قائد الجيش يتوقع معركة جديدة مع المسلحين في جرود عرسال

إشارات متناقضة من «داعش» و«النصرة» في ملف العسكريين اللبنانيين الأسرى

1 يناير 1970 05:18 م
تشكّل «استراحة العيد» التي دخلها لبنان فسحة لاتصالات ولقاءات بعيدة عن الأضواء لتبريد بعض الملفات الساخنة التي تنشغل بها الساحة السياسية ومحاولة إنضاج مخارج لاستحقاقات داهمة أخرى أمنية وانتخابية ودائماً تحت سقف استبعاد «معجزة قريبة» تساهم في سدّ الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية المتمادي منذ 25 مايو الماضي.

وجاءت الجلسة الأطول التي عقدتها الحكومة اول من امس منذ تشكيلها، لتعكس حرص جميع مكوّناتها على صون «الستاتيكو» السياسي الذي أدى الى ولادتها.

واذا كان مجلس الوزراء نجح في «تدوير الزوايا» في ملفّ العسكريين الاسرى لدى تنظيميْ «داعش» و«جبهة النصرة» عبر تجديد الثقة بالرئيس تمام سلام وبخلية الازمة التي شكلها لإدارة المفاوضات التي تفضي الى استعادة الاسرى من دون ان يتخذ اي موقف علني من مبدأ المقايضة لا رفضاً ولا قبولاً، فإنه بإرجائه ملف انشاء مخيمات للنازحين السوريين الموجودين داخل عرسال الذي يسود تجاذب حاد حوله بين وزير الداخلية نهاد المشنوق وفريق العماد ميشال عون سحب فتيل مشكلة داخل الحكومة تجري اصلاً محاولات لحلّها في إطار تواصل مباشر بين المشنوق و»حزب الله» الذي يقارب هذه النقطة من زاوية أمنية تستند الى مجمل قراءته للواقع اللبناني والمخاوف المترتبة على اي انفجار امني في عرسال يمكن ان يرتّب تداعيات مذهبية قد لا تحمد عقباها ويضيف المزيد من التعقيدات الى واقع هذه البلدة المرتبطة اصلاً بـ «خط النار» في القلمون.

وقد برز مؤشران متناقضان بعد خطوة الحكومة التي حصّنت عملياً موقع المفاوض اللبناني والقطري في هذه القضية (والتركي ما زال في الخطوط الخلفية) من خلال «تأكيد الثقة برئيس مجلس الوزراء وتفويضه مواصلة التفاوض بكل الوسائل والقنوات المتاحة توصلاً الى تحرير الجنود المخطوفين على ان يطلع مجلس الوزراء على نتائجها»، وإن كانت المداولات تخللها اجماع الوزراء على عدم ضرب هيبة الدولة او اضعافها الى جانب الاجماع على تفويض ادارة ملف التفاوض الى سلام مع وزير الداخلية والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم مع التزام الصمت والجدية لإنجاح المفاوضات. وهذان المؤشران هما:

* المرونة الاولى من نوعها التي عبّر عنها «داعش» (سبق ان أعدم ذبحاً الجنديين علي السيد وعباس مدلج) الذي سمح للعسكرييْن المخطوفين لديه ابراهيم مغيط ومحمد يوسف بالاتصال بذويهما، وسط معطيات لم تستبعد ان يبادر التنظيم الى الافراج عن أسير او اثنين في اطار مبادرة حسن نية.

* تشدُد «جبهة النصرة» التي سارعت الى الردّ على ما تردد عن أجواء إيجابية بأن الجنود الأسرى أصبحوا بمنأى عن أي خطر بانتظار التفاوض الذي قد يأخذ وقتاً، فنفت عبر بيان وزّعته على حسابها على موقع «تويتر» أن تكون قدمت اي تعهد بعدم قتل أي جندي محتجز لديها، وقالت «لا يوجد أي جهة تمثلنا أو تفاوض عنا». واذ اتهمت الحكومة اللبنانية بأنها لا تزال على موقفها تجاه اللاجئين السوريين، رفعت السقف بإعلانها أن «لا مفاوضات حتى يتم تسوية وضع بلدة عرسال بشكل كامل، وحل مشاكل اللاجئين السوريين والافراج عمّن اعتُقل منهم أخيراً»، وكاشفة للمرة الاولى أنها «سلمت الموفد القطري هذه الشروط»، بالإضافة الى أن الجبهة «على استعداد لإطلاق سراح أسرى من الجنود مقابل إفراج الحكومة اللبنانية عن سجناء من رومية بعد تنفيذ الشروط الأولية الآنف ذكرها». وتوجّهت الى أهالي الجنود الأسرى بـ «أن أي تعدٍّ مقبل على أهل السنّة سيدفع ثمنه كل من ينتمي الى المؤسسة العسكرية، ولا أهمية للمفاوضات حينها، وننصحكم بالوقوف على الحياد. وإذا استمر الجيش اللبناني في تعدياته فسيكون هدفاً لنا فبادروا الى إنقاذ أبنائكم قبل ألا ينفع الندم».

وفيما يواصل اهالي العسكريين تحركاتهم الاحتجاجية خلال العيد ولا سيما قطع طريق ضهر البيدر، حرص وزير الصحة وائل ابو فاعور على زيارتهم امس موفداً من النائب وليد جنبلاط حيث نقل اليهم أجواء مجلس الوزراء نافياً ان يكون مبدأ المقايضة سقط ومؤكداً ان الامر لم يُقبل ولم يُرفض في مجلس الوزراء، ومشدداً على «أن الحركة القطرية ايجابية ونشكر الدوحة على هذه الجهود الاساسية، والامور لا تزال على ايجابيتها في المرحلة التمهيدية».

من جهة ثانية، اعلنت قيادة الجيش اللبناني ان قوة من الجيش عثرت أثناء قيامها بدورية تفتيش في محلة رأس السرج - عرسال، على عبوة ناسفة زنتها نحو 50 كلغ من المواد المتفجرة، جرى وضعها بشكل مموّه داخل حاوية للنفايات، وتجهيزها للتفجير عن بعد، وحضر الخبير العسكري وعمل على تفكيكها.

وجاء هذا التطور غداة توقُّع قائد الجيش العماد جان قهوجي في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز» «نشوب معركة جديدة مع المجموعات المسلحة على أطراف بلدة عرسال»، مؤكدا أن «الجيش اللبناني عزز انتشاره في تلال عرسال، وعزل البلدة عن أطرافها، لمحاصرة المسلحين ومنع وصول أي إمدادات له»، مشددا أن «حزب الله لم يشارك في معركة عرسال، ومراكزه تبعد عن حواجز الجيش بحوالي 12 كيلومتر».

وأكد أن «وحدات الجيش تكثف مراقبة مخيمات للنازحين السوريين، وتوقف مَن يشتبه به»، مبرراً ذلك بقوله: «تعرضنا في معركة عرسال إلى هجوم من داخل المخيمات».

ولفت قهوجي إلى أن «الموقوف عماد جمعة مسؤول بتنظيم داعش واعترف خلال التحقيق معه بأن المجموعات المسلحة كانت تخطط لمهاجمة الجيش اللبناني، واجتياح القرى الشيعية والمسيحية في البقاع، لإيقاع فتنة مذهبية وطائفية في لبنان».

وأشار إلى أنه لا يسعى للوصول إلى رئاسة الجمهورية «وإن كان الطموح بالتطور شعور طبيعي لدى البشر، ولم اتخذ أي قرار لتحسين موقعي».

وفي موازة ذلك، انتقلت الحركة السياسية الى باريس التي توجّه اليها جنبلاط والرئيس السابق امين الجميّل والتي سيلتقي فيها الرئيس السابق سعد الحريري الثلاثاء مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وسط ترقب حصول اجتماع بين الجميل وزعيم «المستقبل» في حين نُقل عن اوساط الزعيم الدرزي ان لا لقاء مقرراً بينه وبين الحريري.

الحريري يدعو للتوقف عن زج لبنان في لعبة المحاور الخارجية



| بيروت - «الراي» |

اعلن الرئيس السابق للحكومة اللبنانية زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري أن «لبنان يحتاج لما هو أكثر من التمنيات والنيات الحسنة»، معتبراً ان «بلدنا بحاجة إلى قرار بإعلاء المصلحة الوطنية على مصالحنا الطائفية والسياسية، وهذا أمر لن يتحقق إلا من خلال إعادة الاعتبار للدولة ومؤسساتها، والالتفاف حول الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية، بصفتها القوى المسؤولة حصراً عن التصدي للإرهاب وكل أشكال التعدي على السيادة الوطنية».

وجاء موقف الحريري في بيان أصدره لمناسبة عيد الأضحى المبارك اذ قال: «يحلّ العيد هذا العام ولسان حال اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين والعراقيين واليمنيين والليبيين والصوماليين والعديد من الشعوب العربية. عيد بأي حال عدت يا عيد».

وأكد ان «لا مفر أمامنا إزاء هذا السيل الجارف من الماسي والتحديات، إلا أن نتخذ من عيد الأضحى قاعدة لتجديد الأمل بقدرتنا على تجاوز المحنة ومواجهة المخاطر بإرادة وطنية تتوحد على مفهوم مشترك لاستئصال الإرهاب وحماية لبنان، والإقرار بوجوب تحييده والتوقف عن زجه في لعبة المحاور الخارجية والصراعات المحيطة».

المشنوق: لبنان لا يستطيع قبول السلاح من إيران



| بيروت - «الراي» |

بعد ثلاثة أيام على إعلان الأمين العام لمجلس الأمن القومي الايراني علي شمخاني من بيروت ان بلاده ستدخل على خط تسليح الجيش اللبناني، برز اول اعتراض رسمي على قبول الهبة من وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي ذكّر في حوار تلفزيوني بأن لبنان لا يستطيع قبول سلاح من إيران بسبب وجود قرار من مجلس الأمن (1747) يحظّر استيراد السلاح من إيران، معتبراً ان لبنان ليس في وارد ولا قدرة له في هذه الظروف على الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي.

وعكس كلام المشنوق الحساسية السياسية التي يكتسبها هذا الملف الذي قفز إلى الواجهة مع زيارة شمخاني لبيروت ولقائه كبار المسؤولين وبينهم رئيس الحكومة تمام سلام الذي كان اجتمع بالرئيس الايراني حسن روحاني في نيويورك، وذلك في غمرة استعداد لبنان للاستفادة من هبة الثلاث مليارات لتسليح جيشه من فرنسا التي قدمتها له السعودية في ديسمبر الماضي، إضافة إلى استمرار وصول المساعدات العسكرية الاميركية وإكمال بيروت اتصالاتها لتسييل هبة المليار دولار السعودية التي أعلنت عنها المملكة بعد اندلاع أحداث عرسال بين الجيش وتنظيميْ «داعش» و«النصرة» في 2 اغسطس الماضي.