شباب يجوبون العالم في رحلات برية بحثاً عن الإثارة والتشويق ... والمخاطرة
كويتيون يحيون أمجاد «الجياتي» في أوروبا : نقطع الديار البعيدة ... ولانحسب الأخطار
| كتب غانم السليماني |
1 يناير 1970
08:42 ص
• رحلة أوروبا رفعت سعر «الجياتي» أضعافا... وبلغت حالياً الـ 15ألف دينار
• كويتيو «زلمسي» استقبلوا الشباب بالابتسامة والروح الطيبة وفي «تشيك» استقبلوهم بالذبائح
• منظمو الرحلة يحرصون على إظهار وجه الكويت المشرق ويضعون صور سمو الأمير وولي عهده وأعلام الكويت بكل فخر واعتزاز
• البريكي : بفضل عزيمة الشباب استطعنا الوصول إلى بر الأمان والعودة لديارنا سالمين غانمين
• جميع السيارات خضعت لتطوير وتقوية وتجديد في محركاتها
• محمد الدريع : واجهنا مصاعب الانتظار الطويل في ميناء تركيا
• إبراهيم العازمي : نستطيع السفر بالطائرة وعلى الدرجة الأولى ... لكن اخترنا الطريق البري بحثاً عن المتعة
«جياتي» شباب الكويت تغزو اوروبا... هكذا كان المشهد لافتا، عندما بدت اطلالتها وسيارات شبابية اخرى في الشانزلزيه و«الاجوان رود» محل اهتمام واسع من قبل الاوروبيين، بينمااستقبل الكويتيون «فيديوهات» رصدتها تحت برج ايفل وامام قصر برمنغهام بكثير من الضحك والتندر...والتشويق.
«الجياتي ال 77» صاحبة الصولات والجولات التاريخية على ميادين الاستعراض والتحدي قبل عقود تتألق من جديد بعد هذا الحضور «البهي» في شوارع اوروبا، فيما يتحدث محبوها عن ارتفاع اسعارها حاليا على نحو خيالي ووصول الجيد منها الى اكثر من 15 الف دينار على خلفية تألقها في شوارع باريس ولندن والنمسا واسبانيا.
مسار الرحلة
لكن كيف انطلقت «الجياتي وغيرها من سيارات السبورت القديمة» من الكويت الى اوروبا وقطعت كل هذه المسافات الطويلة؟
يقول شباب هذه الرحلة ممن تحدثوا لـ «الراي» عن تفاصيلها واحداثها ومحطاتها الساخنة ان المسافات الطويلة التي قطعوها كانت أشبه بـ «الحلم»، حيث فيها المنهك والمتعب والبديع الممتع، لكن قطعا كانت الرحلة بابا للمغامرة والمخاطرة والتشويق،انطلاقا من تسلم السيارات في تركيا بعد شحنها من ميناء الكويت مرورا بالطرق الاوروبية الشاسعة المحاطة بالغابات وصولا الى المحطة الاخيرة في ميناء طنجة المغربي حيث تشحن السيارات وتعود الى ميناء الكويت.
فعلى جناح «الجياتي ال 77» نسبة الى طرازها الصادر في العام 1977 انطلق إبراهيم العازمي ورفاقه برحلتهم البرية إلى أوروبا التي استغرقت شهرين،تنقلوا فيها مابين عدد من المدن والعواصم الاوروبية، فكانت في بعض محطاتها وطرقها الوعرة وقراها الصغيرة لاتخلو من التعقيدات والصعاب،لاسيما عندما كانت تمر هذه السيارات عبر بيوت من خشب وخطوط وعرة انتهاء بمدن عالمية صاخبة يخضع السير فيها لقانون صارم ولا مجال هناك لارتكاب المخالفات التي تكلف مبالغ طائلة
الجياتي في رحاب لندن
رحلة عاشقو الجياتي ذات الموديل القديم الراسخة في ذاكرة شباب الكويت في السبعينات والتي كان لها صولات وجولات قبل أكثر من 30عاما تجدد عطاءها في شوارع الشانزلزيه ولندن واكسفورد ستريت فيما بلغت كلفة هذه الرحلة « 5آلاف دينار لكل سيارة واحدة».
يقول العازمي : «كنت مصرا على السفر بسيارتي (الجياتي ال77 ) مع مجموعة من الاصدقاء الذين يملكون نفس السيارة،إلى جانب آخرين منهم من لديه فورد موستينغ وذلك لعشقنا الكبير لتلك السيارات بالرغم من أننا نستطيع السفر بالطائرة على الدرجة الاولى والسكن في أفخم الفنادق الاوربية» مضيفا: «المادة متوافرة والامكانات جاهزة لكن إخترنا الطريق البري بحثا عن المتعة والاثارة».
ويستذكر العازمي تفاصيل الرحلة الشيقة من «بداية الانطلاق من الكويت بعد شحن السيارات عبر الميناء الى تركيا بواسطة شخص اسمه أبو طارق بكلفة وصلت تقريبا الى ألف دينار شاملة التأمين والرسوم والنقل واستغرقت شهرا حتى وصلت».
تعقيدات
ويزيد: «تسلمنا السيارات في اسطنبول وواجهنا بعض التعقيدات والتأخير في عملية الاستلام، ولولا وجود وسيط لاخذت وقتا أكبر، وبعدها توجهنا بالسيارات عن طريق البر إلي بلغاريا وكان الطريق متعبا ومكسرا سرنا فيه ساعات».
ويكمل العازمي «وصلنا الى بلغاريا اول ايام العيد،وذبحنا الخروف هناك، وبعدها توجهنا إلى رومانيا الجميلة التي تتميز بشعبها اللطيف '، وسكنا في أكواخ خشبية، وتوجهنا بعدها إلى هنغاريا مرورا فقط ثم إلى سلوفاكيا وتحديدا في مدينة بشتي، وخرجنا منها إلى بولندا وكان أيضا الطريق متعبا ولولا «الجارمن» لما وصلنا وجلسنا في بولندا أربعة أيام وهي دولة (شرحة... وحلوة وزينة) وشعبها نفسيته حلوة وهي أول دولة نأكل فيها أكلا عربيا».
وتابع «بعد بولندا توجهنا الى التشيك المليئة بالكويتيين المصطافين هناك للعلاج واستقلبونا بالذبائح والكرم والابتسامة،وأحرجونا بصراحة بلطفهم وكانوا لايتركوننا إلا عند النوم، ومن ثم دخلنا منطقة تبليسة، وبعدها توجهنا الى النمسا وجلسنا فيها عدة أيام وكان الوضع القانوني فيها ممتاز،ودفع المخالفات فوري وبعض المخالفات تكسر الظهر».
زلمسي روعة
ويقول العازمي ان «أفضل منطقة استمتعنا فيها زلمسي ففيها عدد كبير من الكويتيين، وكانوا يلتقطون الصور التذكارية معنا ويستقبلوننا بالابتسامة والروح الطيبة، فتجد (الشايب ) يطلب أن يركب الجيتي، ويقول ذكرتني بأيام الشباب،وكانت لحظات جميلة وممتعة لنا،وبعدها توجهنا إلى سويسرا( انترلاكن ) وهي من أكثر المدن سحرا وخيالا وجمالا... وبعدها توجهنا إلى فرنسا».
باريس غير
ويتدارك قائلا: « كنا نسمع عن فرنسا بأنها (موشي) ومافيها أماكن حلوة،ولكن تفاجأنا أنها من أفضل الدول والتقطنا صورا تذكارية فيها ومنها تحت برج إيفل، ومددنا الرحلة أيام عدة في باريس بعدها توجهنا إلى لندن بالقطار تحت البحر وقل عددنا لعدم حمل بعض الاصدقاء تأشيرة لدخول بريطانيا».
لندن وشوارعها العكس
وأفاد العازمي أن «القيادة في شوارع لندن بالعكس والكل كان يحذرنا ويقولون دير بالكم من الحوادث ولكن الحمدلله لم نجد صعوبة،وكنا نقود السيارات بكل سهولة والامر عادي ولكن المشكلة ان الاسعار في لندن غالية،وقطينا 1500دينار في خمسة أيام وبعد لندن رجعنا إلى فرنسا».
ويواصل سرد تفاصيل الرحلة : «توجهنا إلى أسبانيا،وكانت حارة...و (ماتنبغى ) وبعدها توجهنا إلى ملقا ونقلنا السيارات عبر عبارة إلى ميناء طنجة في المغرب ومنها الى ميناء الكويت وجلسنا في المغرب اياما».
رحلة أوروبا رفعت سعر الجياتي
ويؤكد العازمي أن «رحلة الجياتي إلى أوروبا رفعت سعرها أضعافا مضاعفة،وتغيرت نظرة الناس لها حيث يتجاوز سعرها حاليا الـ 15ألف دينار»، لافتا الى ان «الجياتي تمتاز بالقوة والمتانة ولم تتعطل طوال هذه الرحلة الطويلة».
تشويه السمعة
ويستغرب العازمي من «الاصوات التي تقول بأننا شوهنا سمعة الكويت» قائلا: «بالعكس نحن أكثر من نحافظ على القانون ونسعى للحفاظ عليه، وتعلمنا في أوروبا تطبيق القانون،وربط حزام الامان لان الشعب كله ينفذ القانون ويجعلك تستحي ان تخالف القانون وهذا الامر جيد ويعزز من نشر القانون بين المجتمع».
ويوضح : «طريقة تجاوز السيارات يتم وفق القانون وكذلك استخدام الاشارة والتنبية وليس كما يحصل في الكويت يحذف عليك على طول».
ويقول محمد الدريع وهو احد الشباب المشاركين في رحلة التشويق والمغامرة إن «المواقف الصعبة التي واجهتنا كثيرة، أصعبها الانتظار الطويل في ميناء تركيا، إلى جانب بعض المخالفات المرورية مثل عدم استخدام أنوار السيارة في النهار، والوقوف في المناطق الممنوعة» مضيفا: «الالتزام بالقواعد المرورية كان ديدننا طيلة الرحلة وسعينا تجنب الوقوع في المخالفات قدر المستطاع».
وحول قيمة المخالفات التي ارتكبوها في الرحلة يقول الدريع انها «بلغت 250 دينارا تم دفعها كاش، لحظة وقوع الخطأ أو المخالفة ونستلم الفاتورة من رجل الأمن الذي يعاملنا بكل احترام وتقدير... فالشباب قد يغفل أو ينسى في الشارع ويرتكب أخطاء دون قصد».
شعارات وطنية
ويتابع «منظمو الرحلة يحرصون على إظهار وجه الكويت المشرق،ويضعون صور سمو الأمير وولي عهده وأعلام الكويت بكل فخر واعتزاز» لافتا إلى أن «الأوروبيين يتحدثون معانا بكل لطف واحترام وفي بعض المناطق لا نفهم حديثهم».
ورغم ان الرحلة كانت طويلة الا ان أحمد البريكي يرى بأنها «كانت ممتعة،اذ قضينا أياما جميلة وكل محطة أو منطقة نقف عندها نلتقط الصور التذكارية ونحظى بنظرات إعجاب من قبل المصطافين الكويتيين الذين يحرصون على التصوير معنا وطرح بعض الأسئلة وتبادل الأحاديث الجانبية».
ويؤكد البريكي أن «السفر عن طريق البر يتيح للمسافر مشاهدة الطبيعة والجبال الخضراء والغابات والمدن والقرى والتعرف على عادات و تقاليد الشعوب كما أن السفر مع سيارات ترافقك ينسيك هم الطريق».
تكرار التجربة
ويضيف: «هناك غلاء في حال السفر عن طريق البر وبخاصة مع وجود سيارات يتم نقلها أحيانا عبر البحر لكن هذا لم يمنعنا من امكانية تكرار التجربة في العام المقبل رغم المخاطرة» مضيفا: «الكثير كان يحذرنا من خطورة السفر بالسيارة وكان هذا يشكل ضغطا كبيراً علينا ولكن بفضل عزيمة الشباب استطعنا الوصول إلى بر الأمان والعودة لديارنا سالمين غانمين».
وعن مدى تحمل السيارات ذات الموديلات القديمة المسافات الطويلة في السفر يجيب البريكي « جميع السيارات خضعت لتطوير وتقوية في محركاتها وتجديد إضافة إلى الصيانة الدورية للمحركات وبعضنا لديه خبرة في الميكانيكا وإصلاح الأعطال».
مشاركون في إحدى الرحلات
محمد سليمان الدريع، أحمد حمود البريكي، سعد مفلح البواردي، عبدالعزيز محمد المجرن، يوسف خالد الرومي، يوسف عادل المحيلبي، محمد سعد المجرن، وسالم سعد البواردي.
تفاوت أسعار البنزين
نوه أصحاب الجياتي الى انهم رصدوا خلال الرحلة تفاوت أسعار الوقود في الدول الأوربية، فترتفع في دول وتنخفض في دول أخرى في حين اعتبروا ان اصعب المواقف التي واجهوها هي « عدم وجود سكن في القرى التي يصلونها ليلا» وذكروا ايضا ان «معظم السيارات المشاركة في الرحلة لم تصل الى الكويت حتى الان وربما تحتاج أياما لتصل الى الميناء».
لا «للتقحيص»
نفى المشاركون في هذه الرحلات البرية المتجهة من الكويت الى أوروبا مايتداول في وسائل التواصل الاجتماعي بأنهم «يقحصون بالشوارع والأحياء». وقالوا ان « بعض الصور تعود لسيارات خليجية وليست لكويتيين».