تايلند ... مملكة «الشرق» الصاخبة تزداد تألقاً
جزيرة السامواي ... مجتمع تايلندي مصغّر للتعايش والتسامح بين الأديان
| تايلند من منصور الشمري |
1 يناير 1970
07:08 م
• وجود معبد بوذا وكنيسة القيامة ومسجد تاريخي في محيط واحد مؤشر على تسامح مجتمع السامواي
• قرية المسلمين في «السامواي» تتحدث عن تاريخ إسلامي وصل تلك المنطقة جنوبي تايلند على المحيط الهندي
• صيد الأسماك بعشرات المراكب الخشبية المهترئة حقق دخلاً لأهلها ومصدراً للطعام والغذاء
• «تشي ونغ بييتش» منطقة صاخبة يؤمّها الناس بهدف التبضّع والاسترخاء
• جزيرة السامواي اكتشفها الأوروبيون سياحياً وأصبحت وجهة كل سائح بعد بوكيت المتصدّرة
من لم يزر جزيرة سامواي التايلندية فهو حتما لم يزر تايلند فهذه الجزيرة التي تقبع على المحيط الهندي جنوب تايلند تحوي اثنيات واعراقا متعددة من التايلنديين الا ان هذه الاعراق والطوائف لم تؤثر على النسيج الاجتماعي التايلندي بل على العكس من ذلك فان هذا التنوع قد اثرى الحضارة والمكون التايلندي وزاده قوة بدليل رؤيتك لمعبد بوذا وبجانبه مسجد تاريخي للمسلمين وعلى بعد امتار تشاهد اقدم كنيسة تاريخية بنيت منذ قرون.
جزيرة سامواي رغم عدم شهرتها كبقية الجزر التايلندية مثل بوكيت وغيرها الا انها بحق رائعة الجزر ان كان لنا ان نطلق عليها ذلك مجازا فهي جزيرة قابعة في حضن المحيط جنوبي تايلند مساحتها 245 كيلومترا يقطنها عدد قليل من السكان التايلنديين من اصول ملاوية واصول صينية الذين هاجر اجدادهم منذ سنين طويلة الى هذه الجزيرة وتشتهر بطبيعتها الخلابة واجوائها الهادئة ويشتهر سكانها بصيد السمك من خلال المئات من السفن الخشبية المتهالكة التي يقتنونها لتوفير قوتهم وكذلك للاتجار بها وبيعها للتجار الذين يقومون بتصديرها للخارج عبر شركات تصدير.
ما إن حط بنا الرحال في جزيرة سامواي من خلال رحلة طيران داخلية بين بانكوك وجزيرة سامواي في رحلة استمرت ساعة ونصف الساعة حتى وجدنا انفسنا في مطار سامواي وهو مطار داخلي خاص بالرحلات الداخلية ويختص باستقبال القادمين من كافة مطارات تايلند وكانت المفاجأة ان هذا المطار يمثل واجهة حقيقية وانطباعا عن مدى روعة هذه الجزيرة.
انتقلنا حال وصولنا جزيرة سامواي الى مقر استضافتنا وهو منتجع سياحي تم تجهيزه بكل وسائل الراحة للضيوف حتى زاد عندنا الفضول للتحرك واستكشاف تلك الجزيرة التي ابهرتنا خلال الطريق من المطار الى مقر اقامتنا بنظافة شوارعها وطرقاتها والهدوء الذي تتميز به لدرجة امكانية سماع صوت العصافير في كل مكان وان بعد عنك.
اول نقطة انتقلنا لها حال الوصول هي زيارة ( قرية المسلمين ) وسميت بهذا الاسم لان اغلب سكانها مسلمون ويبلغ عددهم 500 شخص مسلم وهم نتاج هجرات من دول مجاورة منذ عشرات السنين الا انهم مواطنون تايلنديون ويحظون بكافة الحقوق والامتيازات التي يحصل عليها المواطن التايلندي ورغم صعوبة الحال المعيشية لهم الا انهم كانوا يبدون سعداء بمهنتهم الحيوية وهي صيد الاسماك والتي توفر لهم قوت يومهم وتعينهم على مشاق الحياة.
وعن صعوبة احوالهم المعيشية يرد الدليل السياحي دي جي بالقول انهم مواطنون تايلنديون واحوالهم تشابه احوال الكثيرين من المواطنين التايلنديين لا سيما ان الظروف الاقتصادية والمادية بالبلاد صعبة الا انهم يحظون بعناية الحكومة وهو الامر الذي اكدته احدى النساء المسلمات عند سؤالها عن دور الحكومة في دعمهم بالقول نعم دعمتني الحكومة واعطتني مالا لبناء منزل لي ولصغاري وانا ممتنة لهم.
وهل يتقاضون دعما من دول اسلامية او لجان خيرية نفت المواطنة التايلندية المسلمة ذلك ليلتقط اطراف الحديث دليلنا السياحي بالقول ان اي مساعدات مالية ومعونات من الدول الاسلامية يتم توزيعها عن طريق الحكومة وبإشرافها.
وبعد ذلك قمنا بجولة داخل قرية المسلمين المطلة على المحيط لنشاهد المسجد الوحيد بالقرية والذي يحوي مكتبة بها القرآن الكريم وبعض الكتب وملحق بها دار للدراسة وتعليم اطفال القرية القرآن واصول الدين لتكمل دور المدرسة الوحيدة بالقرية والتي تعلم الطلاب والطالبات.
وبعد ذلك قادتنا ارجلنا الى العيادة الوحيدة بالقرية والتي تقدم الخدمات الطبية والعلاجية لاهل القرية لنتجه بعدها الى الساحل لنشاهد عشرات المراكب الخشبية التي تستعمل للصيد ونشاهد بعض الحقول الزراعية التي تستعمل لزراعة بعض الخضراوات والفواكه وغيرها من اجل توفير الغذاء لهم ولاحظنا ان حركة التنقل تتم من خلال استعمال الموتور بايك والذي ينتشر بكثرة في القرية.
وقال الدليل السياحي دي جي اننا نفخر باننا كمواطنين تايلنديين نعيش سواسية بلا تمييز وتستطيعون ان تشاهدوا ان الجميع هنا متساوون ويحكمنا القانون والنظام فقط ولذلك لا توجد تفرقة بيننا.
واتجهنا حال انتهاء جولتنا الى معبد بوذا الكبير وهو من المعابد المهمة لا سيما ان تايلند اغلب سكانها يدينون بالبوذية حيث شاهدنا عن كثب تمثالا كبيرا لبوذا يخدمه العشرات من رجال الديين البوذيين والكهنة ويفد اليه الناس من كل حدب وصوب من اجل تقديم القرابين والطاعة.
بعد ذلك قادنا الدليل السياحي وعلى بعد امتار من معبد بوذا الى اقدم كنيسة بالجزيرة تم ترميمها لاخر مرة قبل مئة عام وكانت تنبض بالحيوية والنظافة لننتقل بعدها الى مسجد تاريخي قديم بالجزيرة يشع بالحياة والنور بني على بعد امتار قلائل من المعبد والكنيسة ليشكل هذا المثلث روح واصل تكوين تايلند الحديثة المبني على التعايش والتسامح الديني ليتحدث لنا بعد ذلك دليلنا السياحي جا بالقول هذا هو روح مجتمعنا التايلندي المبني على التسامح والتعايش دون تفرقة وهذا التعايش مصدر فخر لنا كمواطنين تايلنديين.
بعد ذلك لا بد من زيارة الجانب الاخر من الجزيرة حيث الاسواق والمحلات التي تغص بالسائحين من مختلف البلدان لا سيما الاوروبيين والذين يجدون في هذه الجزيرة مصدرا للراحة والاستجمام بسبب طبيعتها الخلابة وهدوئها وامطارها الموسمية اضافة الى كونها مكانا قريبا لهم ويستحق الزيارة لكونها مكانا لم يتم اكتشافه بعد.
منطقة جي وينغ بييتش او شاطئ جي وينغ تمتاز بالصخب والحركة لمحبي الصخب حيث تنتشر المراقص والديسكوات وتنشر الاسواق والمولات ومحلات المساج بصورة ملفتة للنظر فتجد السياح واغلبهم من اوروبا يترددون على تلك الاماكن لقضاء أوقات ممتعة هناك.
المطاعم والتي تنتشر بكثرة لا سيما على ضفاف المحيط تشتهر بروادها من محبي الطعام بأنواعه حيث توجد مطاعم تايلندية ومطاعم ايطالية ومطاعم لبنانية حيث يحلو السهر والطعام على انغام الموسيقي الكلاسيكية الساحرة ووسط منظر تلاطم الامواج في صورة بانورامية قل مثيلها. تستطيع ان تستأجر دراجة نارية من احد المحلات المنتشرة بالجزيرة حيث تستطيع ان تجول وتصول بالجزيرة وتقطعها شرقا وغربا ذهابا وجيئة دون ان يعترض سبيلك احد بل على العكس تستطيع ان تلمح الروح الودودة لدى الناس من اهل الجزيرة والذين يلوحون اليك بكل اريحية وحب.
وفي اليوم الثاني لزيارة جزيرة السامواي كان لنا موعد لن نخلفه مع احد اختصاصيي التاريخ للحديث عن تايلند الحديثة وروحها المتسامحة والتي تستطيع ان تلمسها في كل مكان من تايلند وجزرها الممتدة على طول المحيط.
والتقى المشاركون في البرنامج عددا من المسؤولين في مركز ادارة المحافظات الحدودية الجنوبية في تايلند، حيث وضع المتحدثون المشاركين في صورة الاوضاع السياسية والامنية في محافظات جنوب تايلند ذات الغالبية المسلمة من اصول مالاوية والجهود التي تقوم بها الحكومة التايلندية لاستعادة الامن والاستقرار في تلك المناطق التي تطالب باستقلالها عن مملكة تايلند.
وعرض المتحدثون للجهود الحكومية في تعزيز المشاركة الشعبية في المناطق الجنوبية في صنع القرار واستعادة الثقة بالحكومة واذرعها الرسمية المختلفة من خلال منح هذه المناطق حكما ذاتيا بصلاحيات واسعة، واحداث تنمية مستدامة في هذه المناطق والاعتراف بالقيم الثقافية والدينية للمسلمين فيها.
بعد ذلك انتهت جولتنا السياحية على جزيرة السامواي وكانت تعترينا مشاعر مختلطة تجاه تلك الجزيرة واهلها اهمها مشاعر الاعجاب بذلك المجتمع المدني المتسامح ومشاعر الاعجاب كسائحين بذلك المكان الرائع القابع في أحضان المحيط والطبيعة.
جزيرة السامواي هو ارض الاحلام التي نراها في منامنا ففي هذه الجزيرة تستطيع ان تطلع على عظمة الله في خلقه وجمال وروعة ابداعه فسبحان الذي خلق وسبحان الذي صور وأبدع.