نافذة الأمل

الخمار الأحمر

1 يناير 1970 04:34 ص
الأحمر... هو اللون المفضل في خريف وشتاء 2014- 2015. هذا ما أكدته مجلة «فرويندين» الألمانية، في حديثها عن الأزياء الجديدة، كذلك أكدت المعنى نفسه عروض الموضة التي أقيمت في نيويورك ولندن وميلان وباريس. فهي استخدمت الأحمر بكل درجاته، واكتشفت الدراسات نفسها أن تنسيق الأحمر مع الأحمر الأقل درجة يؤمّن للمرأة إطلالة أنيقة وجذابة وجريئة.

لا نريد الكلام عن الأزياء، إنما عن الحضور المهم لهذا اللون الكلاسيكي، الذي تقول الأسطورة أن الأحمر الأرجواني منه اكتشفته أميرة فينيقية على شاطئ مدينة صورعلى البحر المتوسط، عندما مضغ كلبها صدفة الموريكس وتلون فمه بالأحمر، وعرف في ذلك الزمن بالأرجوان الملكي، أو الأرجوان الإمبراطوري، أو الصباغ الإمبراطوري. كان يصنعه الفينيقيون، وكان غالياً جداً. وقد ذكره المؤرخ ثيوبومبوس (Theopompus) في القرن الرابع قبل الميلاد، وذكر أنه «يعادل وزنه فضة» في آسيا الصغرى.

والأحمر... واحد من الألوان الثلاثة، مع الأزرق والأصفر، التي تتشكل منها ومن مزيجها كل ألوان الطبيعة. وهو من الألوان الجذابة والمؤثرة، وبحسب دراسات علمية صدرت مؤخراً، هو لا يحتاج إلى ثقافة مسبقة، فالأطفال يجذبهم الأحمر ويميزونه بين الألوان الأخرى، كذلك اكتشفت إحدى التجارب بأن القردة ينجذبون لهذا اللون الساحر. وهو ذو تأثير سيكولوجي فظيع على البشر، يمنح الشعور بالقوة والنشاط والطاقة والود.

لون ليست له صفة واحدة، فهو لكثرة ما له من تأثيرات متنوعة يصل إلى أنه يحمل اتجاهات متناقضة. يقول بينجامين واي هايدن، مؤلّفٌ مشاركٌ في دراسة أخيرة حول اللون الأحمر والانجذاب، وأستاذ مادة الدماغ والعلوم المعرفية في جامعة روشستر في نيويورك: «أظهرت البحوث السابقة أنّ اللون الأحمر في إطار التزاوج يجعل الناس أكثر جاذبية، فيما يجعلهم في إطار القتال يبدون أكثر تهديداً وغضباً».

رموز الأحمر كثيرة، فهو وضع في الكثير من أعلام الدول والشعارات، وتنوعت معاني رموزه كثيراً، فهو يرمز إلى الخطر، التحذير، الرفض، الحب، النشاط، الثورة، الفخامة، التضحية، الحرارة. انه أكثر الألوان رموزاً، وأعلاها طاقة وقوة وحيوية، يصدر ذبذبات عالية، تؤدي إلى زيادة في حركة ونشاط الخلايا وتسارع دقات القلب. وبالتالي فان الإنسان، الذي ينام في أماكن محاطة باللون الأحمر سيشعر بالأرق والكوابيس والأحلام المزعجة. لذلك يفضل تواجده في أماكن لعب الأطفال، ديكورات المكاتب وقاعات الدراسة والإعلانات. ومؤخراً غيرت إدارة أحد المطاعم الشهيرة في أبو ظبي لون المطعم الذي كان أزرق، كونه على شاطئ البحر ويستمد زرقته من البحر، إلى اللون الأحمر، فالداخل إليه يغمره الأحمر فيغوص فيه.

وكان أباطرة الرومان واليونان في القرن الخامس الميلادي يستخدمون اللون البنفسجي المحمر في ملابسهم وديكوراتهم، كعلامة على الملكية والسلطة، ويمنعون الشعب من ارتداء الألوان الملكية. ومعلوم أن الصينيين يحبون الأحمر، وقد استخدموه كثيراً كرمز للقوة والنشاط والسرور والحرية، ولا يزالون يلبسونه كثيراً ويتصدر جميع مناسباتهم.

وللأحمر فوائد طبية أيضاً، فهو له دور كبير في معالجة الاكتئاب، ويساعد في علاج الاضطرابات العقلية، ويساهم كثيراً في علاج أصحاب المزاج السوداوي. وإذا كان «الأحمر يجذب الثيران»، بحسب المثل الفرنسي، ففي تركيا والهند تضع العروس خماراً أحمر ليلة زفافها لتستميل حبيبها أكثر.

* كاتبة كويتية

Amal. [email protected]