رأي مالي

إلى متى يمكن للأسواق الاستمرار في منحى الصعود ؟

1 يناير 1970 07:42 ص
يدفع الارتفاع المتواصل لأسواق الأسهم ووصولها إلى مستويات قياسية المستثمرين، للتساؤل عن المدى الزمني الممكن لتواصل هذا الارتفاع، وعن موعد موجة التصحيح المقبلة.

وتستهدف هذه التساؤلات أسواق الأسهم باعتبارها أصولا ذات مخاطر، إلا أنه يمكن لهذه التساؤلات أن تطول أيضاً بعض الأصول الأخرى مثل السندات والعقارات.

وتشمل الأسواق الصاعدة التي بدأت في عام 2008، جميع الأصول المالية والعقارية باستثناء سوق السلع، وتجعل الطبيعة البشرية الإنسان مكتئباً ومتشائماً عندما تكون الأسواق متدهورة، وسعيداً ومتفائلاً عندما تكون الأسواق في حالة جيدة وفي ارتفاع دائم.

إن أحد الجوانب المضيئة بالنسبة للمحللين والمستثمرين، يتمثّل في التقديرات التي تتوقع تسارع النمو العالمي في العام المقبل، إلا أننا لا نعتقد أن ذلك من الحكمة، وهو أمر يحاكي الرضا الذاتي.

يمكننا أن نفهم لماذا مازال المستثمرون متفائلين بشأن الأسواق المالية، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو الأسواق الصاعدة التي بدأت في عام 2008.

دعونا لا ننسى أن نفسية المستثمر وتفكيره تعكس عادة الأداء في الماضي القريب، كما أن العوائد الإيجابية إلى جانب معدلات التقلّب المنخفضة في الأسواق، شجعت أيضاً هذا التفكير الإيجابي عند المستثمرين.

لقد كان العام الماضي أحد أفضل الأعوام بالنسبة لمعظم أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، وكذلك الأمر بالنسبة للسندات والعقارات، وبإمكاننا أن نعزو ذلك بسهولة إلى الإجراءات التي اتخذتها معظم الحكومات والبنوك المركزية حول العالم.

وينبغي على المستثمرين التذكر دائماً أن الأداء الجيد في الأيام أو الفترات الماضية، لا يعني بالضرورة أن الأداء في المستقبل سيكون مشابهاً، ونحن لا نستطيع التنبؤ بالأداء المستقبلي استناداً على الماضي بشكل بحت.

إلا أن الأسواق الصاعدة يمكن أن تستمر لفترة أطول بكثير ما يمكن لأي شخص أن يتوقع، إننا نعتقد أنه لطالما بقي العائد على النقد، الذي من المفترض أن يكون من دون أي مخاطر، عند مستوى الصفر أو على مقربة منه، فإن الأموال ستستمر بالتوجه إلى الأسواق المالية والعقارية.

وتبحث معظم هذه الأموال في الوقت الحاضر عن العوائد بدلاً من القلق بخصوص زيادة رأس المال، ونحن نعتقد أن استراتيجيات الزخم الحالية تعمل بشكل جيد وستستمر في الوقت الحاضر، وينبغي على المستثمرين عدم القلق مما يخبئه المستقبل، ومن المسلّم به أهمية وضرورة اعتماد نوع من نظام إدارة المخاطر.

إن التقييمات مازالت تُفضّل الأسهم عندما تتم مقارنة هذه الأخيرة بالنقد وعوائد السندات والعقارات، ويبدو أن هناك حلقة مفرغة، فكلما بقيت العوائد على النقد منخفضة جداً، واستمرت العوائد على السندات والعقارات بالتراجع، كلما واصلت أسعار الأسهم بالارتفاع.

وتعتبر بعض الأسهم وعلى أساس تاريخي مرتفعة الثمن، ولكن ليس عندما تتم مقارنتها بالسندات أو بالنقد، وبناء على ذلك وإذا كنّا نعتقد أننا ما زلنا نعيش في سوق صاعدة، وأن التقييمات غير مبالغ فيها فما الذي ينبغي أن نبحث عنه لتحديد أي موجة تصحيحية آتية أو فقاعة أو لتحذيرنا منها.

إن لم تكن في العادة المغالاة في التقييم فإنها ستكون إما فقاعة في الاقتصاد، أو خطر حدوث تضخم جامح، ولم تعد الدورة الاقتصادية تتصرف بطريقة طبيعية، منذ الأزمة المالية التي بدأت في عام 2007، وتسببت بأضرار كبيرة في الاقتصاد العالمي.

وفي حين كانت بعض الاقتصاديات تحقق معدلات نمو مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، فإن اقتصاديات أخرى مثل منطقة اليورو كانت تعاني من حالة ركود. ولم تنج الاقتصاديات الناشئة من هذه الظاهرة الجديدة، ولقد كانت الهند تحقق نمواً بينما تباطأ النمو الاقتصادي الصيني، في حين دخلت البرازيل أخيراً مرحلة ركود، ولذلك كله أصبح من الصعب على المستثمرين التنبؤ بالدورة الاقتصادية الحالية.

إن الانحراف بين النمو الاقتصادي الفعلي، واتجاه النمو والنمو المستقبلي من جهة، والاستجابة للسياسات من جهة أخرى، كانت استثنائية إن لم تكن غير مسبوقة.

في محاولة للتنبؤ بالمدى الزمني الممكن لتواصل هذه السوق الصاعدة في معظم الأصول، نحن بحاجة لاستيعاب وفهم كيف وُجِدَت هذه السوق.

لقد كان الاقتصاد العالمي يعمل بطاقة انتاجية فائضة كبيرة وهو ما قلل من خطر التضخم، لقد كانت بعض الاقتصاديات تنمو، وهو الأمر الذي ساعد أرباح الشركات على النمو بما يتوافق مع معدلات النمو الاقتصادي أو أفضل منها.

إن معدلات النمو الاقتصادية هذه لم تكن قوية بما يكفي لتهديد الجانب المعروض في الاقتصاد، وبالإضافة إلى ذلك فقد أدركت البنوك المركزية أخيراً أنه تم إهدار موارد ضخمة، ولذلك اتخذت إجراءات لخفض أسعار الفائدة على المديين القصير والطويل لتصحيح الخلل.

إن كافة هذه العوامل وباختصار، أدت إلى هذه السوق الصاعدة التي نعيشها اليوم، وبناء على ذلك فإن وصول هذه السوق الصاعدة إلى نهايتها يحتاج إلى انعكاس كل هذه العوامل التي تم ذكرها أعلاه.

وفي ظل بقاء الفائدة على الودائع النقدية عند مستوياتها المنخفضة جداً، واستمرار العوائد على السندات بالتراجع وقبل كل ذلك الاتجاه الهبوطي للتضخم فإننا نعتقد أن هذه السوق الصاعدة ستستمر في الوقت الراهن.