الأنظار على لقاء سلام - أردوغان لتفعيل قناة التفاوض في ملف العسكريين «المتفجّر»

إطلالة دولية «ناقصة» للبنان من نيويورك

1 يناير 1970 04:35 م
انتقل المشهد اللبناني بكل «فتائله» الى نيويورك التي توجّه اليها رئيس الحكومة تمام سلام امس للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ثم في اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، حاملاً معه الملفات - الألغام التي ترخي بثقلها على الواقعيْن السياسي والأمني في بيروت، من الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية مروراً بقضية النازحين السوريين وصولاً الى «القنبلة المتفجّرة» المتمثلة بالعسكريين الأسرى لدى تنظيميْ «داعش» و«النصرة».

واذا كانت ذكرى مرور عام على إطلاق مجموعة الدعم الدولية للبنان ستظللها مفارقة ان تأسيسها تم في حضور وبمواكبة رئيسٍ للجمهورية (ميشال سليمان) فيما «تثبيتها» سيجري في غياب رأس للدولة اللبنانية التي باتت استحقاقاتها أسيرة التطورات الكبرى في المنطقة ومساراتها المعقّدة والمتشابكة، فان إطلالة سلام على المجتمع الدولي ستشكّل مناسبة في ثلاث اتجاهات:

• الاول تأكيد ثوابت لبنان حيال ملف الارهاب في ضوء «الحرب العالمية» ضد «داعش»، وذلك انطلاقاً من ثابتة لبنانية عنوانها الانخراط «الدفاعي» في التحالف الدولي - العربي واعتبار بيروت نفسها معنية بمكافحة الارهاب بكل الوسائل مع التمسك بتحييد نفسها عن سياسة المحاور والصراعات داخل الدول، علماً ان مجلس الأمن كان أدرج لبنان في لائحة الدول التي تتعرض لاعتداءات من تنظيم «الدولة الاسلامية» وذلك خلال الاجتماع الذي عقده الجمعة في نيويورك على مستوى وزراء الخارجية مع مفارقة غياب رئيس الديبلوماسية اللبنانية جبران باسيل عنه رغم وجوده في الولايات المتحدة (في لوس أنجليس للقاء الجالية اللبنانية).

• الثاني إطلاق صرخة «كفى» في شأن ملف النازحين الذي بات لبنان يرزح تحت عبئه مع استضافته اكثر من 1.3 مليون لاجئ يشكلون نحو ثلث سكانه، وتلكؤ المجتمع الدولي ومجموعة دعم لبنان بالتحديد عن الوفاء بالتزاماتها تجاههم.

ويحمل سلام في هذا السياق دعوة الى تقديم الدعم للبنان «قبل أن يغرق»، بعدما بات عاجزاً عن تلبية حاجات اللاجئين، مع ايضاح القرارات التي اتخذتها حكومته أخيراً لجهة ضرورة الحد من النزوح الى لبنان ومساعدة السوريين الذين يرغبون بالعودة الى سورية واعادة النظر بكل وضع النازحين في لبنان.

• اما الاتجاه الثالث فهو الإضاءة على المخاطر المترتبة على ملف العسكريين الأسرى الذين تم إعدام اثنين منهم حتى الآن على يد «داعش» وثالث على يد «النصرة»، وسط اتجاه الأنظار الى الاجتماع الذي سيعقده سلام مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نيويورك حيث سيطلب منه أن تلعب تركيا دوراً فاعلاً للمساعدة على تحرير العسكريين، لا سيما بعد نجاحها في تحرير رعاياها الذين كانوا مخطوفين لدى «داعش» في العراق.

وبدا واضحاً ان رئيس الحكومة، الذي سيستكشف في نيويورك آفاق الوضع في المنطقة محاولاً تلمُّس «اتجاهات الريح» ولا سيما حيال امكانات توافر تفاهم خارجي - من ضمن المظلة الدولية التي تشكلها مجموعة الدعم - على إمرار الاستحقاق الرئاسي اللبناني (تُعقد اليوم الجلسة 13 فيه بلا اي امل بانتخاب رئيس)، يتوجّس في شكل رئيسي من مآل ملف العسكريين الذي شهد قبيل سفر سلام ما يشبه استعادة «توازن» وإن «على الورق» بين المسار التفاوضي والمسار العسكري، اذ صوّب رئيس الوزراء اللبناني كلامه عن «المواجهة» معتبراً ان الامر لم يُقصد منه نعي الوساطة القطرية او توقف المفاوضات بل تأكيد ان «كل الخيارات مفتوحة» ومشدداً على «اننا نحرص على تمتين التفاوض انطلاقاً من التعهد بعدم القتل وما زلنا نسعى لهذا الامر داخلياً وخارجياً»، وموضحاً ان «الدولة التركية نجحت بتحرير رهائنها، ونحن نتواصل معها لنرى كيف يمكن أن تساعدنا اذ في المرة الماضية عندما طلبنا منها المساعدة كانت في وضع غير مساعد اذ كانت لديها قضيتها».

وفيما وصلت الشخصية السورية المكلفة من قطر التفاوض في هذا الملف الى بيروت امس محاوِلة الحصول على ضمانات بوقف قتل المزيد من العسكريين كشرط اول لاستئناف المفاوضات، اشارت تقارير في بيروت الى أن «داعش» هو الذي يصر على مقايضة الاسرى لديه بسجناء إسلاميين، في حين تهتمّ «النصرة» أكثر بنقل اللاجئين السوريين في عرسال إلى مكان آخر أبعد وأكثر أمنا، الى جانب حضور الموضوع المالي.

ووسط إرباك لبناني حيال هذا الملف يتجسد في القبول بالتفاوض ورسم «خط أحمر» امام ايّ مقايضة، وبروز مخاوف من محاولة لجرّ الجيش اللبناني الى الدخول على خط معركة القلمون في اطار تنسيق مع الجيش السوري النظامي و«حزب الله»، تمضي المؤسسة العسكرية في عملية عزْل عرسال عن جرودها وسط تكبيدها المسلحين المنتشرين في جرود البلدة خسائر لا يستهان بها جراء عمليات القصف لمراكزهم بمدفعية ثقيلة بعيدة المدى وبطائرات مروحية هجومية قيل انها استخدمت للمرة الأولى صواريخ جو - أرض من طراز «هلفاير» كان الأميركيون قد زوّدوا الجيش بها في الأسابيع الأخيرة، وهي العمليات التي افيد انها أدت إلى مقتل أبو الليث الطرابلسي وهو أحد كبار المسؤولين في «داعش» إضافة إلى عدد من مسؤولي المواقع لدى المجموعات المسلحة في أكثر من موقع ما فرض نوعاً من الهدوء.

وفي حين وزّعت «النصرة» امس شريط فيديو للتفجير الذي قالت انه استهدف حاجزاً لـ «حزب الله» في منطقة الخريبة البقاعية (قرب الحدود مع سورية) ليل السبت والذي اكدت انه نُفذ بعبوة ناسفة وليس بانتحاري، واصل أهالي العسكريين المخطوفين تحركاتهم التصعيدية غداة اعلانهم انتهاء مرحلة الاعتصام داخل خيمة في وسط بيروت، إذ قطعوا عدداً من الطرق الدولية في البقاع والشمال، معلنين في بيان لهم: «نوجّه رسالة الى (العماد ميشال) عون ونقول له الان تريد هيبة الدولة بعدما هربت في اكتوبر 1989 وتركت جنودك في المعركة؟»، ومنتقدين موقف الحكومة برفض المقايضة مع الخاطفين، ومعتبرين ان «القرار بالحسم العسكري الذي نجح حزب الله في جر الحكومة إليه يشكل اكبر تهديد على أرواح عسكريينا المحتجزين».

جعجع: هذا ما أوصلنا لمأساة في ملف العسكريين



| بيروت - الراي» |

أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في «تغريدات» على موقع «تويتر» ان «لبنان يعيش مأساة في موضوع العسكريين المخطوفين»، لافتاً الى «ان ما أوصلنا الى هنا مجموعة أخطاء استراتيجية بدءاً بوجود دويلة خارج الدولة مروراً بالقتال في سورية لمصلحة نظام (الرئيس بشار) الأسد وعدم ضبط الحدود وفق القرار1701 وليس انتهاءً بطريقة معالجة أزمة المخطوفين منذ البداية».