غداة حفل التنصيب - الحدَث وعشية اختبار إسقاط الدعاوى بحق قباني ونجله

تسلّم مفتي لبنان الجديد مهامه يطوي خلافاً في «البيت السنّي»

1 يناير 1970 04:35 م
طويت امس، بعملية التسليم والتسلم بين مفتي الجمهورية اللبنانية المنتهية ولايته الشيخ محمد رشيد قباني وخلَفه الشيخ عبد اللطيف دريان، صفحة عمرها نحو ثلاث سنوات من خلافات داخل البيت السني تَداخل فيها التنظيمي بالسياسي وأفرزت مجلسين شرعييْن، واحدا مؤيدا لقباني ومطعونا بشرعيته وآخر ممدَّدا له وقريبا من «تيار المستقبل» وكادت ان تفضي لولا دخول مصر والسعودية على هذا الملف الى وجود «مفتييْن».

ورغم غياب المفتي «السابق» قباني عن حفل التنصيب الحاشد وغير المسبوق الذي اقيم عصر اول من امس في مسجد محمد الامين في وسط بيروت وعدم قيامه بجولة مع خلَفه امس في أنحاء دار الفتوى، فان دريان بات مفتي الجمهورية اللبنانية في لحظة بالغة الحساسية في لبنان والمنطقة في ظل طغيان التطرف وعنوان الارهاب و«ارتكاباته».

ويرى قباني ان هناك إخلالاً في بعض بنود الاتفاق الذي رعته مصر عبر القنصل في السفارة المصرية شريف البحراوي وخصوصاً العشاء الذي كان متفقاً ان يقيمه رؤساء الحكومات كحفل وداعي لقباني قبل 15 سبتمبر ليكون بمثابة «حفل مصالحة».

واذا كانت العيون بقيت شاخصة على «الشق الأهم» من المبادرة المصرية الذي قضى بإسقاط الدعاوى القضائية التي رُفعت بحق قباني ونجله راغب وعدد من المقربين منهما، فان حفل تنصيب دريان سرق كل الأضواء في الشكل والمضون اذ حضرته نحو 1500 شخصية سياسية ودينية مسيحية وإسلامية لبنانية وعربية ابرزها مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، وممثل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الشيخ سليمان بن عبد الله بن ابي الخير.

اما في المضمون فشكّلت الكلمات التي أطلقت في المناسبة ما يشبه «الصوت الواحد ضد الارهاب» ومع صون الاسلام المعتدل وثوابت العيش وبناء الحياة المشتركة في لبنان والعالمين العربي والاسلامي.

وقد اكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أن «العلاقات داخل الطائفة الإسلامية ليست في أفضل حالها»، معتبراً أن «إسلامنا العظيم، دين المحبة والاعتدال والوسطية والتسامح، يتعرض اليوم لهجمة شرسة من جماعات تكفيرية ظلامية تعيث فساداً في الأرض».

ورأى ان «عملية تنصيب مفتي الجمهورية تدشن عهداً جديداً في مؤسسة دار الافتاء»، التي دعاها الى «استكمال الدور التاريخي الذي طالما تولته في حياتنا الوطنية، سواء في شد اللحمة داخل الطائفة السنية او في العمل على التقريب بين المذاهب الاسلامية او في مواقفها المتقدمة من الحوار الاسلامي - المسيحي وحرصها الدائم على الوحدة الوطنية»،

وفي حين تحدث مفتي الديار المصرية، عن مهمة شاقة للمفتي الجديد، في مقدمة أهدافها «جمع الصف اللبناني ونشر الاعتدال والتعايش بين أبناء الشعب اللبناني، بكل أطيافه ومذاهبه، ما يتطلب مبادرات إصلاحية»، أكد ممثل خادم الحرمين، أن مجيئه ومشاركته في هذا الحفل هي «بتوجيه من خادم الحرمين، رجل السلام وداعية الاعتدال الذي ضرب مثالاً رائعاً في مكافحة الإرهاب والإرهابيين ومواجهة التطرف والمتطرفين»، مؤكداً «وقوف السعودية الدائم إلى جانب لبنان والمسلمين المعتدلين في كل بقاع الأرض».

اما المفتي دريان فرفع الصوت عالياً في مواجهة ما وصفه «عصائب ضالة ومضلة» تهجر وتقتل باسم الدين والمذهب من اجل شهوات السلطة والثروة والامبراطورية، وقال: «لدينا مسؤوليات كبرى في ما يخص اجهزتنا الدينية في الامامة والتدريس والتربية الاسلامية»، مؤكداً انه «ينبغي ان نكون حاضرين ومبادرين لحماية الناس وحياتهم وليس لتسويق القتل باسم الدين»، ومعلناً: «لن نسمح لاحد ان يخطف منا ديننا او وطننا او سلامة انساننا وأمنه واطمئنانه»، ومعتبراً ان «السلاح هو البلاء الاعظم»، معلناً «التمسك بالعيش المشترك الاسلامي - المسيحي، باتفاق الطائف، والالتزام بنهج السلم والسلامة والاسلام الكفيل بحماية الانسان والاديان والاوطان».

وكانت كلمة نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان قوبلت بتنويه الحاضرين وتصفيقهم، لا سيما وأنه بدأها بالإشارة الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي قال انه يتذكره في كل خطوة يخطوها من أجل لبنان والعرب والمسلمين، وكذلك عندما ختمها بالدعوة الى نزع السلاح من أيدي الناس ليكون فقط بيد الدولة والجيش، داعياً الى أن نذهب جميعاً الى عرسال سنّة وشيعة ودروزاً ومسيحيين لإنقاذ العسكريين الأسرى.