نافذة... الأمل / أسرى التعاسة
1 يناير 1970
03:07 م
الاحساس بالتعاسة من أكثر الأحاسيس التي تهدم الإنسان، وتلتهم يومه قبل غده، ليصبح أسيراً بلا قضبان... فكيف لو كان هذا الإحساس يتملك نفوس الأطفال الندية التي لم تشرق بعد... إنه لأمر محزن ويتسبب بالكثير من الضرر!
فقد كشفت جمعية الأطفال البريطانية، في تقارير صدرت عنها أخيراً، أن الأطفال البريطانيين هم الأتعس بين أطفال الدول الغربية، وجاء تصنيفهم في المرتبة الـ 30 من 39 دولة داخلة في التصنيف.
يأتي ذلك في الوقت الذي أشارت فيه دراسة منفصلة، أجريت في 11 دولة تم اختيارها عشوائيا من جميع أنحاء العالم، إلى أن الأطفال البريطانيين يعتبرون أنفسهم الأتعس، يليهم أطفال الجزائر ورومانيا. ويعود ذلك إلى أنهم يعانون من مناخ تربوي «سام» كما وصفته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، حيث انهم يعانون الكثير من الضغوط في مدارسهم وعلى الانترنت، «فحياتهم مليئة بالخوف من الفشل والتنمر أو البلطجة وعبء المحاولات المضنية للحصول على الرشاقة والجاذبية، مما يسبب لهم الكآبة».
هذا لا يعني أن أطفال بعض الدول الإفريقية والعربية لا يعانون أيضاً، بل ويخافون من أمورأخرى أكثر قسوة، مثل الجوع والفقر والمرض والحرب، وقد يتطور خوفهم حتى الموت. فإذا كان الطفل البريطاني يعاني من فوبيا الخوف من المستقبل التي جعلته يصل إلى الإحساس بالتعاسة، فالأطفال في الدولة الأقل حظاً من التقدم والرفاهية، وما أكثرهم، يتملكهم أيضا الإحساس بالتعاسة، لكن من أسباب أخرى للخوف أكثر شراسة. ولا يستهين أحد بالخوف فهو أحد الأسباب الأساسية في تفتت الشخصية وتلاشيها. إنه العدو الأعظم للإنسان منذ وجد نفسه على سطح كوكبنا.
الإحساس بالخوف نسبي، ويختلف من بيئة لأخرى ومن زمن لآخر. وكذلك يختلف في تأثيره بين طفل وآخر. ويرجع ذلك لمدى القدرة على التحمل النفسي، فالذي يخيف طفلاً في جنوب الكرة الأرضية، قد يتسبب بالهلع لطفل آخر في الطرف الآخر منها، ويودي بحياته إلى الموت.
إن مشاكل الطفولة على جميع مستوياتها، من «خوف، عنف، مرض، جهل، إلخ...»، من أهم المشاكل التي تجب مواجهتها والسعي للتغلب عليها، فنسبة الأطفال في العالم تصل إلى أكثر من ربع السكان، وإذا كان تعداد سكان العالم حوالى 2.7 مليار نسمة، فإن عدد الأطفال في العالم 2.2 مليارنسمة.أما في وطننا العربي فيمثل الأطفال 42 في المئة من التعداد السكاني أي ما يقارب نصف تعداد السكان، فتصبح المشكلة أكبر، وفي الكويت يمثلون 27 في المئة من سكانه... انهم يمثلون في جميع المستويات نسبة كبيرة ومؤثرة، فعدم الاهتمام بهم وتجاهل مشاكلهم يتسبب بدق ناقوس الخطر من حدوث جرائم قد تتفشى في المجتمعات اليوم وتدمر العالم غدا. فالسعي لتحقيق احتياجاتهم، واشباع متطلباتهم، وخلق حالة من التوازن النفسي للأطفال كي يصبحوا أسوياء، يجب أن تكون غاية كل مجتمع يسعى لمستقبل أفضل وغد أكثر أمانا وتقدما...
فلنزرع البسمة في عيون أطفالنا اليوم... لنحصد مجتمعاً لا يعرف العنف ولا التعاسة.
«الإنسان يخسر سعادته في حالتين: عندما يكون عنده اقل مما يحتاج، فالفقر يضعف الجسم، أو عندما يحصل على أكثر مما يحتاج، فالترف يكسبه الرخاوة» (الفيلسوف اليوناني أفلاطون).
* كاتبة كويتية
Amal.randy@yahoo.com