قصدوا مكة لأداء المناسك ولإرضاء الله تعالى وتأدية الفريضة وتحقيق الركن الخامس من أركان الإسلام

عاد ضيوف الرحمن... بميلاد جديد وسجلات بيضاء وصفحات خالية من الذنوب... ولكن !

1 يناير 1970 04:48 م
• من أسباب قبول الأعمال الصالحة استصغار العمل وعدم العجب والغرور به

• رجاء قبول العمل والخوف من رده يورث الإنسان تواضعاً وخشوعاً لله تعالى

• المداومة على الأعمال الصالحة سبب لمحبة الله تعالى للعبد وللنجاة من الشدائد
يتوجه الحجاج الى بيت الله الحرام ليعودوا بميلاد جديد، وذنب مغفور، وسعي مشكور وعمل متقبل، وحج مبرور والذي جزاؤه الجنة. فالكل يقصد مكة لأداء المناسك، ولارضاء الله تعالى، وتأدية الفريضة، وتحقيق الركن الخامس من أركان الاسلام، ويتحمل الحجاج الصعاب في سبيل تحقيق ذلك، فيصبرون على المشاق، ويتجاوزون الصعوبات، ويتغلبون على المنغصات، ويبذلون النفقات، ويدخرون الأموال، ولا يبخلون بالمصروفات على هذه الرحلة المباركة، ويستعدون بكل ما يستطيعون، ويتزودون بالتقوى. فهل بعد أداء الحج، وبعد ان يعود الحاج بميلاد جديد، وصفحات خالية من الذنوب، ويرجع بسجلات بيضاء جديدة خالية من المعاصي، فلعل أهم ما يشغله هو مسألة قبول العمل؛ هل قُـبِـل أم لا، فان التوفيق للعمل الصالح نعمة كبرى، ولكنها لا تتم الا بنعمة أخرى أعظم منها، وهي نعمة القبول. وهذا متأكد جداً بعد الحج الذي تكبد فيه العبد انواع المشاق، فما أعظم المصيبة اذا لم يقبل ؟ وما أشد الخسارة ان رد العمل على صاحبه، وباء بالخسران المبين في الدين والدنيا ! واذا علم العبد ان كثيراً من الأعمال ترد على صاحبها لأسباب كثيرة كان أهم ما يهمه معرفة أسباب القبول، فاذا وجدها في نفسه فليحمد الله، وليعمل على الثبات على الاستمرار عليها، وان لم يجدها فليكن أول اهتمامه من الآن: العمل بها بجد واخلاص لله تعالى.

أسباب قبول الأعمال الصالحة

-1 استصغار العمل وعدم العجب والغرور به: ان الانسان مهما عمل وقدم فان عمله كله لا يؤدي شكر نعمة من النعم التي في جسده من سمع أو بصر أو نطق أو غيرها، ولا يقوم بشيء من حق الله تبارك وتعالى، فان حقه فوق الوصف، ولذلك كان من صفات المخلصين انهم يستصغرون أعمالهم، ولا يرونها شيئاً، حتى لا يعجبوا بها، ولا يصيبهم الغرور فيحبط أجرهم، ويكسلوا عن الأعمال الصالحة. ومما يعين على استصغار العمل: معرفة الله تعالى، ورؤية نعمه، وتذكر الذنوب والتقصير.

ولنتأمل كيف ان الله تعالى يوصي نبيه بذلك بعد ان أمره بأمور عظام فقال تعالى: (يا أيها المدثر. قم فانذر. وربك فكبر. وثيابك فطهر. والرجز فاهجر. ولا تمنن تستكثر). فمن معاني الآية ما قاله الحسن البصري: لا تمنن بعملك على ربك تستكثره.

2 - الخوف من رد العمل وعدم قبوله: لقد كان السلف الصالح يهتمون بقبول العمل أشد الاهتمام، حتى يكونوا في حالة خوف واشفاق، قال الله عز وجل في وصف حالهم تلك: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون. أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) (المؤمنون:60،27). وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بانهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون الا يتقبل منهم. وأثر عن علي رضي الله عنه انه قال: (كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل. ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: (انما يتقبل الله من المتقين) (المائدة:27).

3 - الرجاء وكثرة الدعاء: ان الخوف من الله لايكفي، اذ لابد من نظيره وهو الرجاء، لان الخوف بلا رجاء يسبب القنوط واليأس، والرجاء بلا خوف يسبب الأمن من مكر الله، وكلها أمور مذمومة تقدح في عقيدة الانسان وعبادته.

ورجاء قبول العمل- مع الخوف من رده - يورث الانسان تواضعاً وخشوعاً لله تعالى، فيزيد ايمانه. وعندما يتحقق الرجاء فان الانسان يرفع يديه سائلاً الله قبول عمله؛ فانه وحده القادر على ذلك، وهذا ما فعله أبونا ابراهيم خليل الرحمن واسماعيل عليهما الصلاة والسلام، كما حكى الله عنهم في بنائهم الكعبة فقال: (واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم) (البقرة:127).

4 - كثرة الاستغفار: مهما حرص الانسان على تكميل عمله فانه لابد من النقص والتقصير، ولذلك علمنا الله تعالى كيف نرفع هذا النقص فأمرنا بالاستغفار بعد العبادات، فقال بعد ان ذكر مناسك الحج: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم) (البقرة:199). وأمر نبيه ان يختم حياته العامرة بعبادة الله والجهاد في سبيله بالاستغفار فقال: (اذا جاء نصر الله والفتح. ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً. فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان تواباً). فكان يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) رواه البخاري. وكان صلى الله عليه وسلم يقول بعد كل صلاة فيقول: (أستغفر الله) ثلاث مرات.

5 - الاكثار من الأعمال الصالحة: ان العمل الصالح شجرة طيبة، تحتاج الى سقاية ورعاية، حتى تنمو وتثبت، وتؤتي ثمارها، وان من علامات قبول الحسنة: فعل الحسنة بعدها، فان الحسنة تقول: أختي أختي. وهذا من رحمة الله تبارك وتعالى وفضله؛ انه يكرم عبده اذا فعل حسنة، وأخلص فيها لله انه يفتح له باباً الى حسنة أخرى؛ ليزيده منه قرباً.

وان أهم قضية نحتاجها الآن ان نتعاهد أعمالنا الصالحة التي كنا نعملها، فنحافظ عليها، ونزيد عليها شيئاً فشيئاً. وهذه هي الاستقامة التي تقدم الحديث عنها.

نماذج من محافظة الصحابة على العمل الصالح: عن عائشة رضي الله عنها انها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات ثم تقول: (لو نشرني أبواي ما تركتها) (أخرجه مالك، وصححه اسناده الألباني).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الفجر: (يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الاسلام، فاني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة)، قال: (ما عملت عملاً أرجى عندي اني لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل ولانهار الا صليت بذلك الطهور ما كتب لي ان أصلي) متفق عليه.

وعن بريدة قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلالاً فقال: (بم سبقتني الى الجنة؟ ما دخلت الجنة قط الا سمعت خشخشتك أمامي) قال: يا رسول الله، ما أذنت قط الا صليت ركعتين، فقال رسول الله: (بهما) رواه الترمذي. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (أتانا رسول الله فوضع رجله بيني وبين فاطمة - رضي الله عنها - فعلمنا ما نقول اذا أخذنا مضاجعنا، فقال: (يا فاطمة اذا كنتما بمنزلتكما فسبحا الله ثلاثاً وثلاثين، وحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين) قال علي: والله ما تركتها بعد. فقال له رجل -كان في نفسه عليه شيء -:ولا ليلة صفين؟ قال علي: (ولا ليلة صفين)، (أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي). فلم يتركها رضي الله عنه في وقت الشدة، ليلة التعب والحرب والكرب، ومن باب أولى وقت الراحة والرخاء.

آثار وفوائد المداومة على الأعمال الصالحة



يكرم الله عباده المحافظين على الطاعات بأمور كثيرة، ومن تلك الفوائد:

1 دوام اتصال القلب بخالقه مما يعطيه قوة وثباتاً وتعلقاً بالله - عز وجل - وتوكلاً عليه، ومن ثم يكفيه الله همه، قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه ).

2 تعهد النفس عن الغفلة، وترويضها على لزوم الخيرات حتى تسهل عليها، وتألفها، وكما قيل: (نفسك ان لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية).

3 انها سبب لمحبة الله تعالى للعبد وولاية العبد لله، قال تعالى: (ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين). والمراد: المداومين على التوبة والطهارة، المكثرين منها. وجاء في الحديث القدسي ان الله تعالى قال: (وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى أحبه).

4 ان المداومة على الأعمال الصالحة سبب للنجاة من الشدائد، كما نصح النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنه بقوله: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف اليه في الرخاء يعرفك في الشدة) أخرجه الامام أحمد.

5 ان المداومة على صالح الأعمال تنهى صاحبها عن الفواحش، قال تعالى: (اتل ما أوحي اليك من الكتاب وأقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر). وجاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ان فلاناً يصلي بالليل فاذا أصبح سرق، فقال: انه سينهاه ماتقول) أخرجه الامام أحمد.

6 ان المداومة على الأعمال الصالحة سبب لمحو الخطايا والذنوب، والأدلة على هذا كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (لو ان نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) أخرجه الشيخان.

7 ان المداومة على الأعمال الصالحة سبب لحسن الختام، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين)، وقال: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء).

8 ان المداومة على الأعمال الصالحة سبب للتيسير في الحساب وتجاوز الله تعالى عن العبد، وقد جاء في الأثر: ان الله تجاوز عن رجل كان في حياته يعامل الناس ويتجاوز عن المعسرين، فقال الله تعالى: (تجاوزوا عن عبدي). رواه مسلم.

9 ان المداومة على العمل الصالح سبب في ان يستظل الانسان في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل الا ظله. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله: الامام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال اني أخاف الله، ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه. وكل هذه الأعمال لابد فيها من الاستمرار.

10 ان المداومة على العمل الصالح سبب لطهارة القلب من النفاق، ونجاة صاحبه من النار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان، براءة من النار، وبراءة من النفاق). أخرجه الترمذي.

11 ان المداومة على الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من انفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة، دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد، دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان). فقال أبو بكر: ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة؟ فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: (نعم، وأرجو ان تكون منهم). متفق عليه.

12 ان من داوم على عمل صالح، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كتب له أجر ذلك العمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) رواه البخاري، وهذا في حق من كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها، وكانت نيته ان يداوم عليها. وقال صلى الله عليه وسلم (ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم الا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه). أخرجه النسائي.

أهمية المداومة على الأعمال الصالحة وفضلها



المداومة على الأعمال الصالحة من الأهمية في الشريعة الاسلامية بمكان، وتظهر أوجه أهميتها بما يلي:

1. ان فرائض الله - عز وجل - انما فرضت على الدوام، وهي أحب الأعمال الى الله تعالى.

2. ان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على الأعمال الصالحة، فعن عائشة- رضي الله عنها - قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا عمل عملاً أثبته) رواه مسلم.

3. ان الأعمال المداوم عليها أحب الأعمال الى الله والى رسوله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال الى الله أدومها وان قل). متفق عليه.

4. ان من فاته شيء من الأعمال التي يداوم عليها من صلاة ليل، أو قراءة قرآن، ونحوها.. استحب له قضاؤه، ولولا ما للمداومة من أهمية ما شرع له ذلك.

تأملات حاج



من المعلوم أنه لن يستطيع أحدٌ الإحاطة بدروس وعبر هذا الفرض الجليل (الحج) كيف وهو ركن من أركان الإسلام العظام، ولكن هذه بعض التأملات اليسيرة لحاج عاد من حجه ومنها:

? عظمة البارئ جل في علاه

من تأمل في الأعداد الهائلة التي تقصد هذه البقاع في هذه الأيام، واجتماعها هنا، وأدائها لهذه الشعائر، يقفُ معظّماً لخالقه العليم بهؤلاء المحيط بهم، ويذعن ويخضع ويزداد إيماناً بربه سبحانه الذي له الصفات العلى والأسماء الحسنى.

تأمل في إحاطة الله بهم وعدهم وعلمه بحالهم «لقد أحصاهم وعدهم عداً...» سورة مريم 94.

ومن نظر إلى الطائفين حول البيت وتلكم الأعداد الهائلة، ومثلهم من في المسعى، وحال الواقفين في عرفات، ومن باتوا في المزدلفة، ونظر إلى أحوال الناس في يوم النحر فذاك يرمي وآخر يحلق ويقصر وثالث يشهد نحر هديه ورابعٌ يطوف في البيت وقل مثل ذلك أيام التشريق وقد رُفعت لكل واحد دعوة، وصعدت لكل واحد رغبة، قد أحاط بها سبحانه، وحقق منها ما تقضيه حكمته، علم اليقين بعظمة الله جل وعلا وجلالة صفاته، والحديث في هذا الجانب هنا تنقطع عنده العبارات ولكن حسبي الإشارة إليه لتدبره.

? التذكير بيوم الجمع

لقد كان لمناظر الحجاج وأعدادهم الهائلة وهم في طوافهم أو في سعيهم أو نفرتهم من عرفات ساعة الغروب واجتماعهم في رمي الجمار أعظم تذكرة لكل ناظر ومشاهد، ومذكّرا باجتماع الناس يوم القيامة وسيرهم على أقدامهم لأرض المحشر..

لقد كانت النفوس وهي في شدة الزحام والعرق ينزف من الأبدان وانشغال كل واحد بحاله يذكر بذلك اليوم العظيم، لقد كانت مواقف عبر وتذكير بذلك اليوم العظيم لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

والفرق بين هنا وهناك أن هنا يوم تحصيل الأجور والحسنات وهناك يوم الجزاء والحساب، فاغتنم بقية عمرك ما يكون لك أعظم زاد يوم يجمع الله الأولين والآخرين ليوم الجزاء والحساب.

? بقاء الخير في الأمة

من نظر في رغبة عامة المسلمين على الحج وحرصهم على أداء هذا النسك مع ما فيه من المشقة، والبعد عن الترفه، يعلم علم اليقين وجود الخير في عامة المسلمين ورغبتهم في ما عند الله تعالى من الثواب، لقد تعبوا في سفرهم وطوافهم وسعيهم وبقية مناسكهم ومع ذا فلا تسمع تأففاً ولا تضجراً بل كل واحد منهم يتمنى العودة والأوبة لهذه المناسك لحبه وتلذذه بهذه الطاعات، وتسمع منهم الدعوات ليوفقهم الله مرات ومرات للحج وأداء هذا النسك العظيم.

? أثر الدعوة على الناس

كان غالب المخيمات - ولله الحمد - مليئة بالمناشط الدعوية من كلمات وتوجيهات وبرامج ثقافية ومسابقات ونحوها مما كان له الأثر العظيم في نفع الحجاج - جزى الله كل من شارك أو نسق أو ساهم - والعجيب أن جميع الحجاج كانوا متشوقين لهذه المناشط محبين لها مع أنها كانت كثيرة إلا أنك تجد فيهم القبول لها لأنهم إنما أتوا هنا ليزدادوا من الأجر والثواب، وهذا يذكّرنا بما سبق ذكره من وجود الخير في الأمة ورغبة الكثير في التغير إلى الأفضل والأحسن، أذكر أن أحد الإخوة الذين كانوا معنا في المخيم جاءني يذكر رغبته في التغير إلى الأحسن والأفضل، فكم للكلمة الطيبة من أثر بيّن في النفوس.

? مواقف البر المباركة

في كل عام من الأعوام ابن بار قد جاء بوالده أو والدته ليؤدي فريضة الحج ويقوم بخدمتهم والعناية بشؤونهم، تراه محيطاً بوالدته عند الطواف، ويدفعها بالعربة في السعي، أو في ذهابها وعودتها من الجمرات في صور تثلج النفس وتسعد الفؤاد لصور البر المباركة.

وهنا دعوة لكل ابن أن يحقق لوالديه أو أحدهما رغبة الحج بل ويعرض عليهم هذا الأمر سواء كان حج فريضة أو نافلة خصوصاً لمن طال بعده منهم عن الحج، وأن يغتنم فرصة وجودهما أو احدهما وأنا على يقين أنه سيسعد بهذا الصنيع طيلة سنوات عمره.