بري : اتصالات داخلية ومؤشرات تبعث على التفاؤل في ملف الرئاسة
قضية العسكريين اللبنانيين الأسرى «رهينة» شروط النظام السوري
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
08:09 م
• أهالي العسكريين زاروا السفير التركي الذي وعد بنقل المطالب الى أردوغان
غداة السَرَيان الرسمي لقانون التمديد للبرلمان اللبناني، الذي شكّل ما يشبه «اللقاح السياسي» المضاد لتمدُّد الفراغ الى مؤسسة مجلس النواب، تلاحقت العناوين في بيروت التي استعادتْ اولوياتها «التقليدية»، وأبرزها ملف الانتخابات الرئاسية التي تدور في حلقة مفرغة منذ 25 مايو الماضي، تاريخ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، والواقع الأمني المفتوح على مخاوف من «مفاجآت» جديدة في إطار تشظّيات الأزمة السورية لبنانياً.
ورغم عودة هذين الملفين الى الواجهة، ولا سيما الاستحقاق الرئاسي، فان الاقتناع العام الذي سبق ان ساد بأن «مرْبط الخيل» في طي الأزمة الرئاسية يتمثل في تفاهم اقليمي ينطلق من عناوين شائكة في المنطقة وينسحب على لبنان، زاد ترسخاً في الساعات الماضية مع التقارير عن بدء بروز تقاطُع اميركي - روسي على رؤية لحل في سورية «من دون الرئيس بشار الاسد»، شرط الإبقاء على النظام ومؤسسات الدولة، وهو ما يعني اذا بلغ خواتيمه تطوراً حاسماً في المشهد الاقليمي، يستدعي انتظاراً لآلياته ومدى حضور أطراف وازنة بالمنطقة فيه ولا سيما ايران المنهمكة برتيب نهائي لملفها النووي مع المجتمع الدولي بحلول 24 الجاري، باعتبار ان ذلك سيحدد مسار التعاطي مع الواقع اللبناني باعتباره «ساحة» تشدُّد او «ملاقاة».
والأكيد ان الواقع اللبناني بات مهيئاً لتلقُّف ايّ تفاهمات اقليمية متى حصلت، بدليل 4 تطورات:
* التمديد لمجلس النواب الذي يتيح للطبقة السياسية ان تراوح في «غرفة الانتظار» مطمئنة الى ان البرلمان «جدّد صلاحيته» (حتى يونيو 2017) على قاعدة توافق داخلي استثنى نفسه منه (بين الأطراف السياسيين الوازنين) العماد ميشال عون الذي يستعدّ للطعن بقانون التمديد امام المجلس الدستوري الذي اعلن رئيسه عصام سليمان، امس، انه «عند تقديم الطعن سنتعامل معه وفق الأصول التي نص عليها قانون إنشاء المجلس»، ولكن من دون أوهام بان «القرار الكبير» بإطالة عمر البرلمان سيسقط، هو الذي سلّمت به حتى الدول الكبرى باعتباره «أهون الشرّين» إزاء «الفراغ القاتل» الذي كان ينذر بان يحلّ في 20 الجاري التاريخ الذي كان محدداً لانتهاء ولاية البرلمان.
* إزالة «الألغام» من امام استئناف الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» (بقيادة الرئيس سعد الحريري) من خلال تبادُل رسائل «حسن النية» بين قيادتيْ الطرفين على ان يبقى توقيت الجلوس وجهاً لوجه (ثنائياً) رهناً بالظروف الاقليمية ونضوج امكان بلوغ تسوية ما زال «المستقبل» يعتبر ان مدخلها التفاهم على رئيس جمهورية توافُقي.
* ان اعلان الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله العماد عون مرشحاً رئاسياً للحزب ولفريق «8 مارس» ملاقياً بذلك ترشيح «14 مارس» لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع شكّل عملياً «الوجه الآخر» للمعادلة التي ستحكم الاستحقاق الرئاسي على قاعدة «لا لجعجع ولا لعون» الذي بدا تقدمه خطوة اضافية في الالتصاق بـ «حزب الله» ونقل العلاقة معه من مرحلة التفاهم الى «التكامل الوجودي» في إطار إما التسليم بأن حظوظه انتهت وإما الاعتقاد الواهم بأن الملف الرئاسي لن يُحسم الا بانتصار محور اقليمي على آخر.
* تأكيد رئيس البرلمان نبيه بري «ان ثمة اتصالات داخلية ومؤشرات خارجية تبعث على التفاؤل بملف الاستحقاق الرئاسي والجهود منصبة على تنفيذ ما تم الالتزام به بجلسة التمديد»، علماً انه كان ردّ على المشككين في شرعية مجلس النواب بالقول: «إنهم كأولئك الجالسين على غصن شجرة ويقطعونه في الوقت نفسه».
وفي موازاة ذلك، قفز ملف العسكريين اللبنانيين الاسرى لدى تنظيميْ «داعش» و«جبهة النصرة» الى دائرة الضوء مع بروز تعقيدات نشأت عن قبول الحكومة اللبنانية السير بالخيار الثالث الذي طرحته «النصرة» لإنهاء ملف الاسرى لديها والقائم على مقايضة كل عسكري مخطوف بـ 5 سجناء من لبنان و50 سجينة وراء قضبان النظام السوري، وهو الخيار الذي بدا ان هذا النظام تلقفه لمحاولة جرّ لبنان الى «كلام رسمي مباشر» معه على قاعدة «من دولة الى دولة» وهو ما عبّرت عنه التقارير عن اشتراطه لقاء تسهيل إطلاق سجينات «تلقي طلب رسمي من الحكومة اللبنانية موجه إلى الحكومة السورية»، ورفض الاستجابة للضغوط من أي جهة كانت للافراج عن الضابط السوري الكبير من «الجيش السوري الحر» العقيد عبد الله الرفاعي (اوقفه الجيش اللبناني قبل ايام في عرسال) والذي طالب الجيش الحر بتسليمه اياه، اضافة الى المطالبة بتنسيق بين الجيش اللبناني والسوري لمحاربة «الارهاب» وضبط الحدود.
وبدا واضحاً ان لبنان وقع باختياره الخيار الثالث عوض الاول (إطلاق 10 موقوفين من السجون اللبنانية في مقابل كل عسكري محتجز) في «فخ» قد يكون من الصعب الخروج منه، ولا سيما ان اعتراضات من داخل الحكومة تبرز على اي تواصل مباشر مع نظام الرئيس بشار الاسد في ظل موقف أطراف سياسية ترفض تقديم «صك» اعتراف بشرعيته، وهو ما عبّر عنه بوضوح وزير العدل اللواء اشرف ريفي، الذي اكد انه سيعترض على تقديم طلب رسمي للسلطات السورية، إذا طرح هذا الموضوع أثناء اجتماع خلية الأزمة الوزارية (مساء امس).
وفي سياق متصل، ومع غياب الوسيط السوري المكلف من قطر متابعة الملف (احمد الخطيب) بانتظار جواب الحكومة اللبنانية الرسمي على كيفية تأمين مخارج للخيار الثالث الذي ارتأته للمقايضة، قام اهالي العسكريين المخطوفين الذين هددوا بتصعيد تحركهم غداً في ظل ما يعتبرونه تقاعُساً من الحكومة عبر اعتماد مسار للحل يرتبط جزء منه بالنظام السوري، بزيارة لافتة للسفير التركي في بيروت اينان اوزلديز ونقلوا عنه «انه يتعاطى بشكل جدي في ملف ابنائنا» وانه وعدهم بنقل مطالبهم إلى الرئيس رجب طيب أردوغان، علماً ان انقرة كانت تحفظت عن التجاوب مع طلب لبنان الدخول المباشر على خط هذه القضية.