وليد الرويح... قعيداً أتعب الكرسي
| كتب رضا السناري |
1 يناير 1970
08:58 ص
قبل ما يزيد على 35 عاماً، سمع الشاب وليد الرويح عن تأسيس أول مصرف إسلامي في الكويت، وقتها كان في أميركا لدراسة ماجستير المحاسبة، فقرر العودة على الفور لعله يجد في «بيت التمويل الكويتي» (بيتك) فرصة عمل تشبع شغفه بالعمل المصرفي الإسلامي.
التقى الرويح مدير إدارة المشاريع في البنك المهندس محمد إبراهيم الشايع الذي شجعه مع زملاء له على خوض التجربة، فتم تحديد موعد للرويح ليلتقي أول رئيس مجلس إدارة لـ «بيتك» العم الراحل أحمد بزيع الياسين ورئيس مجلس إدارة البنك الأسبق بدر المخيزيم، ضمن مقابلة المقصود منها تحديد ما إذا كان الرويح يستحق الانضمام إلى أول بنك يعمل وفقا للشريعة الإسلامية في الكويت.
ومنذ اللحظة الأولى للقاء رحب مؤسسا «بيتك» بالشاب التي بدت عليه الكثير من علامات الذكاء والنضوج، فكان القرار بتعيينه بالعام 1979 محللاً مالياً، ومن ثم مساعداً لمدير القطاع التجاري في البنك.
يرتبط اسم وليد عبد الرحمن الرويح (إحدى الشخصيات الاقتصادية الكويتية المعروفة) كثيرا بالسيارات، فهي التي تسببت له في العام 1984 في إصابته بشلل نصفي أثناء ذهابه إلى العمرة، لكنها قبل ذلك رفعت رصيده كثيرا بـ «بيتك» عندما أضاف إلى البنك ولقطاعه التجاري تجارة السيارات، فكانت تجربة البنك الأولى في هذا المضمار بـ 9 ملايين دينار لشراء ألف سيارة.
إلا ان هذه التجربة واجهت تحدياً جديدا يتمثل في عدم وجود مكان للتخزين، فاختار الرويح منطقة الفروانية «الضجيج» لذلك، وهو التوجه الذي واجه في البنك مخاوف كثيرة، كون الفروانية وقتها كانت بمثابة منفى، الا ان الأيام اثبتت ان الرويح استطاع بقراره شراء الالف سيارة تطوير القطاع التجاري في «بيتك» الذي وصل حجم تداوله المالي في العام 1998 إلى أكثر من 450 مليون دينار، وباختياره الفروانية وضع يده على منطقة ستغدو مهمة لقربها من مطار الكويت الدولي.
الحادث الذي تعرض له الرويح، شكل منعطفاً غيّر أبرز ملامح حياته وأجلسه قعيداً على كرسي متحرك، لكنه رفض كلمة معاق، ليبحث عن دور يخالف جلوسه الإجباري على المقعد المتحرك، فتدرج في المناصب إلى أن أصبح رئيسا وعضواً منتدباً لـ «بيت الاستثمار الخليجي».
إعاقة الرجل لم تمنعه يوماً من ممارسة حياته بشكل طبيعي، كما لو أنه سليم تماماً، فقد أكد الرويح غير مرة «أمارس تماريني الرياضية بعيداً عن نوادي المعاقين، وكان لالتحاقي بمركز للتأهيل في إنكلترا أثر كبير في صياغة حياتي وإعادة تشكيلها، مع ما يتناسب مع وضعي الجديد، ومع نظرة الناس إلى كوني معاقاً لاسيما في مجتمعاتنا الشرقية، وتعرفت هناك إلى أكثر من تجربة في عالم الإعاقة، أذكر منها أحد الرسامين المبدعين الذي كان يستخدم فمه في رسم اللوحات».
وعمليا سجل الرويح ذو الطبيعة الساكنة، العديد من الإنجازات، وتقلد في الوقت نفسه مناصب عدة أهمها نائب الرئيس والعضو المنتدب لبيت الاستثمار الخليجي، فضلا عن عضويته في مجالس إدارة عدد من الشركات مثل «بيت التمويل الخليجي» وشركة الخليج لتمويل الاستثمار، كما شغل منصب نائب الرئيس والعضو المنتدب في شركة أصول للإجارة والتمويل، فضلا عن شغله لمنصب نائب المدير العام في «بيت التمويل الكويتي» قبل الانتقال إلى «بيت الاستثمار الخليجي».
يقول الرويح الذي سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية كمبتعث بعد ان تم قبوله كمعيد مبتعث في جامعة الكويت «سنوات الغربة شكلت عاملا مهما في حياتي، تعلمت فيها كيفية الاعتماد على النفس وعملت فيها على تطوير مهاراتي التواصلية، لاسيما لغتي الإنكليزية، فضلا عن اكتسابي لخبرات مهمة في طرق خلق الحوار مع الآخر نتيجة إقامتي مع عائلات أجنبية، كما تمكنت من تطبيق بعض ما درسته عملياً، عندما كنت أقوم مع بعض من زملائي بعقد بعض الصفقات التجارية، والتي تعتمد على تصدير السيارات الأميركية إلى الكويت».
أمس، نعى أسعد الرويح شقيقه وليد (بوخالد) الذي توفي في لندن بعد اكثر من 20 عاماً من العمل الدؤوب، خصوصا وان أخاه لطالما أكد غير مرة ان الفرصة التي طالما تمناها وهي العمل ضمن منظومة اقتصادية تعتمد النهج الإسلامي بصفة كاملة اغتنمها ولم يضعها.
وليد عبدالرحمن الرويح يختصر قصة رجل تغلب على ألمه بعمله، فهو لم يقف كثيرا امام المعوقات بل أمام الدور والرسالة والنتائج، وجميعها عوامل أهّلت «أبو خالد» لتبوؤ مقعد متحرك في منتدى صناع القرار المالي وفقا للشريعة الإسلامية.
ولأن «جرح السيف يبرا... وجرح الكلام ما يبرا» كان بوخالد لطيف المعشر، كريم الاستقبال اعتمد في حياته المثل الشائع في الكويت: «حل لسانك تلقى الناس خلانك»، ليترك من خلفه قائمة طويلة من الأصدقاء قبل الأهل، يستطيع كل منهم ان يحكي قصصا كثيرة عن علاقته بالرجل الذي لم ييأس مع الحياة لقناعته بانه لا حياة مع اليأس.