| د. فهيد البصيري |
بمناسبة العيد لابد من الابتسام ولو كان على حساب خروف.
هل تذكرون قصة الخروف الذي استفزني في المسلخ، وكدت أقتله دون أن أذكر اسم الله عليه، لقد تبين أنه هرب من المستشفى الذي كان يعالج فيه، وبعث لي بهذه الرسالة المشحونة بالتهديد والوعيد، ويقول فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى السفاح، وأبو الدم المباح، وطلاع المطايا، ورفيق المنايا! - ولم يضع كلمة المحترم- أرجو أن تصلك رسالتي وأنت لست على قيد الحياة! لقد أفرحتني الأخبار المفزعة التي أسمعها كل يوم عنكم، والتي تقول ان حالة الذبح الهستيري لديكم لم تعد تقتصر على الخرفان ولم تعد تتقيد بعيد الأضحى بل أصبحت شائعة طوال العام، وبالسكين والتي لا يعلم قسوتها إلا الله والخرفان، وعموما لا تحاول إقناعي بالعودة إلى الوطن فقد أسقطت جنسيتي العربية، وأعتبرها ساقطة.
فأنا اليوم أسترالي لحما وشحما، وأستطيع أن أرعى في قارة كاملة دون أن يوقفني شرطي ولا حاجز أمني يدقق على هويتي وهل أنا خروف عربي أو تركي.
ومع أنني في أستراليا إلا أنني أخشى أن يد المنون ستصلني مادامت الهجرات العربية متواصلة إلى هنا، ولكن لا تفرح، ولا تتشمت، فالحكومة الاسترالية لا تحتفل بعيد الأضحى، والبلاد محكومة بالقانون، وهنا كل شيء منظم، والحمد لله الذي جعل بيننا وبين أنظمتكم بحورا ومحيطات، والحكومة الأسترالية تستحق أن نكون من رعاياها فهي راعية فعلا، ومسؤولة عنا في كل شيء ومن المرعى إلى المفلا، ومن حزمة البرسيم إلى أرقى صفوف التعليم، وحتى الذبح هنا لا يتم بشكل عشوائي أو عبثي كما هي الحال لديكم، وعموما بالنسبة لي فقد انحلت عقدتي، وما حلها هو أنني تجاوزت السن القانونية للذبح عندهم، ولذا استقر الرأي على الاستفادة مني كفحل عربي لغرض التهجين والتصدير للدول العربية، وفي البداية رفضت المشاركة في إرسال سلالتي إلى حتفهم، ولكنهم هددوني بإعادتي إليكم فوافقت على الفور.
صديقي السفاح لن تتصور الحياة التي أحياها اليوم، وهل تذكر «الزريبة» التي تسببت في وباء الحمى القلاعية التي قضت على فصيلتي في بلادكم، لقد أصبحت اليوم شيئا من ذكريات الماضي الأليم، وهل تذكر شعاراتكم الجوفاء عن الحرية والعدل والمساواة، إنني اليوم أستخدمها كلما احتجت النكتة مع أصدقائي خرفان أستراليا، ولا أدري كيف أقنعتني بأن لديكم حرية مع أنكم تقيدوننا في الطالعة والنازلة وفي ظروف صعبة، ثم تنقلوننا كالبهائم من شاحنة إلى أخرى، إلى أن تسلموننا ليد المنون، أما اليوم فأنا أمشي في طول البلاد وعرضها بلا قيود ولا شرط، بل وبلا هدوم وفي أرقى مزارع أستراليا وأجملها.
صديقي السفاح لن تنعموا بالسلام ما دمتم لا تنعمون بالمساواة، ولا تساوون بيننا وبين الحمير والكلاب مع أننا كلنا مخلوقات! ولا تـــــكلمني عن الـــــعدالـــــة، فأنتم لم تتفقـــــوا على شيء لكي تحكموا علـــــيه بالعدل، وكل منكم ينظر إلى العـــــدالة من وجـــهــــة نـــــظره الخاصة (و...) في البقـــــية! ولــــن تعيــــش العــــدالـــــة في بــــلاد يـــــسودها مختلفون على التخلف ومع سبق الإصرار والترصد، وأما هنا في أستراليا فكل شـــيء بالقـــسط والميزان، والعــــدالة هنا فــــــائضة عـــــن الحاجة، وسنقوم بتصديرهـــا لـــكم بإذن الله، وكــــله في سبيل الخرفان، وإذا رفضتم شروطنا سنمنع تصديرها لكم، وسنترككم تأكلون بعضكم بلا ملح ولا (مايونيز)، وعندها سأحتفل بالنصر والثأر، والبادي أظلم، ودمتم متقاتلين.
انتهت رسالة الخروف الهارب، وبعثت له، وعلى عجل طردا بريديا يحوي سكينا ملطخا بالدماء ومكتوبا عليها عيدكم مبارك.
[email protected]