رأي قلمي

توضيح الواضح ...!

1 يناير 1970 01:47 ص
ركائز وعوامل الحرية لا تقوم على مفهوم سياسي يتلخص في فك القيد أو الأسر، ويصبح الإنسان حرا مستقلا لا شيء يقيده، الحرية هي من تقهر وتحطم وتهشم كل مفاهيم الاستبداد والاستعباد للناس، للحرية فلسفة كثير منا لا يفقهها، خصوصا الشق المعنوي منها، كلنا يفقه ويفهم معنى الحرية الملموس، وهو فك القيود أو التخلص من العبودية لشخص أو جماعة.

الحرية هي ألا تكبل طاقاتي وإنتاجيتي بجهلك وطغيانك، وتكرهني على ما لا أؤمن به من مبادئ وقيم وأخلاقيات، لا تجبرني على تغيير مسار أفكاري بما اعتقد به، ماهية الحرية وجوهرها في ربط وجودها بمجموعة من المفاهيم التي تتعلق بصيغ الوجود وطرقه. الحرية تُصَمم بما نعتقد ونؤمن به، فهي تصميم أخلاقي وفقاً لمعايير الخير، الحرية هي أن تجعلني اختار ولا تُسيرني بما أنت تختار، فهي القدرة على الاختيار بين الممكنات بما يحقق الإنسانية.

لا تجعلوا حريتنا حرية سالبة مسلوبة الإرادة بتقييد أفكارنا وطموحاتنا، بقمع وكبت رغباتنا، من أجل تحقيق مآربكم، لكل فرد من أفراد المجتمع حرية داخلية خاصة مرتبطة بإمكاناته وقدراته، من يستطيع أن يقيد أجسادنا، فلن ولم يستطع تقييد قدرتنا على التقرير والاختيار وتعيين ورسم حياة أوطاننا.

الحرية هي جزء من الفطرة البشرية فهناك أنفة طبيعية عند الإنسان لعدم الخضوع والرضوخ والإصرار على ما يتعارض مع فطرته الجبلية في امتلاك زمام القرار في ما يعتقد به من أفكار ورؤى ومبادئ، ولن يجيز أي كائن كان بتقييد حرية روحه بمشاعر، وعقله بأفكار تملى عليه.

لا يفهم من سطورنا السابقة أننا ندعو لدولة الغاب، بل ما نرمي له هو دولة القوانين الفعلية لا الشكلية، أي بتنظيم وتفعيل القوانين بما يتوافق مع طموحات الشعب، وينسجم مع توجهاتهم ومدارسهم الفكرية، وبما يحقق العدالة والمساواة بتطبيق القوانين دون تمييز، على الحاكم قبل المحكوم، وعلى الرئيس قبل المرؤوس، وعلى التاجر قبل المستهلك، وعلى الثري قبل الفقير.

كلماتي لا تدعو للحرية على إطلاقها، بل تدعو إلى تحرير الإنسان من بنيات اجتماعية غير متطورة، كالثقافة اللاعقلانية المنتشرة عند الكثير، كأن يكون لسان حال البعض لا تتدخلوا في إرادتي حتى وإن كان هذا التدخل هو حماية الآخرين من تصرف لا مسؤول صادر بحجة الحرية والتحرر وكسر القيود التي تتصادم مع مبادئ الدين والأعراف والعادات والتقاليد، بل على العكس كلماتي تدعو إلى الحرية المؤطرة بأطر راسخة متجذرة منذ آلاف السنين، لم يبق إلا أنْ نقول إنَّ للحرية ضريبة وجزية يجب على كل فرد أن يدفعها، وما تلك الضريبة إلا الحرية بذاتها.

twitter: @mona_alwohaib

[email protected]