«الراي» عاينت واقعهم بعدما وُضعوا في «فوهة بركان الغضب» على ذبْح الجندي مدلج
النازحون السوريون في لبنان بين «فكيْ» الاتهام و... الانتقام
| بيروت - من أسرار شبارو |
1 يناير 1970
04:29 م
• القصير لـ «الراي»: سجون لبنان صارت كسجون الأسد وكل سوري متهَم أنه «داعشي» حتى إثبات العكس
منذ إعلان «الدولة الإسلامية» (داعش) إعدام الجندي اللبناني الثاني عباس مدلج الذي كانت تحتجزه مع العسكريين الآخرين الذين أسرتهم في المواجهات التي انفجرت مع الجيش اللبناني في عرسال في 2 اغسطس الماضي، وُضع النازحون السوريون في لبنان في «فوهة بركان الغضب» الذي انفجر في الشارع على شكل قطع طرق وانتشار مسلح في أكثر من منطقة ولا سيما البقاع وسط مطالبة للاجئين بالمغادرة «الفورية» من بعض المناطق تحت طائلة «الانتقام منهم».
وجاءت تداعيات ذبح مدلج، بعد نحو عشرة ايام من نحر الرقيب علي السيد، لترفع منسوب الاحتقان حيال النازحين السوريين الذين كانوا وجدوا أنفسهم بعد أحداث عرسال، التي تخللها خروج مسلّحين من داخل مخيمات النازحين في البلدة شاركوا في الاعتداء على الجيش، في قبضة إجراءات احترازية في عدد كبير من مناطق انتشارهم اتخذتها البلديات وبينها منع تجوّلهم ليلاً.
ولم تكد صور مدلج مذبوحاً تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى صار النازحون بين فكيْ الاتهام والانتقام الذي اتخذ شكل حرق خيم في بريتال البقاعية، وتفكيك خيم من مخيم حوش الغنم وآخر على تخوم بلدة علي النهري وغيرها من أماكن تجمع اللاجئين، اضافة الى الاعتداء بالضرب على عمال سوريين في الضاحية والشويفات حيث ارغم بعض الشباب الغاضبين سائق باص على النزول من مركبته وانهالوا عليه ضرباً، وصولاً الى توزيع مناشير في أحياء من الضاحية الجنوبية ليل السبت طالبت اللاجئين بالمغادرة سريعاً بمهلة أقصاها 15 سبتمبر الجاري وإلا «اعذر من أنذر»، فجاء الردّ من «داعش» مهدداً بذبح كل الأسرى العسكريين الشيعة في حال الاعتداء على النازحين ومن «جبهة النصرة» التي لوّحت عبر «تويتر» بأن الرد «سيكون قاسياً في حال الاعتداء على السوريين وسنبدأ بقتل العسكريين المحتجزين لدينا».
ولم تشفع دعوات «حزب الله» عبر رئيس الهيئة الشرعية الشيخ محمد يزبك الذي طلب عدم الاعتداء على اللاجئين، في تشكيل «بوليصة تأمين» لهؤلاء الذين راحوا ينزحون نحو مناطق «سنية»، وسط مخاوف من محاولة جعلهم جزءاً من «توازن رعب» مع خاطفي العسكريين.
الناطق باسم الهيئة العامة للثورة السورية وعضو وفد المفاوضات السابق في ملف المخطوفين العسكريين أحمد القصير أكد لـ «الراي» أن ملف المخطوفين «أثّر جداً على النازحين، وردة الفعل من الدولة والجيش اللبناني كانت كبيرة من خلال المداهمات في الشمال والبقاع والجنوب والاعتقالات العشوائية التي حصلت، فأي تجمع للسوريين بات يُعتبر بؤرة أمنية وأي سوري أصبح متهَماً حتى تثبت براءته»، واصفاً السجون اللبنانية بـ «أنها باتت كسجون الأسد تعج بالنازحين على قاعدة ان كل سوري متهم أنه داعشي حتى إثبات العكس».
وضرب القصير أمثلة عديدة منها حسب قوله «اصابة شاب في الرابعة عشرة من العمر في رأسه أثناء معركة عرسال، تم نقله عبر الصليب الأحمر إلى مستشفى خارج البلدة، ليوقفه الجيش اللبناني وينقله إلى سجن الريحانية، اضافة الى مصاب آخر في السادسة عشرة من العمر بترت قدمه وتم توقيفه من الجيش بعدما نقله الصليب الأحمر إلى احد المستشفيات وقد منع أهله حينها من الدخول إلى غرفته وجرى أخذ هاتفه منه».
ورأى أن «ما يحصل لعبة وفتنة كبيرتان»، لافتاً الى «أن انفجار الوضع ليس ببعيد إذا بقيت تصرفات حزب الله على ما هي»، ومحذراً من أن «الوضع لن ينفجر على النازحين فقط بل سيطول اللبنانيين».
وإذ اعتبر أن «الثورة السورية خرجت من رحم الظلم الذي ذاق لبنان مراراته»، أسف لـ «قلة الوعي لدى بعض الوزراء الذين ينظرون إلى الثورة السورية على أنها ثورة داعش والنصرة وللمواقف الصادرة عن بعض السياسيين اللبنانيين، اذ نسمع أن وزيراً يريد ترحيل النازحين وآخر يتأفف من قلة المساعدات»، ومضيفاً: «الكثير من الشعب اللبناني يتعاطف مع ثورتنا، لكن تصريحات المسؤولين تهدف إلى احداث شرخ بين الشعبين بدل أن تعمل الحكومة على اتخاذ مواقف لسلامة العسكريين».
وكانت «الراي» استطلعت مواقف النازحين مما يحصل. وفي شارع صبرا احد أحياء بيروت الفقيرة وقف عماد مع عائلته بانتظار سيارة أجرة تنقله إلى مكان سكنه في منطقة سن الفيل. وعند سؤاله عما إذا كان يخشى من أن تطوله شظايا الملف المعقد، أجاب: «بالتأكيد وها هي بدأت، فنحن نتعرض لمضايقات كثيرة لا سيما في المناطق الشيعية، فأنا أخشى الذهاب إلى الضاحية على سبيل المثال، نظراتهم لنا غير مريحة، بتنا نشعر بأننا غير مرغوب فينا في هذا البلد، وأسألهم لماذا كل هذا الحقد؟ لو كنا من داعش لما كنا في لبنان، بل كنا نحارب على الجبهة، نحن هربنا من سورية كي نلقى حياة كريمة فلم نجد سوى الاحتقار».