الخارجية للتنقيب عن الآثار حتى ايامنا الحالية.

انشئ اول متحف في فيلكا في قصر المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح، الصيفي في الجزيرة من قبل طارق السيد رجب وفي 9 سبتمبر 1997 نقلت موجودات المتحف الى متحف الكويت الوطني للمحافظة عليها بعد اصابتها بالدمار بسبب حرب تحرير الكويت.