طردت امرأة منقبة من الأوبرا بباريس، فغردت الفاضلة - دلع المفتي - بتغريدة من حسابها بتويتر كتبت فيها "بكل بساطة النقاب ليس فرضا في الإسلام، وممنوع قانونا في فرنسا" انتهى.
ونحن اليوم نكتب ونقول أيتها الفاضلة إن كان مقصودك فيما سبق أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، فنحن أمة تفاخر وتفخر بأشياء كثيرة، من جملتها مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا المبدأ العظيم الذي تتسع دلالاته لمعان نبيلة كثيرة، من أهمها أن الأمة تعرف الخطأ من الصواب، وتحاول تشجيع الخير ومحاصرة الشر، وهي إلى جانب ذلك تقف مع الحق ومع الضعيف والمظلوم، ووظيفة الأمة تصوغ أعرافها وتقاليدها ومواقفها على مقتضى أمر الله.
وإن كان مقصودك الإنصاف فهو يعني إدراكا متكاملا لما عند الآخرين من حسنات ومميزات، ولما يعيشون فيه من ظروف مختلفة، وتقدير جوانب الخير والميزات التي يتحلون بها مهما كان منهجهم، والخطأ الذي نقع فيه أننا نضع لأنفسنا مقاييس للصواب والخطأ والنجاح والفشل، ثم نحاول تطبيقها على الآخرين، ونحكم بعد ذلك عليهم بأحكام لا تخلو من القسوة غالبا.
رسالتي الأخيرة للفاضلة - دلع - إن الاختلاف بين الناس سنة من سنن الله في الخلق، ونحن لا نستهجن وجوده، ولكن ما نستهجنه بألا يكون قائما بالقسط والعدل، والاختلاف لا يعني أن نفتي ونتفيهق في أمور الدين، فلنترك الفتوى لأهل العلم، فنحن لسنا أهلا لها، والاختلاف لا يعني أن نقدم القوانين الوضعية على القوانين الربانية التي هي أولى بالاتباع والامتثال، كما أن كثيرا من الجوانب الإنسانية لا تورث لكنها تكتسب اكتسابا فالإنسان يكون عند مولده ناقص النضج، ومن خلال اكتسابه الحس الإنساني يمتلك القدرة على الموضوعية والحيادية وإنصاف الآخرين وإن اختلفوا معنا قلبا وقالبا!!..
وكلنا يعلم أن النقاب حرية شخصية ودينية، فليس من حق أحد أن يقيد هذه الحرية، بناءً على ما جاء وصدر في إعلان دولي بشأن مبادئ التسامح والذي اعتمده المؤتمر العام لليونسكو في دورته الثامنة والعشرين بباريس نوفمبر 1995، حيث تضمنت مادته رقم (1) أن.."ولا تتعارض ممارسة التسامح مع احترام حقوق الإنسان...... تعني أن المرء حر في التمسك بمعتقداته وأنه يقبل أن يتمسك الآخرون بمعتقداتهم......".
فليس لدلع أو غيرها أن يتدخل في حريات الآخرين ما لم تتعدَّ على حرياتهم وحقوقهم، حتى وإن كان من باب الحث على احترام والتزام القوانين، فمقاعد الإنسانية القائمة على العدل والإنصاف والحيادية محدودة اتركوها لأهلها هم أولى بها.
twitter: @mona_alwohaib
[email protected]