وزير سابق تحدّاه: «الترويقة كنافة بقشطة»

تطاير شظايا «قنبلة» وزير الصحة اللبناني عن لحوم «البكتيريا» و«بقايا...» في مطاعم وسوبر ماركت

1 يناير 1970 08:10 م
هو أشبه بـ «فيلم رعب» غذائي - صحي يعيشه اللبنانيون من أعوام، ويأتي كل «جزء جديد» منه ليضيف عناصر «صادِمة» إضافية تشي بأن «بلاد الأرز» تتخبّط في «فلتان» يجعل ناسها يعيشون في «حقل ألغام» ينفجر بصحّتهم وبلقمتهم... لغماً لغماً.

هو «الأمن الغذائي» مجدداً يشقّ طريقه الى «اجندة» بيروت المنهمكة بحلول لـ «الامن الاجتماعي» الذي يختزله هذه الايام ملف النازحين السوريين (يشكلون نحو ثلث سكان لبنان وعددهم اكثر من 1.3 مليون)، و«الامن السياسي» المهتزّ منذ 25 مايو الماضي تاريخ تحوُّل الجمهورية «بلا رأس» (فراغ سدة الرئاسة الاولى والعجز عن انتخاب رئيس)، اضافة الى الواقع الأمني المشرّع على «عواصف المنطقة» ورياحها «اللاهبة».

وزير «بطل» في نظر الكثيرين، و«متسرّع» في نظر القليلين، خرج على اللبنانيين عصر الثلاثاء مفجّراً «قنبلة» من «العيار الثقيل» تحت عنوان «لن نقبل بأن تكون اللقمة المغمسة بالعرق، مغمسة بالأمراض»، ومسمياً مخالفات بالجملة تطاول مطاعم وملحمات وسوبرماركت صودرت منها سلع ومواد غير مطابقة لمواصفات السلامة الغذائية ويحتوي بعضها اربعة انواع من البكتيريا المضرة بالصحة العامة، أبرزها «سالمونيلا» و E.COLI والبكتيريا الهوائية وكاشفاً ان بعض العينات التي تم فحصها أظهر أنها تحتوي «على بقايا... البشر، وهذا أمر لا يمكن التسامح معه مهما كانت الكلفة».

هو وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور الذي سرعان ما تحوّل «نجم» وسائل الاعلام و«المجتمع الافتراضي»، لانه اول مسؤول رسمي يتجرأ على الاشارة الى المؤسسات المخالِفة «بالاسم»، مثيراً ملفاً اضيف الى «سلّة فضائح» غذائية سبق ان شغلت لبنان في الاعوام القليلة الماضية ولكن على طريقة «الزوبعة في فنجان» ومن دون ايجاد اي حلول جذرية لها، وليس اقلها قضية المبيدات الزراعية المسرطنة (خصار تحتوي على رواسب مبيدات كيماوية)، وملف شركات تكرير وتعبئة وإنتاج مياه الشرب والتي لا يتعدى عدد المرخص منها الـ24 شركة في مقابل نحو 600 «دكانة» بلا اي تراخيص وتعمل بلا حسيب او رقيب، الى العنوان «المزمن» لمسلخ الكرنتينا الذي يفتقد لأدنى شروط النظافة والذي اثيرت حوله العديد من التقارير الفضائحية وبلا جدوى.

ورغم الصدى السلبي الذي لقيته مبادرة أبو فاعور لدى قطاع المطاعم مثلاً الذي رفضت نقابة أصحابها «أي نوع من التشهير قبل توجيه انذارات خطية وقبل صدور احكام قضائية تدين المطاعم التي تعرضت للتشهير»، واعتبار البعض ان الخلل الأبرز في لبنان «يتمثل في استمرار غياب قانون سلامة الغذاء حتى الآن»، فان ما اعلنه وزير الصحة كان مدار ترحيب و«صدمة» لدى اللبنانيين رغم اقتناعهم بأنهم يعيشون في بلد «الفضيحة التي تأكل الفضيحة».

وقد وجّه ابو فاعور الذي رسم ملامح «كارثة» جديدة طلب من وزير البيئة اكرم شهيب «زفها» الى اللبنانيين وبينها انه «يتم ري الخضار بمياه المجارير»، كتاباً إلى وزير الداخلية طلب بموجبه إقفال الأقسام التي لديها مشكلة مواصفات أو مخالفات في المحال، ريثما تتم العملية الثانية من الفحوص المخبرية وتظهر نتائجها لاتخاذ الخطوات اللاحقة، تبعاً لمدى تطابقها مع شروط السلامة.

وكان وزير الصحة اوضح أن الفحوص المخبرية شملت وستشمل المطاعم ومحال بيع اللحوم والأفران ومحال السوبر ماركت وآبار ومراكز بيع المياه «والنتائج ستظهر وتُتابع بشكل أسبوعي»، لافتاً الى «أن العمليات ستتوسع في اتجاه الخضار والفاكهة والأجبان والألبان وكل السلع التي تعني المواطن».

واشار الى «أن الاقسام التي أعلن عن وجود مواد مخالفة فيها من لحوم ودجاج ومواد غير صالحة وغير مطابقة للمواصفات، وحدها ستتوقف (وليس المؤسسة ككل) عن العمل لتسوية أوضاعها، على أن تعاد الفحوص المخبرية والتأكد من سلامتها خلال اسبوع أو عشرة أيام».

وكشف «ان الحملة شملت ألفا وخمس مؤسسات في كل المناطق اللبنانية، على أساس 400 مؤسسة في جبل لبنان، و200 مؤسسة في الشمال و250 في البقاع وحوالي 200 في الجنوب و50 في النبطية (نتائج الفحوص لبيروت تصدر اليوم) وتم أخذ 3600 عينة لفحصها حيث شملت الفحوص اللحوم على أنواعها والخبز والعجين والحلويات من قشطة وكريما».

وفند المخالفات ملاحظاً «أن هناك عنكبوتا وذبابا على برادات اللحمة التي وجدت حرارة بعضها أعلى من الدرجات الضرورية، فضلا عن الوسخ والزيت الأسود لشدة استهلاكه وأوعية صدئة تستخدم لحفظ اللحوم التي يتم توضيبها للمواطنين بسكاكين صدئة أيضا، كما أن ثمة مطابخ مفتوحة على حمامات، وطعاما موضوعا فوق أكياس النفايات، وما إلى ذلك من شؤون متصلة بغياب النظافة، كالعمل من دون قفازات، وعدم تنظيف العجانة الوسخة».

وفي المقابل، تعمّد الوزير السابق فيصل كرامي تحدي ما اعلن عنه وزير الصحة عن ان «القشطة» في مؤسسة كبرى من التي ذكرها الوزير، فنشر صورة له صباح امس على صفحته على الفيسبوك اثناء تناوله ترويقة كنافة بقشطة من حلوياتها. وكتب: «من التواضع والحكمة أن تقوم وزارة الصحة الكريمة بإعادة التحاليل والتأكد من أي معلومة قبل نشرها للرأي العام والتشهير بواحدة من أعرق المؤسسات المشهود لها بالجودة ومطابقة المعايير العالمية».