تقرير / بعدما أقام جيشاً رديفاً قوياً وفتياً وغيّر مدرسته القتالية
الأسد أصبح خارج التسويات
| كتب إيليا ج.مغناير |
1 يناير 1970
06:28 ص
أصبح الرئيس السوري بشارالاسد من القوة ما يجعله خارج التسويات او الصفقات الجانبية التي تتحدث عنها بعض وسائل الاعلام او يتم تداولها في اروقة الديبلوماسيين الغربيين المعنيين بالحرب الدائرة في سورية والعراق، خصوصاً بعدما استطاع بناء جيش رديف قوي وفتي بمساعدة الحلفاء وغيَّر مدرسته العسكرية لتتلاءم مع متطلبات الحرب الدائرة في سورية منذ اكثر من ثلاثة اعوام ونيف.
ويقول مسؤولون عسكريون مواكبون لتطور القوة السورية التابعة للنظام في سورية ان «الجيش السوري اصبح يقاتل على أرض المعركة ضمن وحدات صغيرة وليس ضمن الوية او فرق او كتائب او سرايا، وقد اعاد هيكليته بما يتلاءم مع الارض وحركته، ومع الميدان وطبيعة العدو الذي يقاتله بطريقة عصابتية، ضمن القرى والمدن وداخل الازقة والشوارع الضيقة والانفاق والمفخخات المموهة وهو (اي هذا العدو) المكون من قوى خبيرة غير نظامية».ويشرح هؤلاء ان «القوات النظامية الكلاسيكية اثبتت فشلها لان تموضعها وحركتها واختصاصاتها الكلاسيكية لا تلائم حرب العصابات التي يقوم بها تنظيم الدولة الاسلامية او جبهة النصرة او غيرهما من الفصائل المعارضة للنظام والتي تسيطر على جزء مهم من سورية، ولهذا فقد اعيد تشكيل وتدريب وتوزيع قوى مرادفة للجيش السوري مؤلفة من سوريين فقط بما يتناسب مع التهديد، مع الافادة من الخبرة القتالية لحزب الله وقوى الحرس الثوري الايراني اللذين ساهما في شكل اساسي بتكوين هذه القوة التي اصبحت اليوم نواة القوة السورية والتي شاركت وتشارك اليوم في معارك على ارض سورية، وأهمها معركة جوبر في الغوطة الشرقية الملاصقة لدمشق حيث تبرز هذه الخبرات من خلال الاداء المميز لهذه الوحدات الخاصة الشابة والفتية التي تتحرك باندفاع وخبرة وثبات داخل اهم المعارك في الشوارع الضيقة التي استحكمت فيها قوى المعارضة السورية وانشأت لها استحكامات تحت الارض وفوقها منذ أعوام».وبحسب الخبراء العسكريين فإن «هذه القوى الخاصة أفادت من تجربة حزب الله ضد اسرائيل وكذلك خبرته في معارك القصير والقلمون وحلب وقد نتج عن هذه القوى الجديدة جنود وضباط يستطيعون خوض اي معركة مع الدولة الاسلامية او القاعدة مهما كانت المعركة صعبة او معقدة ومهما تطلبت.
وقد اصبح الجيش السوري يمتلك معادلة مستقبلية قتالية تستطيع من خلالها فرض مكاسب سياسية وعسكرية، لأنه لم يعد ضعيفاً وبدأ يحقق وحده إنجازات على الأرض، ما يعطي الحكومة ورئيس البلاد أوراقاً تفاوضية يستطيعون من خلالها فرض الشروط المستقبلية، آخذين في الاعتبار الدمار اللاحق بالبلاد ولكن، في الوقت عينه، تستطيع هذه الحكومة منع اي عملية ابتزاز من الممكن ان تتعرض لها مقابل تنازلات اقتصادية او سياسية مستقبلية».ويؤكد الخبراء العسكريون أنفسهم ان «الجيش السوري غير المدرسة العسكرية القديمة إذ لم يعد يزج بكتيبة اولى وثانية وثالثة لاقتحام موقع او منطقة او هدف بل اصبح يستخدم قاعدة النار التدميرية قبل اي معركة وفتح الطريق باستخدام جمع المعلومات الاستخباراتية وتقويم الوضع وزج فريق داخل ارض العدو والقيام بعمليات إلهاء متعددة والزج بقوات صغيرة مع التشدد في المحافظة على القوة البشرية لأن العنصر البشري اصبح من اهم العوامل في الحروب الدائرة في سورية في حرب العصابات، وهذا التغيير قد أسقط الرهان الذي يعول عليه قادة الدول المجاورة لسورية – مثل تركيا مثلاً – وقد أفضى هذا الواقع الى تحول موقف واشنطن التي لم تعد تطالب برحيل الرئيس الاسد - ليس فقط لقوة الجيش السوري وحلفائه على أرض المعركة - بل ايضاً لأن روسيا قد قالتها بصراحة انها ستعطي الجيش السوري أسلحة متطورة اكثر ما اعطت لدمشق في الأعوام الاخيرة وان هذه الأسلحة ستتضمن طائرات حديثة ومتطورة وصواريخ S-300 وصواريخ اسكندر التي لا تقبل اسرائيل بوجودها على حدودها».وثمة من يعتقد ان الحرب الدائرة لم تمنع «الدولة الاسلامية» من ان تبث الثقة اللازمة لمن يعيش تحت كنفها، غير ان مشاهد الهجومات العنيفة ودوي القذائف وصوت الطائرات التي تقصف جوبر ومناطق حول العاصمة غير كافية للحؤول من دون قيام شرطي السير في دمشق من تحرير مخالفات تتعلق بقانون السير او وضع حزام الأمان، ولم توقف حركة تزفيت شوارع العاصمة لتحسين الطرقات وإعادة صيانة البنى التحتية ما يوحي بأن الحرب - رغم قربها - لم تعد خسارتها ضمن الحساب.