د. مبارك الذروة / رواق الفكر

لنزرع الورد

1 يناير 1970 12:40 ص
لنزرع الورد بدلاً من نزع الشوك...

لماذا نجيز لأنفسنا الاعتداء على الآخرين لفظاً أو فعلاً ونحرمهم حق الدفاع عن أنفسهم ...

حتى على فرضية ان ذلك من باب الإنكار ومواجهة الفساد فإن من العدل الإنصاف في النقد والتأني وعدم التجاوز او الجنوح.

وما أجمل ما قاله الفيلسوف برناردشو:

"عندما يقتل الرجل نمرا يسميه رياضة وعندما يريد النمر قتله يسميها شراسة".

إذاً، ما القيمة المضافة لنا ككويتيين في إثارة النعرات واستباحة مناطق محرمة سوى الهوى وحب الظهور؟!، ومن المستفيد في التشفي والرقص على جروح الوطن والناس؟، هل لأننا لا نجيد زراعة الورد وبذر الخير؟، أم لأننا نكره زرع الخير في غير موضعه؟، ولماذا لا نفرق بين الفعل والفاعل والشخص وسلوكه؟، لماذا لا نستلهم حكمة الشاعر: "ازرع جميلا ولو في غير موضعه ما ضاع جميل أينما زُرعا".

تواردت هذه المعاني في ذهني بسبب قضية بلاغ الكويت وتداعياته والتي كشفت عن اللص الذي يسكن في داخلنا.

جمهور لا هم له سوى جمع الحطب بدلا من إطفاء النار...وكأننا لا نعيش في دار واحدة وبيننا روابط الدم واللغة والدين والتاريخ بل والمصير المشترك، وكما قيل النميمة إذاعة الشيطان.

بعض جماهير فضاء التواصل الاجتماعي بالذات وهو جمهور مجهول ادخل مجاميع كبيرة في مطحنة التنبؤات والتوقعات وسيلاً هادراً من التحليلات والأكاذيب وقواميس الطعن والهمز ما يعف الانسان الكريم عن ذكره.

جمهور لا يرى ابعد من خياله وما تحت قدميه، ومن يقتات على مصاب الوطن ليعملق ذاته او ليتملق مسؤولاً او ليشتري بقبحه ثمنا قليلا "فقد احتمل بهتانا واثما مبينا"!

ومهما كانت نتائج التحقيق فإن ما كشفته هذه الأزمة من وحشية العقل الكويتي واحتقانه تجاه المنطق والاتزان والحكمة يحتاج الى دراسة نفسية سلوكية تربوية متأنية.

المتابع لتويتر يصدم بثقافة انتقامية تشويهية تمارس الطعن والاستهزاء والسخرية تجاه "طرفي النزاع في قضية بلاغ الكويت" ومهما كانت الحقائق او النتائج فان ثمة جيلا ينشأ بيننا غريب في فكره وطريقة معالجته.

هل هي القسوة التي اوصلتنا لذلك؟، أم هي تردي الأوضاع الإعلامية والثقافية والسياسية؟، أم اننا عرفنا القسوة عندما قطفنا كل الورود الجميلة في حديقتنا الكويت؟

(وأظلمُ أهل الظلمِ من بات حاسداً لمن بات في نعمائه يتقلبُ)

كنت وما زلت ارددها وأقول ان هؤلاء المتخاصمين امام النيابة اليوم ليسوا من الصين او اسرائيل فاتقوا الله ولا تنسوا الفضل بينكم، وبعيدا عن كل ذلك نحن بحاجة الى إصلاح النفس وتهذيب القيم العامة في المجتمع التي أصبحت كالذباب لا يعيش الا على جروح الوطن ودمامله.

ورحم الله بن سيرين حين يقول: "اكثر الناس خطايا أكثرهم ذكراً لخطايا الناس"

دعوا القضاء يمارس دوره وواجباته وسيقول كلمته معهم او عليهم ولسنا مكلفين بعد ذلك، ولنلتفت الى واجباتنا نحو البناء والعمل والتنمية كلٌ بحسب موقعه.

فإن عجزنا عن اقتلاع الأشواك فلا نترك زرع الورود.