البنوك ترفض مسودات قوانين «الإعسار»: منقوصة ... وتطبيقها يسبب مشاكل عديدة

1 يناير 1970 10:07 ص
• لتفادي طول انتظار تعيين خبير لتقييم العقارات ... يمكن لبنكين كويتيين نشاطهما عقاري القيام بذلك

• التشريع يتعيّن أن يحدث توازناً بين مصالح المدينين والدائنين وليس شركاً للمدين

• الكويت لاتينية المدرسة القانونية ومسودات البنك الدولي إنغلوسكسونية ... بنية القانونين متباينة

• المحكمة الاقتصادية المستقلة يجب ألا تكون مجرد دوائر في المحاكم العادية

• مشاريع القوانين جاءت ترجمة لغوية لا تقيم في مواضع متعددة اعتباراً للمصطلحات العربية

• التوازن بين مصالح المدينين والدائنين يتطلب تشريعاً يدمج أحكام قانوني «الاستقرار» و«الإفلاس»
كشفت مصادر لـ «الراي» أن البنوك الكويتية تعترض على البنية العامة لمسودة قانون إعادة تأهيل المؤسسات التجارية وتصفيتها ومسودة قانون إعادة هيكلة الديون اختيارياً ومسودة القانون المنظم لحقوق الضمان على المنقولات التي اعدها البنك الدولي، وتعتقد أنه سيترتب على الأخذ بها مشاكل قانونية كثيرة عند التطبيق على أرض الواقع.

ورأت البنوك أن مسودات قوانين الإعسار المقترحة تخالف بشكل كبير البنية التشريعية المحلية، مشيرة إلى أن المفاهيم والمبادئ القانونية المستقرة في القانون الكويتي، مستمدة بصفة أساسية من مدرسة القانون اللاتيني، في حين أن بنية القانون المقترح تعبر عن مفاهيم ومبادئ قانونية مستمدة من مدرسة القانون الأنغلوسكسوني، ما يقود إلى مشاكل عديدة في التطبيق القانوني بسبب التباين بين المدرستين التشريعيتين.

واعتبرت البنوك أن أي تشريع يصدر يتعين ان يكون مرتبطاً بمجمل التشريعات الأخرى، وألا يكون منفصلاً عنها، وهذا يكون مصحوباً بعمل قضائي واجتهادات فقهية، وأن يكون مرتبطاً بالمجتمع الكويتي الذي يطبق فيه القانون والوقائع التي ينتظمها، كم يفترض ان يكون الغرض من التشريع أن يحدث توازناً بين مصالح المدينين والدائنين وليس شركاً يقع فيه المدين، أو حائلاً كعقبة بين الدائن والوصول لاستيفاء حقوقه.

وتتفق البنوك في هذا الخصوص إلى حد كبير مع رأي إدارة الفتوى والتشريع في وزارة العدل، والتي أبدت للجنة التوجيهية المشكلة برئاسة وزير التجارة والصناعة في وقت سابق اعتراضها على لغة مسودات القوانين المقدمة من البنك الدولي، والتي رأت انها تحمل تناقضات كبيرة مع النظام القضائي المحلي، ولم توضع في قالب كويتي في ما يتعلق بالأحكام.

كما ان «الفتوى» ابدت انزعاجها الشديد من اللغة التي استخدمها البنك الدولي في توصيف المحاكم الكويتية، والتي تقلل بشكل غير مباشر منها، لا سيما حين أشارت المسودات إلى ان تطبيق قانون حديث لإعادة تأهيل وتصفية الشركات يتطلب بنية تحتية قضائية قوية قوامها قضاة تلقوا التدريب اللازم ولديهم الاستعداد لاصدار القرارات بسرعة في المسائل الاقتصادية المعقدة وهو ما تفتقر إليه المحاكم الكويتية في الوقت الراهن، علماً بان «الفتوى والتشريع» قدمت ملاحظاتها إلى اللجنة التوجيهية وطلبت مراعاتها في إعداد المسودة النهائية، وقد احالت اللجنة هذه الملاحظات إلى البنك الدولي، وحتى الان تنتظر الافادة بخصوصها.

ومن صور التباين التي تزيد الترجيحات بأن يؤدي التطبيق إلى مشاكل عديدة في التطبيق القانوني، ان القانون الإنغلوسكسوني يدعو إلى القضاء المتخصص وإنشاء المحكمة الاقتصادية بمعنى ان يكون لكل قطاع قاض، فعلى سبيل المثال هناك قاضٍ للإعسار واخر تجاري واخر للمرور، وهكذا دواليك، بعكس البنية التشريعية المحلية غير المستعدة لإعادة هيكلة محاكمها وتطبيق هذه الاستقلالية الواسعة.

ورغم اتفاق البنوك على أهمية إنشاء المحكمة الاقتصادية الا أنها تدفع بأن تكون المحكمة الاقتصادية مستقلة ومتخصصة وقضاتها متخصصون في المنازعات الاقتصادية دون غيره، بحيث لا تكون المحكمة مجرد دوائر في المحاكم العادية بل يكون قضاتها مستمرون فيها ومتفرغون لعلمها، فلا ينتدبون بشكل مؤقت سنة أو سنوات عدة، على ان يستمر قضاتها في العمل بالمحكمة الاقتصادية حتى يتحقق الغرض من التخصص المنشود لتحقيق الاتقان من ناحية ومن ناحية أخرى ليتسنى تحقيق العدالة الناجزة.

يشار إلى ان اختيار القاضي في انجلترا، لا يحتاج إلى التدرج مثلما يحدث في الدول العربية، فالقاضي هناك لا يتدرج من وكيل نيابة وصولا إلى القضاء، حيث قد يتم اختياره من بين المحامين المعتمدين في ذلك على اعتبارات من ضمنها النزاهة والخبرة.

ورأت البنوك ان من المسودات المقترحة منقوصة ولا تراعي البيئة التشريعية الكويتية، حيث يغلب على المشروع أنه جاء ترجمة لغوية لا تقيم فى مواضع متعددة، اعتباراً للمصطلحات القانونية الدارجة باللغة العربية، ولا تفرق بين صياغة القانون وصياغة العقود والاتفاقيات النموذجية، وليس نصاً تشريعياً في قالب الصياغات التشريعية المعروفة وهي التي تعطي الحكم القانوني المنضبط.، كما أن التشريع تناول بعض نصوص قانون التجارة ولم يمتد إلى القانون المدني أو قانون الشركات

وفي المقابل تجد البنوك أن المسودات المطروحة من البنك الدولي تضمنت بعض المقترحات القيمة التي تقدم حلولاً جديدة، بشأن إحداث توازن بين مصالح الدائنين ومصالح المدينين، الأمر الذي ينبغي معه على المشرع الكويتي أن يأخذها بعين الاعتبار عند وضع تشريع شامل ينتظم الافلاس وهيكلة الديون المتعثرة، ولكن يتعين أن يكون ذلك في إطار إدخال تعديلات على التشريعات القائمة تتضمن الأخذ ببعض المقترحات التي تضمنتها تلك المسودات، دون نسف التشريعات القائمة.

ولتفادي المشاكل العديدة التي سترتب على تطبيق مسودات قوانين الإعسار بصيغها الحالي اقترحت البنوك:

1- استحداث تشريع يقوم في الأساس على الدمج بين أحكام المرسوم بقانون رقم 2 لسنة 2009 في شأن تعزيز الاستقرار المالي في الكويت، بعد تلافي الانتقادات التي وجهت إليه - وأحكام الإفلاس والصلح الواقي من الإفلاس في قانون التجارة الكويتي، بعد تضمينها الأحكام المستحدثة في المسودات المعروضة.

2- أن يضاف إلى قانون التجارة حكم يقضي بجواز الاتفاق على أن يقوم الدائن المرتهن ببيع الأوراق المالية المرهونة دون حاجة الى التقيد بإجراءات التنفيذ وقد أخذ المشرع المصري بذلك الحكم في شأن البنوك، ولذا على المشرع أن يخطو خطوة أبعد من ذلك ويجعل هذا الحكم منصرفا إلى الرهن التجاري بشكل عام متى قام الدائن بإصدار خطاب ضمان بالمبلغ الذي يقدره القاضي مصدر الأمر.

3- التغلب على طول الوقت يتعين أن يعدل النص بحيث يُكتفى بتقيمين يصدران عن بنكين كويتيين يقوم نشاطهما على التعامل على العقارات ويكون معتمدين للمحكمة أن تأخذ بأيهما أو بمتوسطهما، خاصة وأن العقار في النهاية يباع بالمزاد والسعر يكون في النهاية حسب ما ينتهي اليه المتزايدون، بدلا من احكام قانون المرافعات في شأن بيع العقارات في المادة 265 حكما والتي تقتضي تعيين خبير لتقييم العقارات وهذا يستغرق وقتاً قد يطول لأكثر من عامين.