الحقيقة أن التقدم الحضاري كان دائما يقوم على التقدم في التربية والتعليم، والدول الأكثر تقدما هي من تدرك أن محورية الارتقاء بعقل الإنسان وروحه هي أساس النهضة والتقدم الحضاري، لذا منذ دهور والمتخصصون والمهتمون بالشأن التربوي ينادون بتحسين التعليم بجميع مراحله لأنه هو المدخل الحقيقي لتحقيق قفزة نوعية على الصُعد النهضوية كافة، فأول كلمة في أول آية في أول سورة نزلت على رسولنا - صلى الله عليه وسلم - هي كلمة (اقرأ)، فبالقراءة والكتابة ستكون لنا حياة جديدة وعالم جديد، نحن سادته وأساتذته.
المعلم هو محور العملية التعليمية حيث إنه يجسّد في عطائه وسلوكه ما يمكن أن يحدثه التعليم من تغييرات جوهرية في شخصية الإنسان، والمعلم هو الذي يمنح المعنى والفاعلية للمناهج الدراسية. وبما أننا مقبلون على سنة دراسية جديدة فهذه دعوة منا لكل معلم ومعلمة، طالب وطالبة، بأن يضع خطة من أجل تحقيق هدف تربوي تعليمي نبيل، وفي قمة هرم الخطة الحفاظ على الوقت، فالوقت هو رأس مالنا في هذه الحياة وعدم الاستفادة منه يشبه الذي ينثر ثروته المالية في الطرقات ومنها ما يتطاير، والجزء الآخر يصبح اشلاءً تحت أقدام المارة.
دائما استغلال الوقت على النحو الأمثل منتجاً من المنتجات الحضارية، أي أنه مرتبط بدرجة التقدم الاجتماعي والعمراني، إنسان الغد مطالب بأن يكون شحيحاً بوقته كشحه بماله، لأنه لا إنجاز من دون عمل، والعمل يحتاج دائماً إلى الوقت، وقد أشارت الخبرة التاريخية على أن الأوقات تذهب سدى ما لم نضغط عليها بأهداف مستقبلية، ولهذا فإننا نلاحظ أن أفضل الناس تنظيماً أفضلهم في الاستفادة من أوقاتهم.
فليحرص كل معلم على وضع أهداف تربوية ترتقي وتنهض بذاته وبطلابه، ويحرص كل طالب على وضع أهداف أخلاقية ودراسية توصله إلى ما يطمح إليه، والاستفادة من الوقت تتطلب أن يسأل كل معلم وطالب نفسه بعض الأسئلة التي تعينه على تحقيق أهدافه منها.. ما الشيء المفيد الذي يمكن أن يفعله الآن خلال السنة الدراسية لكنه لا يفعله؟، ما الشيء الذي إذا فعله بأسلوب أفضل وفر من الوقت الذي سيبذله فيه؟، هل أنا من الناس الذين ينامون أكثر من حاجتهم الفيزيولوجية، فيضيع بعض وقتي سدى؟، هل أنا من الذين يطيلون في الفاصل بين تكليف وتكليف؟، وهكذا... هذه الأسئلة ونحوها مفيدة جداً في تسليط وعينا على طرق تعاملنا مع أوقاتنا، وتطوير سلوكياتنا في طرق انجاز تكاليفنا.
لكل معلم وطالب وعامل حدد ما الذي تريده بالضبط، لتستنهض همتك، وتستنفر طاقتك، وتبذل جهدك، للحصول على مقصودك، بالتمام والكمال. إن الاهتمام بمتطلبات المستقبل على الصعيد التربوي يمكن له أن يساعد المعلم والطالب على تطوير معظم أساليبنا التربوية والتي تحتاج إلى الحماية من الجمود وضيق الأفق والترهل، قبل هذا وذاك علينا إخلاص النية لله وحده سبحانه، لنحصد ثمار تحقيق أهدافنا، والاحتفال بانجازاتنا.
twitter: @mona_alwohai
[email protected]