إن التخلف الحضاري هو في الأساس تخلف تربوي أو إخفاق في جهود المربين، وتنبع أهمية التربية من أنها أشبه بإعادة صياغة الفرد حيث يتم من خلالها استكمال بشريته وتكوينه الإنساني، ولهذا قيل:( إن ولد الإنسان لا يصبح إنسانا إلا إذا رباه إنسان).
إن التربية عملية اجتماعية في الأساس، يتولى مسؤوليتها الكبرى الأسرة والمدرسة والإعلام والمجتمع عامة، وهي عملية تفاعلية تكيفية يعبر المربي من خلالها عن حاجات الفرد وحاجات المجتمع حيث يتم توضيح ما يريده المجتمع من المربي، كما يتم تعزيز الخصائص الذاتية لديه حتى يكون إنسانا مستقلاً يسهم فيما بعد في إصلاح مجتمعه، ومن تتبع سِير وقصص المربين على مدار التاريخ سيعلم علم اليقين بأن العمل التربوي كان ومازال وسيظل عملاً شاقاً وغير مضمون النتائج مهما كانت براعة المربي، والسبب هو عدم امتلاكه السيطرة على المؤثرات في شخصية من يربيه، كما أن تمتع الطفل بالطلاقة الروحية وحرية الإرادة تجعل ردود أفعاله غير منضبطة بضابط محدد.
وعلى قدر مشقة التربية لابد من تحديد أهداف تربوية كبرى نسعى إلى تحقيقها لنصل إلى مرادنا، غالبا ما تشترك الأهداف بين المربين المسلمين، والتي تنحصر بين صلاح الأبناء واستقامتهم بالمقاييس الشرعية، ونجاحهم في الحياة وتأهيلهم لكسب رزقهم بكرامة ويسر، وتعويدهم المشاركة في الإصلاح والمساهمة في إثراء الحياة العامة وبناء الوطن. إذاً نحدد الأهداف لجهدنا التربوي ونرسم ملامحه العامة ونضع أسساً لنجاحنا، حتى نستطيع القول بأننا أصبنا الهدف بنجاح وتفوق، وإصابة الهدف تحتاج لأدوات تعيننا على رسم خــــطة تربوية تســـــهل وتذلل لنا الطرق والمـــــسارات التربوية الشاقة، منها.. التزود بالثقافة التربوية الجيدة، وصنع بيئة تربوية ملائمة، إضافة إلى فهم متطلبات المستقبل.
إن الكمال في التربية شيء نطلبه ولا ندركه، وسنظل نسعى إليه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. نربي لإنارة بعض النقاط المظلمة ولفت الانتباه إلى ما نعده أموراً مهمة في مساعينا نحو التربية الربانية التي تجعلنا نفلح ونفوز بجنة عرضها السموات والأرض.
twitter: @mona_alwohai
[email protected]